مع تنامي العلاقات بين روسيا وإيران، تسعى الأخيرة للحصول على مقاتلات جوية روسية متطورة لتعزيز قدراتها العسكرية الجوية، وذلك تزامنا مع احتمالية اندلاع مواجهة في الشرق الأوسط بين إيران من جهة وبعض الدول الإقليمية وفي مقدمتها إسرائيل من جهة أخرى.

تقديم موسكو مقاتلات متطورة لطهران يعني تهديدا حتميا لمنطقة الشرق الأوسط، في حين قد تكون هذه الصفقة في مقابل الطائرات التي قدمتها إيران للقوات الروسية، لاستخدامها في غزو أوكرانيا، فما هي احتمالات نجاح الصفقة وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط.

طائرات متطورة لإيران؟

وكالة “تسنيم” الإيرانية، أفادت بأن إيران تتوقع أن تتسلم طائرات روسية متطورة من طراز “سوخوي 35″، وذلك بعد التعاون العسكري التزايد بين طهران وموسكو.

عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية، شهريا حيدري، قال في تصريحات نقلتها “تسنيم” منتصف شهر كانون الثاني/يناير الجاري، إن بلاده طلبت معدات عسكرية أخرى من روسيا، منها أنظمة دفاع جوي ومنظومات صاروخية ومروحيات، بالإضافة إلى طائرات “سوخوي 35” الحربية.

طائرا “سوخوي 35” تعتبر من أكثر الطائرات الروسية تطورا، وحصول إيران على مثل هذه التطورات يمثل تهديد للدول العربية في الشرق الأوسط، وكذلك إسرائيل التي تمتلك إلى حدّ كبير قوة ردع.

رغم أن الحديث عن حصول إيران على أسلحة جوية متطورة ليس جديدا، لكنه يبدو أكثر جدية هذه المرة، لا سيما مع ارتفاع وتيرة التعاون العسكري بين طهران وموسكو منذ بدء الأخيرة عمليات غزو أوكرانيا في شباط/فبراير 2022.

قد يهمك: الجغرافيا الاجتماعية والسياسية للاحتجاجات التونسية.. إلى أين تتجه الأوضاع؟

الخبير في الشؤون الإيرانية وجدان عبد الرحمن، يستبعد حصول إيران على هذه الطائرات المتطورة في المرحلة الراهنة، متوقعا تحركا سريعا من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة في حال إتمام هذه الصفقة.

عبد الرحمن قال في حديث خاص مع “الحل نت”، “إيران عقدت صفقة عام 2005 لشراء صواريخ مضادة للطائرات ومنظومة إس 300، لكن معارضة الولايات المتحدة الأميركية وقتها، منعت إتمام الصفقة وتراجعت روسيا. لذلك أستبعد بشكل كبير أن تقدم روسيا على هذه الخطوة وتسلم إيران هذه الطائرات المتطورة”.

هذا الاعتقاد جاء على الرغم من الخلافات الكبيرة الحاصلة بين روسيا والولايات المتحدة، فضلا عن أن تسليم إيران هذه الأسلحة، يعني بالتأكيد تهديد أمن إسرائيل ودول الجوار، التي تشهد علاقاتها مع موسكو تطورا متصاعدا خلال الفترة الأخيرة.

حول ذلك أضاف عبد الرحمن، “من المستبعد بشكل كبير أن تصل هذه الأسلحة إلى إيران، خاصة في ظل العقوبات على إيران، وفقا للاتفاقية 2231 التي تنص على عدم السماح لإيران ببيع وشراء السلاح، على أقل تقدير حتى نهاية أكتوبر هذا العام، وبما أنه إيران لم تتعاون بإيجابية، أعتقد أن هذه المدة ستتمدد”.

ردة فعل أميركا وحلفائها

في المقابل فيما إذا افترضنا حصول إيران على طائرات “سوخوي 35″، فإن عبد الرحمن أوضح أن ذلك سيؤدي بالولايات المتحدة الأميركية إلى اتخاذ خطوات، تتعلق بتزويد حلفائها في الشرق الأوسط، بمقاتلات “إف 35″، التي عبّرت الإمارات العربية المتحدة عن الرغبة في الحصول عليها في وقت سابق.

عن ذلك أردف عبد الرحمن قائلا، ” أيضا السعودية قد تُقدم على شراء المقاتلات الأميركية، أو مقاتلات تستطيع مواجهة سو 35 الروسية، بمعنى أنه إذا استلمت إيران سنشهد تحرك من الدول، ولا ننسى إسرائيل لديها مقاتلات إف 35، لكن قد يعني أن الدول العربية تتحرك بشكل كبير للحصول عليها، لأننا نعرف أن التطور الجوي لإيران بنهاية المطاف، هو لتهديد الدول العربية، لأن إسرائيل لديها إمكانية الردع”.

عبد الرحمن ختم حديثه بالقول، “رغم العلاقة الكبيرة بين إيران وروسيا، لكنني أستبعد أن تزود الأخيرة إيران بسلاح يهدد أمن إسرائيل، لا ننسى أن اليهود في روسيا يشكّلون ما نسبته 17 إلى 20 بالمئة من السكان ، لذلك تزويد روسيا لإيران يستهدف المواطنين في إسرائيل، هذا بعيد لكن دون أدنى شك إسرائيل تتخوف من هذا الموضوع، بالتالي إسرائيل تتحرك بقوة وأيضا دول المنطقة تتحرك بقوة لمنع هذا الأمر”.

الجو نقطة ضعف إيران

تجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت حذرة في الماضي، من منح إيران تفوقا عسكريا في الشرق الأوسط، لكن تغير نمط العلاقات بين الجانبين مؤخرا، قد يغير التوجهات الروسية السابقة.

فالمجال العسكري يُعتبر من أبرز نقاط الضعف العسكرية لإيران، بسبب نقص الطائرات المقاتلة المتطورة، وهو ما دفع طهران لتطوير طائراتها المسيّرة خلال الفترة الماضية.

لكن محللون يرون أن عدد الطائرات التي يتم الحديث عنها، ليس كبيرا جدا، لذلك فإن الصفقة قد لا تعني الكثير بالنسبة للتوازن العسكري في المنطقة، لا سيما وأن واشنطن سترد بالتأكيد على أية خطوة من هذا النوع.

مخاوف التصعيد، تصاعدت مؤخرا مع استمرار إيران في برنامجها النووي، وفشل جميع محاولات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، لمنع طهران من الوصول إلى القنبلة النووية.

رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، حذّر من عمل عسكري وشيك يهدد أمن دول الخليج، داعيا الجميع للانتباه والعمل لنزع فتيل المواجهة المقبلة.

بعد توقف المحادثات النووية في أيلول/سبتمبر الماضي، وفشل التوصل إلى اتفاق نهائي، لم تتوقف إسرائيل عن تهديداتها في سبيل منع إيران من امتلاك سلاح نووي، حتى لو اضطرها الأمر إلى شنِّ حرب مفتوحة.

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، خرج عدة مرات ملوّحا باستخدام الخيار العسكري لمنع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية، وذلك كان يحصل بالتوازي مع القصف الصاروخي والجوي المستمر لمواقع إيران وشحنات الأسلحة التي تحاول نقلها عبر سوريا ولبنان منذ سنوات.

إسرائيل تعتبر أو تصدّر نفسها على أنها العدو والمواجه الأبرز لإيران في العالم، وهي تعارض أي اتفاق لا يضمن حرمان إيران من أي نوع من القدرات النووية، حتى السلمية منها لأغراض الطاقة، كما رفضت سابقا أي مسودات للاتفاق لا تحقق ذلك.

بحسب تقارير إسرائيلية فإن الاتفاق الذي لا يضمن حرمان إيران من كافة القدرات النووية، سيقرّبها من امتلاك السلاح يوما ما، كما أنه سيسمح طهران بالاستفادة من الأموال المجمّدة والتي تُقدّر بنحو 7 مليارات دولار وسيتم الإفراج عنها بموجب الاتفاق، وذلك في مختلف المجالات الحيوية، بما فيها زيادة قدرة ميليشياتها المنتشرة في عدد من دول المنطقة.

أصوات من تل أبيب اعتبرت أن اتفاقا من هذا النوع، من الممكن أن يطلق في منطقة الشرق الأوسط سباق تسليح نووي، في حين أن إسرائيل ترغب بالطبع أن تبقى منفردة كونها الدولة الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا في المنطقة.

حتى الآن ليس هناك تأكيدات على إتمام الصفقة وحصول إيران على هذه الأسلحة المتطورة، لكن بالتأكيد فإن إتمام الصفقة يعني بدء حرب من نوع جديد في المنطقة، وربما سنشهد سباق تسليح ينطلق في الشرق الأوسط بين إيران وخصومها على غرار ما نشهده في مناطق شرق آسيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة