أخيرا يبدو أن البديل توفر لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، وهو الذي كان يواجه المنتقدين والمطالبين من السوريين برحيله عن منصبه بجملته الشهيرة “مافي بديل”، فقد أنهى سالم فترته في الوزارة التي امتدت من آب/أغسطس من العام 2021 إلى أواخر آذار من العام الجاري.

فشل ثم فشل، هكذا وصف العديد من المسؤولين والشريحة الأوسع من السوريين حقبة سالم في وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، في وقت تؤكد المؤشرات أن الوزارة لم تكن لتملك الأدوات لتحقيق الأهداف الموضوعة، فيما يتعلق بتحسين الأوضاع المعيشية للسوريين، بل إن ما يتم الحديث عنه من فشل تتحمله كامل الحكومة السورية والقيادة المركزية في دمشق.

رسالة وداع

رحيل سالم عن منصبه جاء بعد مرسوم رئاسي بتسمية خمسة وزراء جدد، حيث شمل التغيير الوزير سالم، الذي نشر “رسالة وداع” عبر صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وهو الذي عرف بولائه المطلق للرئيس السوري بشار الأسد، فأخذ يكيل له المديح رغم المرسوم الرئاسي الذي أفضى إلى إقالته من الوزارة.

عمرو سالم قال في منشور عقب صدور المرسوم الرئاسي الأربعاء، إنه يغادر وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” وهو مرتاح الضمير، وقد أثارت رسالته موجات سخرية واسعة عبر مواقع التواصل، حيث اعتبر سوريون أن أسوأ فترة للوزارة كانت في عهد سالم، وهو الذي يكتب انه يغادر “مرتاح الضمير”.

قد يهمك: بعد أولى حلقات “الموسم 6”.. لماذا خالف مسلسل “صبايا” التوقعات؟

وكعادته عبّر سالم عن وفائه للرئيس السوري بشار الأسد وكتب، “أنهي اليوم مهمة شرفني سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد بها وحملني مسؤوليتها، أنهيها وأنا واثق وموقن من يقيني بالله أن بلدنا لن تهزمه ألاعيب العالم مهما عظمت. فقد حباه الله بقائد لا يدانيه قائد في العالم، وأنا كنت دوما أقول للقريبين مني، واعيدها على الملأ كوني خارج الوزارة الآن، أنا وزير السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد في الوزارة والبيت والقبر”.

ردود السوريين

“رسالة الوداع” لاقت ردود أفعال متباينة من قبل رواد مواقع التواصل، فمنهم من استنكر منشور سالم البعيد عن مهمته الأساسية كوزير للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، وركزت على تمجيد السلطة وابتعدت عن دور الوزارة القادم أو حتى أي نصيحة للوزير القادم، فيما اعتبر آخرون أن الوزير عبارة عن واجهة لا أكثر، ويتم تغييره كل فترة لتحميله فشل تحسين الأوضاع المعيشية.

مصطفى أحمد علق على “رسالة الوداع” الذي نشرها سالم بالقول، “خلصنا بقى.. أقالوه ولسا مكمل كولكة.. من كلامه، مبين انو كل فترة خدمته ما كانت لخدمة مصالح الناس، كانت لصالح الرئيس فقط”، في حين أضافت نسرين احمد، “من السذاجة تحميل الوزير السابق عمرو سالم مسؤولية ما يحصل من تدهور للأوضاع المعيشية، الأمر أكبر بكتير من قدرة الوزير، بالنهاية شكرا سيادة الوزير على كل ما قدمته للوطن بفترة خدمتك”.

أما الدكتور صفوان جديد، فاعتبر أن الوزير السابق لم يكن يعمل يوما لصالح المواطن السوري، وقال متوجها لصاحب “رسالة الوداع”، “فترة وزارتك كانت كابوس ع المواطن، نأمل تغيير العقلية في التعاطي مع الملف المعيشي وليس تغيير الأشخاص فحسب، كان الأجدى آن تعتذر عن فشلك في الوزارة والأداء”

على مدار السنوات القليلة الماضية، عمدت حكومة دمشق إلى دفع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لتكون في مواجهة مباشرة مع المواطن والتاجر، وذلك في صراع ارتفاع أسعار السلع والخدمات المتواصل في البلاد، فالقيادة المركزية في دمشق، تدرك أنها لن تتمكن من تحقيق استقرار في أسعار السلع الأساسية والخدمات للسوريين، وأرادت أن تكون هناك جهة تتحمل عبء الانتقادات والفشل الحكومي في ضبط الأسعار، فكانت هي بالطبع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والوزراء الذين تعاقبوا على إدارتها.

