مع اقتراب فترة عيد الفطر، يرتفع الطلب على شركات التنقل بين المحافظات، حيث يلجأ السوريون إلى قضاء فترة العيد مع الأهل والأقارب، بالتالي معظم مَن يقيم بحكم عمله أو دراسته في محافظة أخرى بعيد عن عائلته سيلجأ لاستخدام وسائل النقل بين المحافظات خلال فترة العيد.

ارتفاع الطلب على شركات النقل بين المحافظات في آخر أيام رمضان، سيكون فرصة لبعض الشركات من أجل رفع أسعارها، وسط غياب الرقابة الحكومية عن مهمتها في ضبط تعرفة النقل بين المحافظات وفق آخر تسعيرة صدرت عن “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”.

ذروة العيد ترفع الأسعار

وخلال فترة العيد تصل الحجوزات في شركات النقل بين المحافظات إلى مئة بالمئة، حيث يتوجب على الركاب الإسراع في الحجز قبل أيام من موعد رحلتهم للحصول على مقعد ضمن إحدى الرحلات، وذلك بسبب ارتفاع الطلب على السفر بين المحافظات خلال الأيام التي تسبق فترة العيد.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، نقل عن مصدر في شركة “الأهلية للنقل” بدمشق، قوله إن الإعلان عن الحجوزات قبل حلول عيد الفطر يتم قبل يومين، وعادة ما تكون نسبة الحجز مئة بالمئة، الأمر الذي يضطر الشركات إلى تسيير رحلات إضافية خلال فترة العيد.

الشركة أشارت إلى أن “الأسعار سترتفع بشكل بسيط”، في حين أشار مصدر آخر إلى أن الازدحام خلال فترة العيد سيرفع الأسعار لكن ليس بنسبة كبيرة، علاوة على وجود الرحلات العادية بسعر 12 ألف ليرة  والرحلات الـ “في آي بي” وهنا تختلف الأسعار.

وقال مصدر في شركة الأهلية للنقل لـ “أثر”، “يتم الإعلان عن الحجوزات قبل حلول عيد الفطر بيومين ونسبة الحجز تكون 100 بالمئة الأمر الذي يضطرنا إلى تسيير رحلات إضافية مثلاً، ممكن تسيير من 5 إلى 6 رحلات إضافية، فالرحلات المقررة تكون بمعدل 17ـ 18 رحلة؛ ولكن ضمن فترة المناسبات والأعياد تزدحم وتصل الرحلات إلى 25 رحلة”.

أجور مضاعفة

“اتصلت على أحد الشركات وطلبوا مني مبلغ مضاعفة من أجل رحلة إلى حلب”، قال أحمد سيف الدين وهو طالب جامعي يعيش في العاصمة دمشق، واعتاد الذهاب إلى عائلته في حلب خلال الأعياد والمناسبات، لكنه تفاجأ بعروض الأسعار الي حصل عليها من شركات النقل.

قد يهمك: اقتراب عيد الفطر يلهب أسعار الحلويات بنسبة مئة بالمئة “والناس صايمة عنه”

سيف الدين أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “اتصلت على شركة نقل من أجل حجز مقعد واحد إلى حلب، فكان الجواب بأن الحجوزات جميعها ممتلئة، ثم قال لي إذا بتحب منزبطك برحلة إضافية بس بـ 15 ألف، علما أن الرحلات المعتادة الأساسية جميعها ممتلئة، دائما ما ترتفع الأسعار بشكل كبير خلال العيد ويتحججون أن الرحلات محجوزة”.

آخر قرار حكومي برفع تعرفة التنقل بين المحافظات يعود إلى نهاية العام الماضي، ووفق قرار وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”،فإن التعرفة الكيلو مترية لشركات نقل الركاب العاملة بين المحافظات و المرخصة على قانون الاستثمار ستصبح 32.40 ليرة سورية للكيلو متر بالنسبة لبولمان رجال أعمال المخصص لـ 30 راكبا، و29 ليرة للكيلو متر للبولمان المخصص لـ 45 راكبا.

تجدر الإشارة إلى أن أزمة المحروقات عادت مؤخرا إلى المدن الرئيسية في سوريا، حيث شهدت بعض المحطات في دمشق، أزمة كبيرة في تأمين مادتي المازوت والبنزين، ما خلق “أزمة نقل خانقة وسط انتظار السائقين لعشر ساعات ليحصلوا على البنزين بالسعر الحر“. 

وزارة التجارة الداخلية أصدرت تعرفة لشركات النقل، إلا أنه لا أحد من هذه الشركات تلتزم به دائما، فبحسب تواصل “الحل نت” مع أحد الركاب الذين يتنقلون بين دمشق-دير الزور، اليوم الجمعة، فإن الأجرة للشخص الواحد بلغت 18 ألف ليرة سورية، وأحيانا بعض الشركات تطلب أكثر من ذلك.

في دراسات رسمية سابقة، اتضح أن فاتورة النقل تستحوذ على ما نسبته 30 إلى 40 بالمئة من موازنة الأسر السورية وإنفاقها، ولذلك من الخطأ رفع أجور النقل العام، ويجب تقديم الدعم من قبل الحكومة للمحافظة على الفئة التي تستخدم وسائط النقل العام، بل ومضاعفتها لما لها من آثار إيجابية على التنمية الاقتصادية.

 في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية في سوريا، تؤكد تقارير المنظمات الدولية أن نحو 69 بالمئة من السوريين في سوريا تحت خط الفقر، في وقت تساعد الحوالات المالية المرسلة من أقاربهم وأصدقائهم في الخارج إلى التخفيف من وطأة الأزمة عليهم .

الحكومة في دمشق تبدو عاجزة عن السيطرة على الأزمات الاقتصادية المختلفة، ولو كان بيدها أدوات اقتصادية حقيقية، لحاولت الحفاظ على قيمة العملة المحلية من الانهيار، وبالتالي أوقفت الزيادات الخيالية في أسعار السلع والخدمات، التي لم يعد المواطن يتحملها، وكان هذا الخيار الأفضل من ترك الاقتصاد ينهار ومن ثم اللجوء إلى رفع الرواتب 20 و30 بالمئة.  

تحسين الواقع المعيشي للسوريين، يتطلب بحسب مختصين في الاقتصاد إلى وجود رؤية وخطة واضحة لتحسين واقع الإنتاج بمختلف قطاعاته، فضلا عن تحسين البنية التحتية وتأمين الخدمات الأساسية، بما يخدم القطاع الإنتاجي، وبذلك تتحرك العجلة الصناعية ويزداد الطلب على اليد العاملة، بالتالي يمكن الحديث عن تحسّن في الواقع المعيشي للسوريين، لكن كل ما سبق فشلت دمشق في تحقيق الأدنى منه.

عاملون في مجال النقل أكدوا أن عجز الجهات الحكومية عن التدخل لضبط عمل شركات النقل، يأتي بالدرجة الأولى بسبب عجزها عن تأمين الكميات الكافية من المحروقات من أجل تشغيل آلياتها، بالتالي تلجأ الشركات للحصول على المحروقات من السوق السوداء بأسعار أعلى، ما يعني عدم قدرة الحكومة على إبراز ورقة التكاليف أمام الشركات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات