في 14 كانون الأول/ديسمبر الفائت، كشفت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، النقاب عن أدلة جديدة على تسليم أسلحة إيرانية لجماعة “الحوثي”، التي تدعمها طهران في اليمن، ففي قاعدة “أناكوستيا بولينج” المشتركة، في واشنطن العاصمة، عرض مسؤولو هالي، ووزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” شظايا صاروخية وصورا تظهر مجموعة من أنظمة الأسلحة الإيرانية التي تم اكتشافها في اليمن، إلى جانب طائرات “قاصف1″، بدون طيار وصواريخ “طوفان”، الموجهة المضادة للدبابات التي يستخدمها الحوثيون، وكلاهما يتطابق بدقة مع الأنظمة التي تنتجها إيران.

منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، شهدت الدولة تدفقا متزايدا في إمدادات الأسلحة. يتم توفير هذه الأسلحة بشكل قانوني وغير قانوني من قِبل القوى الإقليمية والدولية لجميع الفصائل الرئيسية في الصراع. في حين أن عمليات نقل الأسلحة وآثارها على الصراع في اليمن، قد حظيت باهتمام كبير، فإن الحقيقة المخفية هي أن الأسلحة يتم تداولها بشكل متزايد بين اليمن والصومال وجيبوتي والسودان الدول المجاورة للبحر الأحمر، ولكن كيف تغذي الأسلحة من اليمن الصراع في القرن الأفريقي، وما دور إيران في هذا الصراع.

إيران تغذي الصراع في أفريقيا

ديناميكيات تدفق الأسلحة في منطقة شديدة التّسلح، لها عدة أبعاد مختلفة. تهريب الأسلحة عبر خليج عدن والبحر الأحمر، له تاريخ طويل. ومع ذلك، فإن الحروب في اليمن والعدد الهائل من الأسلحة والمواد التي قدمتها إيران، عبر وكلائها قد بشرت بعصر ذهبي لتّجار الأسلحة الإقليميين.

حتى قبل اندلاع الحرب، كان لدى اليمن بالفعل ثاني أعلى معدل حيازة للفرد من الأسلحة النارية على مستوى العالم، تصاعد العنف منذ عام 2015، رافقه تدفق المزيد من الأسلحة. يمكن تقسيم مقدمي هذه الأسلحة إلى الجهات اليمنية بشكل أساسي إلى مجموعتين. من ناحية، يتم تزويد القوات الداعمة للحكومة اليمنية بالأسلحة من دول “التحالف العربي” الذي تقوده السعودية، وعمليات نقل الأسلحة إلى هذه الفصائل تخضع للمراقبة.

من ناحية أخرى، رغم خضوع الحوثيين لحظر أسلحة تفرضه الأمم المتحدة، إلا أن تدفق الأسلحة لهم يتم عبر وجهتين، الأولى عبر سفن عسكرية من طهران بشكل مباشر إلى ميناء الحديدة، والثانية عبر الصين وعلى الأرجح قدمتها إيران أيضا وفقا للمضبوطات الرسمية الرئيسية التي حصلت عليها قوات “التحالف العربي”.

يقول الصحفي اليمني محمد الدميني، لـ”الحل نت”، إن الأسلحة التي قدمتها إيران لحلفائها الحوثيين في اليمن، يتم تهريبها عبر خليج عدن إلى الصومال والسودان وجيبوتي، وهذا يتم توثيقه لدى المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.

ويشير الدميني، إلى أن مضيق باب المندب يبعد 20 ميلا، فقط من المياه التي تفصل بين اليمن وجيبوتي. يمكن للزوارق المزودة بمحركات خارجية قوية العبور من اليمن إلى إريتريا وجيبوتي، في ساعات خلال الطقس المناسب. فيما تستغرق السفن الكبيرة التي تبحر من اليمن أياما فقط للوصول إلى السواحل الواسعة والمكتظة بالسكان في بونتلاند، والصومال، وحتى السودان. وهذه السواحل غير الخاضعة للرقابة إلى حد كبير، هي التي تجعل المنطقة مثالية لتّجار الأسلحة، والشبكات غير المشروعة التي يعملون داخلها والتي تستغلها طهران في تغذية الصراع لأسباب سياسية مرتبطة بتوسعة نفوذها.

من حركة سياسية إلى مشروع إيراني

في غضون عقد ونصف، تحولت جماعة “الحوثي”، من حركة دينية محلية في صعدة، إلى قوة مهيمنة في الشمال، لها صلات بالفاعلين السياسيين في جميع أنحاء البلاد. وبدعم من إيران لعبت دورا مهما في تحديد نتيجة الانقسام في البلاد، والدخول في دوامة المحادثات واللعب على وتر الحل السياسي.

أبعاد الدعم الإيراني لم يتوقف عند جماعة “الحوثي” بحسب الدميني، فهي تعمل على ذات الاستراتيجية مع الحركات والميليشيات في القرن الأفريقي، عبر دعمهم بالسلاح ومن ثم توجيههم للعب على الوتر السياسي، السوقان الأساسيان لهذه الأسلحة هما، جنوب السودان وإثيوبيا. جنوب السودان، غارق في حرب أهلية وتواجه إثيوبيا توترات عرقية متزايدة. يقدم كلا البلدين فرصا وفيرة للنفوذ الإيراني.

تجد الأسلحة من اليمن، سواء تم توفيرها في البداية للحوثيين، أو التي يتم جلبها للحركات الأفريقية، طريقها بشكل متزايد إلى شرق إفريقيا بشكل خاص للسودان والصومال. ازداد عدد عمليات نقل الأسلحة المصادرة بين سواحل البلدين في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كان هذا بسبب توسيع التجارة أو تشديد الضوابط، إلا إن القوات البحرية الدولية تعترض جزءا بسيطا فقط من الأسلحة التي يتم الاتجار بها بشكل غير مشروع، وفقا لوكالة السلام والأمن الأفريقية.

أسلحة بمياه الخرطوم الإقليمية

من اليمن إلى السودان، بات “العبث” الحوثي سلاحه الوحيد، لتصدير الموت إلى دول الإقليم عبر استغلال الهدنة الأممية في بعثرة أمن المنطقة. تلك الخطة الحوثية كثّفت بموجبها المليشيات مؤخرا من تهريب الأسلحة والمواد المتفجرة انطلاقا من سواحل اليمن الغربية، غير عابئة بالهدنة الأممية، ولا بالمجتمع الدولي الذي يرى دون أن يتكلم.

السلطات السودانية أعلنت، في بيان لها أمس الاثنين، أنها ضبطت زورقا يستقله أربعة من جماعة “الحوثي”، يحملون الجنسية اليمنية داخل المياه الإقليمية بالقرب من جُزر السبعات.

وبحسب البيان، فإن الشحنة المضبوطة تتكون من 90 بندقية كلاشينكوف، و162 صندوق ذخيرة رشاش قرنوف، و182 صندوق ذخيرة أعيرة متنوعة، و43 كرتونة أسلاك متفجر فورتكس، و45 كرتونة فيوز تفجير. مشيرا إلى أن عناصر البحرية كانت قد نجحت في وقت سابق في ضبط كميات من المواد المخدرة وأسلحة ومتفجرات، يتم تهريبها من قِبل عناصر يمنية وسودانية، خارجة عن القانون.

لكن الأدلة التي بحوزة الأجهزة الأمنية اليمنية تشير، وفق مصدر أمني تحدث لـ”العين الإخبارية”، اليوم الثلاثاء، إلى تورط القياديَين الحوثيَين البارزَين أحمد حلص، ومنصور السعادي، عبر استخدام جزيرة كمران والحديدة، كقاعدة إيرانية لتهريب السلاح للدول في الضفة الأخرى من البحر الأحمر.

قال المصدر الأمني، إن أحد عناصر خلايا الحوثي المتخصصة بتهريب السلاح عبر البحر الأحمر، وقع في قبضة شعبة الاستخبارات في المقاومة الوطنية والتي حددت مسار تهريب بحري، يبدأ من وإلى جزيرة كمران شمالي الحديدة، وقرب جزر السبعات السودانية.

نفت إيران، مرارا أي تورط لها في تهريب الأسلحة إلى حلفائها الحوثيين في الحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنوات والتي أدت إلى أزمة إنسانية، وأودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص. لكن في عام 2018، اتهم تقرير للأمم المتحدة، إيران بتزويد الحوثيين بأسلحة بعد أن وجد خبراء في حطام الصواريخ في السعودية، أنها من أصل إيراني.

في حين أن هناك مؤشرات على أن الهدنة في اليمن قد تنجح رغم الأنباء التي تفيد بعرقلتها من قِبل الحوثيين، فإن الأسلحة والعتاد الذي تم توفيره من قبل إيران، سيستمر في التدفق خارج البلاد لسنوات قادمة. وإذا تركت التجارة في الأسلحة والعتاد غير المشروع من اليمن دون رادع، فستزيد من عدم الاستقرار في بلدان مثل السودان والصومال وإثيوبيا، والعديد من البلدان الأفريقية الأخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة