مستقبل الوصاية الهاشمية وخيارات الأردن في مواجهة التحوّلات السياسية في إسرائيل.. ماذا بعد؟

تحولات سياسية عميقة في المشهد السياسي الإسرائيلي وتوقعات بتشكيل حكومة متطرفة وبصيغة دينية تتمثل في قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو، مؤخرا، التوصل إلى اتفاق مع حزب “الصهيونية الدينية”، اليميني المتطرف، للانضمام إلى ائتلاف حكومي، ليقترب من تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل بعد الانتخابات التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

 وسائل إعلامية إسرائيلية ذكرت، أنّ حزب “الليكود” سيمنح حزب “الصهيونية الدينية” السيطرة على وزارة المالية بالتناوب، إلى جانب حقائب أخرى، وأكدّ بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” في بيان مشترك مع نتنياهو، “اليوم نتخذ خطوة تاريخية أخرى لإقامة حكومة يهودية وصهيونية وقومية تعيد الأمن وتوسّع المستوطنات”.

سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية”، سيتولى منصب وزير المالية في البداية قبل أن يحل آخر محله وفقا للتناوب. تكتّل اليمين بزعامة نتنياهو، حصد مع حلفائه اليهود المتشددين واليمين المتطرف، غالبية مقاعد “الكنيست” بنيلهم 64 مقعدا من أصل 120 مقعدا في الانتخابات التشريعية، متقدّمين على المعسكر المنافس بقيادة الوسطي يائير لبيد 4 مقعدا.

المفارقة في الحكومة الجديدة، أنّ حزب “الصهيونية الدينية”، الذي يعارض قيام دولة فلسطينية ويدعم سياسية زيادة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ستكون له السلطة أيضا على أنشطة الاستيطان اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، إلا أنّ ذلك سيكون بالتنسيق مع نتنياهو.

الاتفاق يقضي كذلك بحصول “الصهيونية الدينية” على وزارة الهجرة والاستيعاب ووزارة المهام الوطنية (وزارة مستحدثة)، وبالإضافة إلى ذلك، سيتولى وزير من “الصهيونية الدينية” أيضا منصبا وزاريا في وزارة الدفاع، يتولى فيه مسؤولية شؤون المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، وسيعمل بالتنسيق والاتفاق مع رئيس الوزراء المكلف نتنياهو.

متغيرات جديدة

المتغيرات الجديدة الحادة في المشهد السياسي الإسرائيلي، ستؤدي إلى ازدياد وتيرة دعوات رفض الوصاية الأردنية الهاشمية على المواقع المقدسة في مدينة القدس، فما هو أثر الحكومة الاسرائيلية على الوصاية الهاشمية، وما هو مصير هذه الوصاية ومستقبل العلاقات الأردنية الاسرائيلية في ظل الحكومة الجديدة.

الحكومة الإسرائيلية التي سوف تتشكل برئاسة بنيامين نتنياهو، عنوانها المزيد من الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وإنهاء جغرافية فلسطينية الضفة، من خلال دفع الفلسطيني إلى مغادرة المناطق الفلسطينية، عبر منهجية القتل والاعتقالات اليومية، ضمن نهج حكومة الإطار اليميني من المتطرفين، أمثال زعيم حزب “عوتسما يهوديت” ايتمار بن غفير، والذي سوف يتولى حقيبة الأمن الداخلي، حيث طلب من جنود الاحتلال الإسرائيلي إطلاق الرصاص الحي على من يلقون بقذائف المولوتوف من الفلسطينيين، بحسب حديث عضو اللجنة السياسية في “المجلس الوطني” الفلسطيني عمران الخطيب، في حديث خاص لـ”الحل نت”.

من جانب آخر فإن بن غفير وآخرين من زعماء المستوطنين يتوجهون بشكل شبه يومي إلى باحات المسجد الأقصى، في عملية استفزازية للمواطنين الفلسطينيين، ورسالة تسخر من دور الأردن في الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، حيث يؤكدّ  الخطيب، أنّ “الأردن يتحمل مسؤولية قانونية بدورها المنوط ،بما يتعلق في الوصاية الهاشمية، إضافة إلى ذلك يتحمل النفقات المالية من خلال الحراسات الأمنية التي يقدمها، ونفقات مالية تنفق على الصيانة والخدمات، إلى جانب الحصانة القانونية التي يتمتع بها الأردن بشكل خاص، حيث تمّ الاستيلاء على القدس والضفة  في الرابع من حزيران/يونيو 1967 ، وهي ضمن أراضي المملكة الأردنية، ويشمل قرار 242 والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة بعد سيطرة إسرائيل 1967 .

قد يهمك: بين الاقتصاد والسياسة.. مستقبل العلاقات الأردنية الإسرائيلية إلى أين؟

الحكومة الإسرائيلية اليمنية الجديدة، ستسعى بحسب تأكيدات الخطيب، إلى المزيد من التهويد من خلال السياسية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية المتعاقبة وبشكل خاص الحكومة الحالية، لذلك هناك تهديد مباشر للدور الأردني، بما يتعلق في الوصاية الهاشمية، وخاصة بعد “صفقة القرن” التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق رونالد ترامب، وفريقه والتي تمثلت بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس تحت مسمى القدس العاصمة الموحدة لدولة إسرائيل.

هيمنة يمينية

لم يحدث تغير جوهري خلال تولي الحزب “الديموقراطي” برئاسة جو بايدن، بالإجراءات فيما يتعلق بالقدس، وفق الخطيب، وهو يتناقض مع حل الدولتين ومع قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وفي إطار الهيمنة اليمينية للأحزاب الإسرائيلية الدينية المتطرفة، سوف تكون هذه الأحزاب المؤهلة لرئاسة الحكومة الإسرائيلية المستقبلية.

في هذا السياق تؤكدّ الصحفية المتخصصة في الشؤون الإسرائيلية دانا بن شمعون، خلال حديثها لـ”الحل نت”، ” من المتوقع أن تكون دعوات من قِبل المواطنين الإسرائيليين الذين صوتوا لايتمار بن غفير، وبتسلئيل وسموتريتش، وخاصة المستوطنين من معسكر اليمين المتشدد الذين سيطلبون زيادة عدد الزيارات لليهود إلى المسجد الأقصى وتخفيف القيود عليهم إليه”.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لن يعطي بن غفير وسموتريتش المساحة أو المجال للتدخل واتخاذ أي إجراءات وقرارات، حول قضية زيادة التدخلات من قِبل المستوطنين أو زيادة أعداد الزائرية إلى المسجد الأقصى، بحسب بن شمعون، وذلك باعتبار أنّ هذه القضية تُعدّ حساسة جدا، ومجرد الحديث عن هذا الأمر يمكن أن يزيد من التوتر بالعلاقات بين البلدين، الأردن وإسرائيل.

ليس هناك جدل على أنّ الأردن لها الوصاية الدينية على المقدسات في مدينة القدس، بحسب تأكيدات بن شمعون، التي ترى بأنّ المصلحة الإسرائيلية تتطلب الحفاظ على الوضع القائم، ومن المستبعد أن يسمح نتنياهو للوزراء الآخرين من معسكر اليمين المتطرف بالتدخل في هذا الأمر، على اعتبار أّنّه صاحب القرار.

تعدد الفرضيات

نظرا للظروف السياسية في إسرائيل، والاتفاقيات التي توصل إليها معسكر اليمين عبر الائتلاف الحكومي مع “الصهيونية الدينية”، فإنّه من المفترض أن يترك نتنياهو القرارات بيده، ويكون هو المسؤول عن قضية الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، وألا يعطي المجال للوزراء الآخرين المحسوبين على اليمين المتطرف من التدخل في هذه المسألة.

الصحفية المتخصصة بالشؤون الإسرائيلية، تشدد على أنّ هذه المسألة من الممكن أن تؤثر بشكل كبير على العلاقات بين الجانب الأردني-الإسرائيلي، وهذا يتطلب إدارة حكيمة للعلاقات بين البلدين خصوصا من قبل الحكومة الإسرائيلية والقادة على المستوى السياسي والأمني، وعلى رأسهم رئيس الوزراء، ووزير الخارجية، والوزراء الآخرين خاصة القادة من المنظومة الأمنية ومنهم وزير الدفاع.

هذا يتطلب أن يجلس جميع الأطراف الإسرائيلية المشاركة في الحكومة الائتلافية الجديدة مع بعضها، وأن يدرسوا تبعات زيادة التدخلات من قبل اليمين المتطرف في الأقصى، وكيف يتم منع توتر محتمل في العلاقات بين إسرائيل والأردن، عبر تكوين استراتيجية مخطط لها لمنع حدوث أي توتر قادم.

اقرأ أيضا: منطقة حرة بين الأردن وإسرائيل.. ما قصتها؟

 أيا يكن الأمر فربما تتلخص حكاية الحكومة الإسرائيلية، بأنّها ماضية في سياسة أكثر تشددا وتطرفا والنزوع نحو الصبغة الدينية، وتوظيف الأيدلوجيا الصهيونية أمام الرأي العام الإسرائيلي، وذلك لأجل إقناعه أّنّ تلك الحكومة القادمة، قادرة على الوقوف في وجه الهجمات المتصاعدة داخل الأراضي الفلسطينية ضد المواطنين والجنود الإسرائيليين، باعتبار أنّ المواطن الإسرائيلي يبحث عمن يحقق له الأمن والاستقرار، وهذا يتطلب حكومة أكثر تطرفا وتشددا لاتخاذ إجراءات أكثر عنفا ضد الفلسطينيين.

حزب نتنياهو “الليكود”، تصدر الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو يسعى لتشكيل حكومة يمينية التي يؤكدّ محللون، بأنّها “ستكون الأكثر تشددا في تاريخ إسرائيل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.