في زيارة لم علن عنها مسبقا، وصل اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، قائد ما يسمى بـ”قوات شرق ليبيا” إلى القاهرة، أمس الاثنين، إذ واكب وجوده وصول رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، للعاصمة المصرية أيضا، حيث التقى الرجلان، لبحث التطورات السياسية الجديدة.

اللقاء المفاجئ الذي جمع بين المنفي وحفتر، طرح مزيدا من التساؤلات حول أهداف التقارب بين الطرفين، وعلاقته بالانتخابات، وتوافق عقيلة صالح وخالد المشري الأخير.

لقاء حفتر والمنفي، جاء في أعقاب اللقاء الذي جمع رئيسي المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في القاهرة الأسبوع الماضي، وإعلانهما التوافق حول الخطوط العريضة للوثيقة الدستورية التي من المقرر أن تجري الاستحقاقات الانتخابية بموجبها.

الأهم في اللقاء

من المعروف أن حفتر هو مجرد أداة في يد وكلاء دوليين وقوة عظمى في ليبيا، لاستمرار الوضع على ما هو عليه، في البقاء أو الحفاظ على وضع الفوضى الحالي الموجود في ليبيا، والذهاب إلى تقسيمها، كما هو مبرمج في عدد من الأجندات الدولية، بحسب حديث الباحث والمحلل السياسي رضوان بوهيدل، لـ”الحل نت”.

حفتر عندما يجد نفسه في مأزق يحاول البحث عن تحالفات داخلية في ليبيا، أو أي طرق من شأنها أن تخدم مصالحه، ويرى بوهيدل، أن اللقاء الأخير الذي جمع بين حفتر والمنفي، هدفه تشكيل تكتل ضد مجلسي النواب والدولة بعد التحركات الأخيرة من قبل عقيلة صالح والمشري، وهذا التكتل يكون بقيادة المنفي بهدف تمكين حفتر من خوض الانتخابات الرئاسية، وبذلك يكون تعطيل المجلسين مؤقتا أوحلهما بشكل كامل، ليتمكن الرئاسي من إدارة الانتخابات، وفق تعبيره.

قد يهمك: الأزمة الليبية.. إلى أين؟

الأهم في لقاء المنفي وحفتر، وفق بوهيدل، هو الحوار حول إمكانية إعادة تشكيل حكومة الدبيبة، وتغيير بعض الحقائب الوزارية لتكون مقبولة في الشرق، ويمكن أن تضطلع بمهمة إجراء الانتخابات المقبلة، على حدّ تقديره.

بعدما رفض مجلسا النواب والدولة مبادرته الأخيرة، يحاول الرئاسي البحث عن تموضع جديد في المعادلة الليبية، بحسب بوهيدل، والتقارب الآن بين الرئاسي وحفتر، ظاهريا يتمثل بالبحث عن حلول لملفّي الانتخابات والمصالحة، بينما باطنه، يشمل إرسال رسالة للمجلسين، بأن الرئاسي يمكن أن يشكل تحالفا جديدا موازيا لمسار عقيلة والمشري، على حد وصفه.

ملفات اللقاء

وسائل إعلام محلية، ذكرت أن اللقاء المغلق تناول عدة ملفات أهمها، إيجاد صيغة توافقية لإجراء الانتخابات وإشراك جميع الأطراف في العملية السياسية، ووضع ترتيبات مالية عادلة وشاملة، وتوحيد المؤسسة العسكرية لحماية الحدود ومكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية، وآليات إنجاز المصالحة، وإعادة المُهجّرين، وجبر الضرر، وفق منصة “فواصل” الليبية.

بحسب مصادر ليبية ومصرية في القاهرة، فقد التقى المنفي بأعضاء اللجنة المشتركة من مجلسي النواب والدولة، للتوافق حول باقي النقاط العالقة بشأن القاعدة الدستورية.

لقاءات المنفي في القاهرة، والمدعومة من القيادة المصرية، تأتي في إطار المبادرة التي يقوم بها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء من أجل وضع حدّ للأزمة السياسية في ليبيا.

في غضون ذلك، قال مصدر ليبي محسوب على معسكر شرق ليبيا، إن “المنفي من المقرر أن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل مغادرته القاهرة”، بحسب موقع “العربي الجديد”.

رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، كان قد قال في وقت سابق إنه “تم الاتفاق في القاهرة على وثيقة دستورية كاملة، تنظم مرحلتي قبل وبعد الانتخابات، عدا بند ترشح مزدوجي الجنسية للرئاسة”.

المشري أوضح في تصريحات صحافية، أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، “متمسك بترشح مزدوجي الجنسية، وأنه الخلاف الوحيد المتبقي مع رئيس مجلس النواب”، ويضيف أنه “في حال استمر الخلاف، سيعرض هذا البند للاستفتاء الشعبي، لأن الشعب هو مصدر السلطات”، بحسب وصفه.

الخروج من الأزمة

هناك خيار أمام الليبيين للخروج من حالة الفوضى، بحسب رضوان بوهيدل، وهو التوجه لانتخابات حقيقة شفافة، يشارك فيها الجميع سواء كمترشحين أو كناخبين، بدون إقصاء للقبائل الليبية في الجنوب والشرق، وفي أي منطقة من مناطق ليبيا، وإبعاد المرتزقة الموجودين على الأراضي الليبية، وعدد من المليشيات المسلحة الأخرى التي تعمل لتنفيذ أجندة غير ليبية، لذلك المسار الوحيد للخروج من الأزمة يبقى إجراء انتخابات سواء تشريعية أو رئاسية، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضا: تحالفات سياسية على وقع الأزمة الليبية.. من يحكم طرابلس؟ 

من وجهة نظر بوهيدل، بأن حفتر أو غيره، مضطر لاتخاذ هذا المسار، لأن عدم الذهاب للانتخابات، يعني البقاء في حلقة مفرغة، وقد تتجدد المواجهات العسكرية ويبقى الخاسر الوحيد هو الشعب الليبي الذي يفقد ثروات ويفقد أيضا أرواح ودماء، على حد وصفه.

ضغط دولي

ثمة مستجدات تعجل بالتوافق الليبي-الليبي، خاصة أن مجلس الأمن الدولي، شدد على ضرورة بدء حوار ليبي-ليبي، لتشكيل حكومة ليبية موحدة، تمثل جميع الليبيين، وتكون قادرة على حكم البلاد، كما ألمح، المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي أمام أعضاء مجلس الأمن، منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2022 إلى استخدام آليات بديلة في حال عدم توصل مجلسي النواب والأعلى للدولة لاتفاق سريع، وضرورة محاسبة الأفراد والكيانات الذين يتصرفون أو يدعمون الأعمال التي تمنع إجراء الانتخابات أو تقوضه، بحسب ما نقلته جريدة “الأسبوع” المصرية.

هذه المتغيرات قد يكون لها تأثير على تعقيدات المشهد السياسي الليبي، وتضارب المصالح والمواقف الاستراتيجية والتقاطعات للفرقاء الليبيين، وانعكاساتها على حسم الخلافات العالقة، بعد محطات فشل سابقة استهدفت تقريب وجهات النظر في القاهرة، والمغرب وجنيف، ومن ثم فإن التوافق المترتب على اجتماعات القاهرة، مؤخرا، يبشر بقرب حل الأزمة المعقّدة في ليبيا، إذا خَلُصت النيات، وتغلّبت أطراف الحوار الليبي-الليبي على الضغوط الخارجية العاصفة.

ما يهم الشعب الليبي الآن، بغض النظر عن الأقوال والأشخاص، هو الأفعال، فإذا نجح الرئاسي في تحركاته، سيكون قد وقع أفضل صفقة يكون بموجبها الليبيون قد أنهوا أهم المراحل ما قبل الانتقالية، وتحرك الفواعل الليبية تأتي متأثرة برياح إقليميّة مدفوعة بدورها برغبة دولية في عواصم مؤثرة في حسم جزء هام من مسار “جنيف” بما يتلاءم مع تعهدات الجميع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.