مرحلة جديدة من مراحل مواجهة إيران في الشرق الأوسط يبدو أنها ستبدأ خلال الفترة القادمة، وذلك بعد تعثّر كافة الجهود الدبلوماسية لوقف مشروع إيران النووي ومشاريعها العدائية الأخرى التي تستهدف المنطقة عبر التوسع في العديد من الدول.

دول المنطقة وفي مقدمتها إسرائيل بدأت تستشعر الخطر القادم من إيران، وذلك بعد فشل الجهود الدولية في التفاوض مع إيران، لتبدأ هذه الدول في مشاريع منفردة لمواجهة الخطر الإيراني، فهل نشهد تعاونا عربيا إسرائيليا لاستهداف المواقع الإيرانية في سوريا وغيرها من مواقع المنطقة.

ضربات جديدة ضد إيران

موجة جديدة من الهجمات المركّزة، يبدو أن إسرائيل بدأتها ضد المواقع والشحنات الإيرانية على الحدود السورية العراقية، حيث نفذت طائرة استطلاع يُرجّح أنها تابعة للقوات الإسرائيلية، جولة ثالثة من القصف، الاثنين الفائت، خلال أقل من 24 ساعة.

الغارات استهدفت صهريجا مخصصا لنقل النفط كان محمّلا بحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”، بالأسلحة والذخائر للميليشيات الإيرانية؛ مما أدى إلى انفجاره، في بلدة السويعية بريف البوكمال شرقي دير الزور، فيما أدت الغارات الثلاث إلى مقتل 11 شخصا من الميليشيات الإيرانية.

هذه الغارات جاءت بعد يوم واحد من تعرض موقع عسكري في مدينة أصفهان الإيرانية، لغارة عسكرية من قبل القوات الإسرائيلية، ما يدل على تصعيد إسرائيلي ضد إيران خلال الفترة القادمة.

الباحث في العلاقات الدولية والمختص بالشأن الإيراني الدكتور عمر عبد الستار، لم يستبعد زيادة وتيرة التعاون العربي الإسرائيلي لمواجهة مشاريع إيران العدائية في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن حقبة دولية وإقليمية جديدة بدأت لمواجهة طهران بعد فشل الجهود الدبلوماسية بالتوصل لاتفاق يرضي جميع الأطراف.

عبد الستار قال في حديث خاص مع “الحل نت”، “هناك حقبة جديدة من المواجهات مع إيران، خصوصا إذا ربطنا الهجوم الإسرائيلي على الشحنة الإيرانية على الحدود السورية العراقية، مع الهجوم المنفّذ قبل أيام على مصنع عسكري في مدينة أصفهان الإيرانية”.

قد يهمك: تطور العلاقات السعودية الصينية.. بوابة لتطبيع الرياض مع دمشق؟

برأي عبد الستار فإن هناك انقلاب على إيران بعد تحالفها مع روسيا، فالاتحاد الأوروبي بدأ مؤخرا بالسعي وراء تصنيف “الحرس الثوري” الإيراني على قوائم الإرهاب، وعلى المستوى الإقليمي أيضا بدأت ترتفع وتيرة التعاون العربي الإسرائيلي لمواجهة إيران بكافة السبل.

القوات الإسرائيلية صعّدت من هجماتها ضد المواقع الإيرانية، بعد أيام من لقاء “منتدى النقب”، وهو اللقاء الذي جمع عددا من الدول العربية مع أميركا وإسرائيل، لمناقشة آفاق التعاون في المجالات الأمنية والاستخبارية والاقتصادية، ويُتوقع أن تعزز الدول المجتمعة سُبل تعاونها لمواجهة المشاريع الإيرانية.

تعاون عربي إسرائيلي في سوريا؟

عبد الستار رأى أن مناورات النقب هي خطوة متقدمة وتحمل دلالات عديدة، أهمها دمج إسرائيل أكثر في المنطقة، ما سيساعد في بدء مرحلة جديدة وتعاون أكبر بين إسرائيل والدول العربية، خاصة على المستوى الأمني.

عبد الستار لم يستبعد وجود تعاون عربي إسرائيلي، لتوجيه ضربات عسكرية تستهدف المواقع الإيرانية في سوريا، وقال “يجب أن نتوقع ضربات قادمة لإيران، ويمكن أن نشهد تعاون عربي إسرائيلي لضرب إيران عسكريا في سوريا وغيرها، يمكن كذلك أن تسرع وتيرة إنشاء منظومة إقليمية للمنطقة ضد إيران”.

نتيجة لاستمرار إيران في مشاريعها العِدائية في الشرق الأوسط، ستسعى إسرائيل بالتأكيد إلى زيادة الضغط على الميليشيات الإيرانية في المنطقة، وهنا يؤكد عبد الستار أن التفوق الاستخباراتي لصالح إسرائيل، سيمنح الأخير خيارات عديدة لتوجيه ضربات قاسية غير متوقعة لإيران.

 مدير “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” التابعة للأمم المتحدة، رافاييل غروسي، أعلن قبل أيام إنّه يعتزم التوجه إلى إيران الشهر المقبل لإجراء محادثات “تشتدّ الحاجة” إليها لحمل طهران على استئناف التعاون بشأن أنشطتها النووية.

برأي عبد الستار فإن عدم إعلان إيران عن عدم وجود تخصيب، وعدم قبولها لشروط “الوكالة الدولية” بعد هذه الزيارة، سيؤدي ربما لذهاب ملف إيران إلى “مجلس الأمن الدولي” وتفعيل البند السابع.

منذ تعثر الاتفاق النووي، يتصاعد الخطر على منطقة الشرق الأوسط، في ظل حشد العديد من الدول الإقليمية وعلى رأسها إسرائيل، لاستخدام كافة الأدوات المتاحة من أجل منع حصول إيران على القنبلة النووية.

مؤخرا زادت احتمالية وجود تعاون عربي إسرائيلي لمواجهة إيران على الصعيد الإقليمي، وقد زار وفد إسرائيلي رسمي مطلع شهر كانون الثاني/يناير الجاري، الإمارات العربية المتحدة، للمشاركة في اللقاءات التي تعقدها مجموعات العمل المنبثقة من “منتدى النقب”، الذي تشارك فيه كل من مصر، والإمارات، والمغرب، والبحرين، بالإضافة إلى إسرائيل والولايات المتحدة، على أن ينتقل بعدها لزيارة الدول العربية المشاركة في المنتدى. 

“المنتدى” كان قد انعقد للمرة الأولى، بمشاركة وزراء خارجية الدول الست، في آذار/مارس الماضي، بهدف تفعيل “الاتفاقيات الإبراهيمية” لتعزيز العلاقات العربية الإسرائيلية، والتوافق على آليات عمل محددة ضد إيران، في محاولة من جانب إسرائيل لتشكيل تحالف في مواجهة إيران.

مؤشرات على زيادة التعاون

من بين المؤشرات على وجود تحالف عربي إسرائيلي قادم، إعلان وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس قبل أشهر، أن “إسرائيل تعمل مع شركاء إقليميين من أجل بناء تحالف عسكري جوي تقوده الولايات المتحدة”، مشيرا خلال كلمة له أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بـ “الكنيست”، إلى أن “التحالف العسكري الجديد يحمل اسم ميد، وهي الأحرف الأولى لعبارة “تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط”.

التحالف العربي الإسرائيلي، يُتوقع أن تنخرط به بقوة الدول الخليجية، التي تعتبر من أكثر الدول المتضررة من المشاريع الإيرانية، على المستوى الإقليمي والاقتصادي، إذا إن التصعيد ضد إيران، ربما يقود لاحتمالية قيام الأخيرة بإغلاق مضيق “هرمز”، ما قد يؤثر بشكل كبير على صادرات النفط الخليجية.

ذلك فضلا عن المشاريع الإيرانية الهادفة لضرب أمن واستقرار المنطقة في اليمن وسوريا وغيرها من دول الشرق الأوسط.

إيران بدورها تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية، مستغلة تطور علاقاتها مع روسيا منذ بدء الأخيرة بغزو أوكرانيا وتحسبا لأي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط.، حيث أشارت مصادر إيرانية إلى احتمالية حصول القوات الإيرانية على طائرات روسية متطورة من طراز “سوخوي 35″، وذلك بعد التعاون العسكري المتزايد بين طهران وموسكو.

بالنظر إلى تصاعد الخطر الإيراني على معظم الأطراف الإقليمية في الشرق الأوسط، فإن المصلحة المشتركة لهذه الأطراف، ستعني بالتأكيد زيادة التعاون فيما بينهم، تحقيقا لهدف ردع إيران في المنطقة، لكن ذلك قد يؤدي إلى تصادم عربي مع الحكومة السورية، التي تحتضن إيران في معظم أرجاء البلاد، فكيف ستتصرف دمشق إزاء التحالف الإقليمي ضد إيران على أراضيها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.