لا يزال افتتاح معبر “عرعر” الحدودي بين العراق والسعودية قبل نحو عامين، يجني ثماره كلا البلدين ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، حيث شكل افتتاحه محطة مهمة في تاريخ العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الرياض وبغداد.

هيئة المنافذ الحدودية في العراق، كانت قد أعلنت في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، افتتاح معبر “عرعر” الحدودي مع السعودية بشكل رسمي لأغراض تجارية، ثم تطور لاحقا ليُسمح بمرور المسافرين من مواطني البلدين.

فكرة تطوير معبر “عرعر” الحدودي الفاصل بين الحدود العراقية – السعودية، جاءت ضمن جهود البلدين لتعزيز العلاقات بينهما لاسيما العلاقات الاقتصادية، بحسب حديث الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي، نبيل جبار التميمي، لـ”الحل نت”، إذ أن تطوير البنى التحتية لهذا المعبر، جاء لتوسيع حجم التداول التجاري بين البلدين، وهي بادرة استعداد للتعاون الثنائي، وفق تعبيره.

فوائد المعبر

معبر “عرعر” يعد أحد الركائز الإستراتيجية في عملية توفير بدائل متعددة للسوق العراقية، كما أنه يعزز من التقارب بين الشعبين العراقي والسعودي.

الرياض تعمل على استمالة بغداد، فيما تسعى الأخيرة للاستفادة اقتصاديا من تعزيز العلاقات مع جارتها الجنوبية، حيث يعود التقارب بين البلدين إلى عام 2015 عندما أعادت الرياض فتح سفارتها في بغداد بعد انقطاع دام 25 عاما.

قد يهمك: افتتاح معبر عرعر يحرم الأردن من واردات ترانزيت الشاحنات السورية

البلدان وقعا في تموز/يوليو 2020 اتفاقات استثمارية في مجالي الطاقة والرياضة. السعودية رحبت بجميع السلع العراقية المصدرة من خلال المعبر، حيث يلتقي البلدان العضوان في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، واللذان تضررا بسبب انخفاض أسعار النفط بانتظام منذ آب/أغسطس 2017، في إطار لجنة تنسيق مشتركة.

تقارير صحفية، تحدثت عن تطور العلاقات بين الجانبين السعودي والعراقي بعد افتتاح المعبر، وذلك من خلال تبادل الزيارات على المستوى السياسي، والتي أسهمت في تعزيز الجانب التجاري أيضا، حيث ازدادت نسبة التبادل التجاري بنحو 25 بالمئة، وهذا يُعد تطورا إيجابيا، ولا سيما بعد السماح للمعتمرين بالذهاب إلى السعودية برا عبر منفذ عرعر.

لكن، بحسب التميمي، لغاية اليوم لم تشهد مؤشرات كبيرة في زيادة للتبادل التجاري بين البلدين، وقد أضافت الرياض مؤخرا ميزة أخرى لهذا المعبر، عبر سماحها للمركبات والسيارات السياحية العراقية الشخصية من الانتقال والدخول للأراضي السعودية والسفر برا، في محاولة منهم لزيادة الانفتاح على العراق، من خلال زيادة عدد الوافدين برا إلى الأراضي السعودية عبر مسارات، تنتقل داخل الأراضي السعودية لأغراض السياحة والسياحة الدينية.

الطريق الدولية إلى المعبر ستزدهر بالعديد من الخدمات اللوجستية مثل محطات الوقود والمطاعم ودور الاستراحة والمراكز الصحية، مما سيساهم في خلق فرص عمل كثيرة للشباب العراقي.

قد يتحول ذلك الطريق مستقبلا إلى شريان اقتصادي حيوي يربط بين موانئ البحر في السعودية، ليصل إلى سوريا وتركيا، مما يعني رفد الاقتصاد العراقي بمبالغ كبيرة جراء “رسوم الترانزيت” التي ستعبر باتجاه سوريا وتركيا من السعودية وبالعكس.

عن أبرز السلع التي يستوردها العراق من السعودية، أشار التميمي إلى أنها تتنوع بين المواد الغذائية، وتمثل ما نسبته 60 بالمئة، إضافة إلى مواد البناء. في المقابل، يصدِّر العراق مواد أولية مثل خردة الألومنيوم وخردة الحديد وبعض المواد الغذائية.

انتعاش للاقتصاد السوري

فيما يخص تأثير عودة افتتاح معبر “عرعر” على الاقتصاد السوري، يقول التميمي، من الممكن أن تستفيد سوريا من الأمر إذا ضمن وجود “ترانزيت” داخل الأراضي العراقية، على حد تعبيره.

نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق فايز قسومة، صرح في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، لصحيفة “الوطن” السورية، أنه في حال تم افتتاح معبر “عرعر” الحدودي بين السعودية والعراق، فإن الشاحنات السورية ستسلكه عوضا عن منفذ نصيب مع الأردن، بهدف بغية توفير رسوم عبور الشاحنات.

الأردن يتقاضى رسوما مرتفعة من الشاحنات السورية التي تعبر أراضيه باتجاه دول الخليج العربي، تقدر بنحو 2000 دولار أميركي عن كل شاحنة، بحسب قسومة، وافتتاح معبر “عرعر” واعتماده بديلا من معبر “نصيب”، يعني ذلك توفير ما يقارب 1500 دولار عن كل شاحنة تعبر من خلاله.

مسافة عبور الشاحنة من معبر “عرعر” باتجاه السعودية، وفق قسومة، أطول قليلا من مسافة العبور من معبر نصيب، لكنها تساوي ذات المسافة باتجاه الكويت.

كل من دمشق وعمان قد أقرتا “رسوم ترانزيت” إضافية عقب إعلان افتتاح معبر “نصيب جابر” في تشرين أول/أكتوبر من العام 2018، وذلك في ظل تبادل الاتهامات بمحاولة كل طرف إخراج البضائع من المنافسة في أسواق المنطقة.

الباحث السياسي نبيل جبار التميمي يعتقد بأن الرغبة السعودية للانفتاح نحو العراق، هي الانفتاح على الأسواق العراقية وتحقيقا لرؤية السعودية 2030، وقد قامت السعودية بتطوير المعبر مؤخرا لوضعه بطاقة استيعابية كبيرة.

معبر “عرعر” يُعد أحد الركائز الإستراتيجية في عملية توفير بدائل متعددة للسوق العراقية، بحسب حديث الباحث في العلاقات الدولية الإستراتيجية طارق محمد الطائي، لموقع “الجزيرة نت” كما أنه يعزز من التقارب بين الشعبين العراقي والسعودي.

التبادل التجاري كان شبه معدوم قبل فتح الحدود، لكن واقع الحال يشير إلى أن كثيرا من السلع السعودية، ولا سيما الغذائية، كانت تدخل إلى السوق العراقية عن طريق الأردن والكويت، وهذا بطبيعة الحال يرفع من كلفة النقل خصوصا السلع الداخلة من الأردن.

من الجانب السعودي والجانب العراقي يقع معبر “عرعر” على مساحة إجمالية تبلغ مليونا و666 ألفا و772 مترا مربعا. يضم منطقة لوجستية، بمثابة البوابة الاقتصادية للجزء الشمالي من السعودية، والانطلاقة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية السعودية العراقية، كما أن المعبر يساهم بشكل كبير في تيسير حركة التجارة البينية بين البلدين الشقيقين، وفقا لخبراء اقتصاديين.  

اقرأ أيضا: معبرا عرعر وصفوان مع السعودية والكويت يفتحان أمام الشاحنات السورية

المعبر يعد أيضا أحد المراكز الإدارية التابعة لمدينة عرعر في منطقة الحدود الشمالية، ويبعد 10 كيلومترات عن الحدود العراقية، ويحوي كافة الخدمات لسكان المعبر، ومدارس لجميع المراحل للطلاب والطالبات، ومستشفى حكوميا، إضافة إلى منطقة سكنية لحرس الحدود وأخرى للجمارك، بحسب صحيفة “عكاظ” السعودية.

معبر “عرعر” هو المنفذ الحدودي الوحيد الذي يربط شمال السعودية بالعراق، ويقع جنوبي محافظة الأنبار العراقية. أُعيد افتتاحه جزئيا في عام 2013 لتسهيل مرور الحجاج العراقيين، لكن السلطات أغلقته مجددا بعد نحو عام، بسبب سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي على محافظة الأنبار ومناطق أخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة