لا شك أن العالم يواجه تحديات صعبة في مواجهة تغيرات المناخ، وعلى الرغم من تلك المصاعب، فأن الواضح أن لأهداف تغير المناخ انعكاسات إيجابية حول العالم وسكانه من خلال خفض التلوث في الهواء، هذا من ناحية، غير أن السؤال هو، هل ستقتصر انعكاسات تلك الأهداف على هذا الحد؟

 بالرغم من الأهمية البالغة التي تكتسيها الاعتبارات الصحية في النهوض بالعمل المناخي، ورسم الخطوط العريضة للتوصيات الرئيسية المقدمة إلى راسمي السياسات الدولية، لكن لمواجهة تحديات المناخ تأثيرات أبعد من ذلك، وفق مراقبين.

إذ يمكن أن يمتد أثر تلك الجهود إلى رسم خارطة من التحالفات الدولية المتينة، التي لا شك سيكون لها تأثيرا إيجابيا آخر يمكن أن ينعكس على المنطقة العربية على وجه التحديد، بحسبهم.

أهمية المنطقة العربية وسط تلك التحديات تأتي من كونها إحدى أبرز أسباب التأثير بالمناخ، وتفاقم تداعياته السلبية حول العالم، لاسيما فيما تساهم به في تفاقم حدة الاحتباس الحراري الذي يهدد العالم.

اقرأ/ي أيضا: كيف تواجه سوق العقارات مخاطر التغيّر المناخي؟

المنطقة العربية والتهديدات المناخية ودورها في التحول

فضلا عنما تمر به المنطقة العربية من تهديدات مناخية داخلية متصاعدة، تجلت في زيادة حدة العواصف الترابية في عدد من دولها خلال السنوات الأخيرة، ما يدفع العالم إلى شراكة حقيقة معها للحد من تلك المخاطر، ولما يمكن أن يساهم في تعزيز شراكات التحول إلى الطاقة النظيفة، التي تمثّل المنطقة واحدة من أهم مصادرها عالميا.

حيث تؤشر دراسات وتقارير إلى توجه العالم، الغربي منه تحديدا، للتحول لضرورة التحول إلى الطاقة المتجددة كجزء من مواجهات التحديات المناخية، ولدور المنطقة العربية في ذلك، لما تتمتع به من مصادر وفيرة لإنتاج الطاقة النظيفة.

ووفق الدراسات المنشورة، فأن المنطقة العربية تمتلك أكبر مصادر للطاقات المتجددة من الرياح والشمس، إضافة لمنطقة شمال أفريقيا لاسيما مصر والمغرب منها، مما يؤهلها لأن تكون واحدة من أكبر منتجي الطاقة النظيفة، وإحدى أهم عوامل مواجهة التحديات المناخية.

وتزداد تلك الأهمية من الإمكانات الطبيعية بهذا المجال في المنطقة العربية، التي تُعتبر من أهم مناطق العالم التي تتوفر فيها الطاقة الشمسية، خاصة وأن دولا عربية عدة تقع ضمن ما يسمى بدول حزام الشمس والتي تحظى بثلاثين يوم غائم أو أقل في السنة، ومعدل أمطار سنوي لا يتجاوز مئة ملليمتر.

وفي ظل هذا المشهد، وسباق التحول للطاقة المتجددة، ومواجهة تحديات المناخ، يحتم ذلك “على العالم عقد شراكات وثيقة مع المنطقة العربية والاعتماد عليها كلاعب أساسي في معادلة التحول بمصادر الطاقة”، يقول غروان الجبوري لموقع “الحل نت“.

اقرأ/ي أيضا: “هلال خامنئي” يشتعل.. بوادر شرق أوسط جديد تلوح في الأفق؟

المنطقة العربية وأهداف التغير المناخي في التحول العالمي

الجبوري، المهندس في وزارة الكهرباء العراقية، يضيف أن “مشروع التحول إلى الطاقة هو مرحلة تحول عالمي جديدة في تاريخ البلدان، وعلى الرغم من أنها ربما لن تفرض رسم تحالفات دولية جديدة، لكنها ستعزز الشركات التاريخية والتحالفات الاستراتيجية والتي ستكون المنطقة العربية في قلبها“.

كما تابع، أن “أمام المنطقة العربية مسار طويل وجديد سيضعها أمام التزامات عالمية جديدة، تفرض عليها العمل قدر المستطاع على فرض الاستقرار داخل بلدانها، ولربما هذا سيضعنا أمام علاقات عربية أكثر ترابط في المستقبل“.

الجبوري، واصل حديثه، قائلا إن “العلاقات العربية ستتطور أكثر، وبفعل ذلك قد تكون هناك تحالفات أمنية جديدة، منها ما يتم الحديث عنه في انشاء حلف ناتو عربي، لمواجهات التحديات الأمنية بالشكل التي تواجهها“.

واستدرك، أن “الخليج العربي يعيش مرحلة جيدة من التطور في تجديد مصادر الطاقة مقارنة بباقي بلدان العالم العربي، كما أنه ينعم باستقرار، لكنه ليس ذلك هو المطلوب على وجه التحديد“، مبيّنا أن “الحديث عن جهود مواجهة المناخ تطلب خلق بيئة أمنة أولا، تساعد في مرحلة التحول من الاعتماد على مصادر الوقود الاحفوري، واستغلال المساحات المفتوحة“.

وأن “استثمار المساحات المفتوحة سواء في عملية التشجير، أو نشر منظومات الطاقة الجديدة، لا يحتمل أي تهديدا، خاصة مع الالتزامات العالمية التي يمكن أن تعتمد مستقبلا على تلك المصادر في توليد الكهرباء وتشغيل المصانع، وغيرها من الاحتياجات“، بحسب الجبوري.

المنطقة العربية ودورها في التغير المناخي

بالتالي أن “العملية تتطلب إعادة خلق علاقات متوازنة مع العراق واليمن، وإنهاء حالة الصراع الإقليمي الذي تعيشه المنطقة، لغرض اللحاق في سباق التطور المناخي والطاقة“، لافتا إلى أن “وجود الدول العربية ضمن الاتفاقات العالمية في مواجهة التحديات المناخية ولربما مع تطور تلك الاتفاقيات قد يفرض ذلك أيضا التزامات عالمية اتجاه المنطقة العربية، ودعم في جهود فرض الاستقرار من مبدأ المصالح الدولية“.

دراسات علمية، تشير إلى المنطقة العربية إلى جانب شمال أفريقيا، تفوق غيرها من مناطق العالم في درجة حساسيتها للعوامل التي تتسبب في التغير المناخي، في حقيقة الأمر، وتيرة الاحترار الذي تشهده المنطقة أسرع بنسبة لا تقل عن 30 بالمئة، من المتوسط العالمي.

 بل إن بعض أجزاء المنطقة أضحى مهددا بالفعل بعدم صلاحيته للحياة، وفقا للدراسات، فالمشكلات البيئية التي تتعرض لها المنطقة -من التغيرات في درجات الحرارة، والتلوث الغباري، وندرة المياه – آخذة في التفاقم بحيث أصبح من الصعب حدوث بعض التغيرات الكبيرة، ومن ثم أصبح لزاما علينا تعلّم سُبل التّكيف، ومن نواحٍ عدة، يمكن النظر إلى المنطقة بوصفها مؤشرا مبكرا لاستشراف التغيرات المناخية المحتملة في العالم، ومنصة اختبار لإجراءات التكيف.

السبب في ذلك، أنها شديدة الجفاف، ناهيك بالارتفاع البالغ في درجة حرارة جوها وما لذلك من تأثيرات على دوران الهواء؛ فالكثير من الطاقة يستنفد عندما تتبخر المياه، ولكن في منطقةٍ تعاني من الندرة الشديدة للمياه، يكون هذا الأثر التعويضي أقل وضوحا بكثير مقارنة بما يحدث في أي مكان آخر في العالم، فعلى سبيل المثال، يتجلى بشدة هذا الأثر للمياه بالقرب من المناطق الساحلية بشبه الجزيرة العربية حيث تقل آثار الاحترار العالمي، كما تستفيد هذه المناطق أيضا من نسمات التبريد، وبالتالي يمكننا أن نتوقع مزيدا من هجرة السكان باتجاه المناطق الساحلية كأحد أوجه التّكيف المرتقب.

اقرأ/ي أيضا: شكل المواجهة بين “الناتو” وروسيا بعد إعلان بوتين التعبئة الجزئية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.