على نحو متزايد أصبحت السيارات الكهربائية وسيلة مواصلات شائعة في جميع أنحاء العالم بسبب الفوائد التي تقدمها. لكن في سوريا وبسبب التقنين، المركبات الكهربائية من المسلم أنها لن تعطي أفضل نتائجها، خصوصا وأن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية حادة أثّرت على الطاقة الكهربائية، مما يجعل من المستحيل على السيارات الكهربائية العمل بكفاءة.

لكن في قرار مفاجئ، وافقت محافظتا دمشق وريف دمشق على طلب مستثمر لخدمة خطوط النقل في المحافظتين بحافلات تعمل بالطاقة الكهربائية. صدر هذا القرار عن اللجنة المشتركة لتنظيم نقل الركاب في محافظة دمشق والتي وافقت على قيام المستثمر باستيراد 200 ميكروباص من فئة 22 مقعدًا ثابتًا وما فوق موزعة على 12 خطاً، مما أثار الدهشة حول فاعلية هذه الخطوة.

باصات كهربائية لتخديم دمشق

وفقا لما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، أمس الثلاثاء، فإن اللجنة في محافظة ريف دمشق وافقت بالسماح للمستثمر الذي لم تحدد اسمه، باستيراد 63 ميكروباص  من فئة 22 مقعدًا ثابتًا وما فوق موزعة على 8 خطوط.

حافلات النقل العامة تكتظ بالمواطنين على وقع الازدحام وقلة عدد المركبات العاملة - موقع "الجزيرة".
حافلات النقل العامة تكتظ بالمواطنين على وقع الازدحام وقلة عدد المركبات العاملة – موقع “الجزيرة”.

كما نص الكاتب، أن الحافلات التي تخزّن الكهرباء عبارة عن حافلات تعمل بالبطارية، يتم إنشاء مراكز شحن لها ملاصقة لمراكز الصيانة على الخطوط التي تخدمها هذه الحافلات.

لكن الحديث عن حافلات تعمل بالكهرباء يأتي في بلد يعاني من التقنين. كما أثارت الموافقة على إدخال هذه الحافلات مخاوف بعض سكان العاصمة، حيث يشعر الكثيرون بالارتباك بشأن الحافلات التي سيضطرون لركوبها بناءً على ساعات التقنين المفروضة في البلاد. 

إدخال هذه الحافلات أثار موجة كبيرة من السخرية في التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تركزت في مجملها على انقطاع التيار الكهربائي، مما جعل الناس يتساءلون عن فائدتها، حيث كتبت “ورد الشام”، “الريف الكهرباء فيها ساعة كل 12 ساعة، الباص بيشتغل ساعة كل 12 ساعة ولا كيف”.

على الرغم من الشكوك، يرى تاجر السيارات أحمد المزيد في حديثه لـ”الحل نت”، أن القرار يمثل خطوة إلى الأمام في جهود الحكومة لتوفير خيارات نقل مستدامة وصديقة للبيئة. اكتسبت الحافلات والسيارات الكهربائية شعبية متزايدة في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يعود إدخالها إلى سوريا بفوائد عديدة، مثل الحد من الازدحام المروري والتغلب على أزمة المحروقات.

مع ذلك، فإن نجاح هذه المبادرة سيعتمد على قدرة الحكومة والمستثمر على مواجهة التحديات التي تأتي مع تشغيل الحافلات الكهربائية في دولة ذات موارد وبنية تحتية محدودة. فمن التحديات الرئيسية قضية انقطاع التيار الكهربائي والتقنين، مما قد يؤثر على قدرة هذه الحافلات على العمل بكفاءة وتلبية احتياجات الناس.

استجرار الوقود هو الحل؟

الحكومة السورية قيّدت واردات الوقود، مما أدى إلى نقص حاد في البنزين والمازوت. ومع نقص الوقود، يكاد يكون من المستحيل تشغيل سيارات محرك الاحتراق الداخلي داخل البلاد، كما أن السيارات الكهربائية ليست استثناءً، إذ تتطلب السيارات الكهربائية طاقة لشحنها، وهو ما يمثل تحديا في الوصول إليها بسبب أزمة الطاقة في البلاد. إن انقطاع التيار الكهربائي متكرر، وتلجأ الحكومة في كثير من الأحيان إلى التقنين لتخديم كامل سوريا.

علاوة على ذلك، يلفت المزيد إلى أن التكاليف المرتفعة للسيارات الكهربائية تشكل عقبة إضافية، حيث يعاني السكان السوريون بالفعل من التضخم، وأسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء في ارتفاع مستمر. وبالتالي، فإن الاستثمار في السيارات الكهربائية أو الباصات سيكون رفاهية لا يستطيع معظم الناس تحمّلها. وبالمثل، تفتقر الحكومة إلى الأموال الكافية للاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة، والتي من شأنها تمكين السيارات الكهربائية من العمل بكفاءة أكبر.

الافتقار إلى البنية التحتية المناسبة للصيانة يُعد سببا آخر لعدم قدرة السيارات الكهربائية على العمل بشكل جيد في سوريا. تتطلب السيارات التي تعمل بالكهرباء مرافق متخصصة مثل محطات الشحن والفنيين المدربين. هذه المرافق نادرة في سوريا، مما يجعل تشغيل المركبات الكهربائية شبه مستحيل. 

ساعات التغذية الكهربائية في سوريا

نظام التقنين في سوريا تم تنفيذه من قبل وزارة الكهرباء استجابة لنقص الوقود ونقص الأموال. وقد تفاقم الوضع بسبب الصراع الدائر في البلاد، وعدم قدرة الحكومة على اقتراح حلول جوهرية، فيما تحوّل هاجسها لتنفيذ متطلبات العقود التي وقعت مع الدول والشركات الأجنبية وتزويدهم بالكهرباء 24 ساعة، والذي عطّل إمدادات الكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى.

في مرات سابقة وعدت الحكومة باتخاذ إجراءات لمعالجة الوضع، لكن لم يطرأ تحسّن يذكر حتى الآن. انتقد الكثيرون نظام التقنين باعتباره غير عادل، لأنه يؤثر بشكل غير متناسب على المناطق الفقيرة وتلك الموجودة خارج العاصمة دمشق.

مؤخرا أعلن المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، هيسم ميلع، أنه لن يكون هناك تغيير في كمية الكهرباء المزوّدة خلال عطلة عيد الفطر. وهذا يعني أن بعض المناطق في سوريا ستحصل على الكهرباء لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم، بينما سيعاني البعض الآخر من انقطاع الكهرباء لأيام متتالية.

ساعات تقنين الكهرباء تتراوح ما بين 18 ساعة تقنين في أحسن أحوالها إلى 20 ساعة تقنين، وقد يزيد أو ينقص من منطقة إلى أخرى.

وفقا لمصادر محلية فإن أحياء دمشق تعاني نقصا كبيرا في إمدادات التيار الكهربائي فضلا عن الانقطاعات المتكررة خلال ساعات الوصل التي لا تتجاوز الساعة الواحدة يتبعها 6 ساعات قطع وأحياناً تغيب ليوم أو يومين متتالين.

إدخال الحافلات الكهربائية إلى دمشق وريفها يمثل خطوة مهمة نحو النقل المستدام والصديق للبيئة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه المبادرة سيعتمد على قدرة الحكومة والمستثمر على مواجهة التحديات التي تأتي مع تشغيل الحافلات الكهربائية في دولة ذات موارد وبنية تحتية محدودة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات