بينما يلوح كيم جونغ أون بترسانته النووية، يتسائل سكان سيول حول كيفية التخطيط لمواجهة الأزمة، كما يقول كريستيان ديفيز من “الفاينانشيال تايمز”. 

سألت ذات مرة دبلوماسيا غربيا على مأدبة غداء عن الترتيبات التي اتخذتها دول مختلفة لإجلاء مواطنيها في حالة نشوب نزاع في شبه الجزيرة الكورية. فكان الجواب “لا ينبغي أن أقلق بشأن ذلك. إن القوة النارية للأعداء المعنيين كبيرة جدا، والمسافات بينهم صغيرة جدا، لدرجة أن الحرب – وأنا – سننتهي قبل أن أعرف حتى أنها بدأت”. 

لذلك عندما حضرت ندوة استضافتها شركة “كوريا ريسك كروب” الاستشارية في أواخر العام الماضي حول كيفية استعداد الشركات والحكومات لمواجهة حالات طوارئ مختلفة للأزمات، بما في ذلك الحرب، شعرت بارتياح غريب عندما علمت أن فرص بقائي أفضل قليلا من صفر بالمئة. 

الحل بالهروب؟

الندوة عقدت اعترافا بتدهور الوضع الأمني ​​في شبه الجزيرة الكورية خلال العام الماضي. فبعد حصوله على صواريخ باليستية عابرة للقارات، يركز الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الآن على تطوير جيل جديد من الأسلحة النووية التكتيكية والميدانية، والتي يخشى الخبراء أن تكون عتبة استخدامها أقل من الأسلحة عالية القوة. 

كذلك عمل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا العام الماضي على تركيز أذهان الحكومات والشركات على الحاجة إلى التخطيط لكوارث محتملة في أماكن أخرى، وعلى الأخص في تايوان أو كوريا. 

ولكن بالنسبة للأشخاص المكلفين بوضع تلك الخطط، فإن المعضلات حادة. ففي أي مرحلة تصل فترة التوتر المتصاعد، وهو أمر شائع إلى حد ما في شبه الجزيرة الكورية، إلى عتبة الأزمة؟ وفي أي مرحلة من مراحل الأزمة يبدأ المرء بجدية الاستعداد للحرب؟ وإذا كانت الحرب تلوح في الأفق، فإلى أي حد يجب أن تقرر الهروب؟ 

يقول أندرو جيلهولم، المحلل في كوريا للاستشارات “كونترول ريسكس”: “من الصعب للغاية إجراء التوازن! إما أن تميل نحو الحذر وتخاطر بأن تبدو أحمقا، من خلال إجلاء الأشخاص كل بضع سنوات، أو تنتظر محفزات واضحة وتخاطر بتركهم بعد فوات الأوان”. 

وبينما تفشل العديد من الشركات الأجنبية في التخطيط للحرب، طورت شركات أخرى خطط إخلاء متقنة لإخراج الموظفين من شبه الجزيرة الكورية إذا لزم الأمر. وغالبا ما يشتمل ذلك على موظفين يجدون بطريقة ما طريقهم للخروج من عاصمة كوريا الجنوبية والتجمع في ميناء للحاق بزورق إلى الصين أو اليابان. 

ولكن كما سيشهد أي شخص حاول مغادرة سيول حتى خلال عطلة عامة كبرى في وقت السلم، فلن تكون هناك إمكانية تقريبا للخروج من العاصمة في مثل هذا الموقف. لذلك، من المحتمل أن يكون أفضل شيء يفعله سكان سيول هو الاحتماء في محطة مترو أنفاق، أو موقف سيارات تحت الأرض، أو أحد الملاجئ العديدة المخصصة للإيواء والمنتشرة في جميع أنحاء المدينة. 

من سيغادر في كوريا؟

العديد من الخبراء يعتقدون أنه في المراحل الأولى من الصراع على الأقل، ستستخدم كوريا الشمالية أسلحة دقيقة لاستهداف المنشآت العسكرية والقيادية الرئيسية، بالإضافة إلى البنية التحتية الحيوية، بدلا من مجرد تسوية سيول كما يفترض البعض. 

وللتحضير لذلك، غالبا ما يتم تشجيع الموظفين الأجانب الذين يعملون في سيول من قبل شركاتهم على التحضير في منازلهم لـ”حقيبة محمولة” تكون مليئة بالأشياء التي تتراوح من الماء والأطعمة غير القابلة للتلف وأقراص اليود إلى النقود والشعلة، وهاتف يعمل بالأقمار الصناعية وحتى عداد “غايغر”، الذي يمكن أن يساعدك على البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى 30 يوما تحت الأرض أو في بيئة ما بعد الصراع. 

يمكن لحقيبة مثل هذه أن تبقيك على قيد الحياة في مثل هذا السيناريو. ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من الناس، سواء كانوا أجانب أو كوريين، لم يكلفوا أنفسهم عناء حزم حقيبة واحدة. 

“هناك العديد من الأشكال المختلفة التي يمكن أن تتخذها الحرب، فكيف يمكنك أن تكون مستعدا لها جميعا؟”، تسأل هاي جين، كورية جنوبية تبلغ من العمر 31 عاما وتعمل في المالية. وتضيف أنه حتى لو أتيحت لها الفرصة للإجلاء، فإنها ستجد صعوبة في المغادرة إذا كان ذلك يعني ترك أقرب أصدقائها وعائلتها ورائها. 

ويقول رجل أعمال بريطاني يدير شركة صغيرة في سيول إن زوجته وموظفيه الكوريين الذين طالما تعودوا على خطر الحرب لن يوافقوا أبدا على المغادرة معه على أي حال. ويختتم حديثه بالقول: “تخيلوا لو أخرجت لوحدي، ولم تكن هناك حرب، وعدت أجر ذيول الخيبة. لن أستطع النظر إلى عيونهم مرة أخرى”! 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.