فشل وزاري مستمر

خلال هذه الفترة تصدرت الوزارة التي تُعرف محليا بـ”وزارة التموين”، المشهد في الأسواق، وأصبحت تُصدِر بشكل يومي لوائح لأسعار أهم السلع الغذائية والخدمات، وتهدّد بمعاقبة المخالفين من تجار الجملة وأصحاب متاجر البيع بالتجزئة، لكنها فشلت في تحقيق أيّا من أهدافها، حتى القرارات التي كانت تصدر عنها كانت في معظم الأحيان غير قابلة للتنفيذ.

الحلقة المفرغة تكمن بالطبع في رفض الحكومة المركزية الاعتراف بالفشل والعجز عن تأمين متطلبات السوريين، ما يجعلها تدفع بالمؤسسات والوزارات إلى واجهة المشهد، بالتالي فإن أي تقصير أو عجز يتم نسبه لوزير أو مدير، وحين تتصاعد الانتقادات تتم عملية استقالة أو إقالة هذا الوزير “بسبب فشله في إدارة مهامه الوظيفية”.

الحقيقة هي أن هذا الوزير ووزارته لا يملكون الأدوات الأساسية لأداء وظيفتهم، فكيف يمكن إصدار قرار بيع طبق البيض بسبعة آلاف ليرة سورية على سبيل المثال، وتكلفته على المنتج أكثر من ذلك، كذلك فإن الفساد المنتشر في مؤسسات الحكومة، ساهم أيضا بدفع وزارة التموين إلى الفشل، فقد كشفت العديد من التقارير المحلية، عن فساد في دوريات حماية المستهلك التي تتجول بالأسواق، كذلك دخول مواد منتهية الصلاحية بكميات كبيرة بعيدا عن الرقابة التي بقيت الوزارة تتغنى بها، كأبرز الجهود المبذولة خلال الفترة الماضية.

قرارات حماية المستهلك فيما يتعلق بالأسواق السورية خلال عهد سالم، يراها البعض أنها ساهمت بتفاقم معاناة المواطن، خاصة وأنها جعلت التجار والمنتجين خصما لها في كثير من الأحيان، فساهمت بخروج العديد من المنتجين من السوق، وبالتالي ندرة المنتجات التي كانوا يضخونها سابقا، وقد جرّبت عشرات الآليات المتعلقة بضبط الأسعار، ولم يكن لأي منها آثار إيجابية ملموسة. 

هذا وقد أصدر الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء، المرسوم  رقم 91 لعام 2023 القاضي بتعديل حكومي يشمل خمسة وزراء، وينص المرسوم على تسمية الدكتور فراس حسن قدور وزيرا للنفط والثروة المعدنية، ومحسن عبد الكريم علي وزيرا للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، والدكتور عبد القادر جوخدار وزيرا للصناعة، ولؤي عماد الدين المنجد وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل، وأحمد بوسته جي وزير دولة، وأنهى المرسوم تسمية المهندس محمد فايز البرشة وزيرا للدولة.

ولا يبدو أن تغيير الوزير عمر سالم، وتعيين شخص آخر مكانه سيؤدي إلى تحسين عمل الوزارة خلال الفترة المقبلة، بل على العكس فإن جميع المؤشرات الاقتصادية، توحي بمزيد من الانهيار المعيشي للسوريين خلال الفترة القادمة، وهذا بالطبع لا يتحمله الوزير الجديد الذي لا يملك أدوات تحسين البنية التحتية ودفع عجلات الإنتاج، في ظل إفلاس “البنك المركزي” وعدم قدرة القيادة المركزية على تأمين أبسط المقومات الأساسية للسوريين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات