فنانو سوريا بالدراما المصرية.. حضور ناجح على الشاشة وبين الجمهور

منذ سنوات عديدة، على إثر الحرب في سوريا وتدهور الدراما فيها، فضلا عن لجوء عدد كبير من الفنانين إلى العيش في دول الجوار أو الدول الغربية، وهذا ما ولّد ظاهرة مشاركة الفنانين السوريين في الدراما المصرية التي تشهد حضورا لافتا لعدد كبير منهم، بجانب الفنانين العرب ، في أدوار تراوحت بين البطولة والوسط والظهور البسيط.

إلى هذا اليوم فإن هذه المشاركة في الدراما المصرية ما زالت مستمرة، وخلال موسم دراما رمضان 2023 شهدت مشاركة نحو 14 ممثلا من دول عربية مختلفة، ومن المعروف أن السوريين شاركوا في الدراما المصرية منذ سنوات طويلة، وبالتالي خلال هذا الموسم يترأس المشهد حوالي خمسة فنانين سوريين دفعة واحدة في الأعمال، يليهم ثلاثة فنانين من تونس، واثنان من لبنان والأردن، إلى جانب فلسطينيين وسعوديين.

مشاركة الفنانين السوريين

الفنانون السوريون المشاركون في الدراما المصرية في السباق الرمضاني الحالي، هو الفنان جمال سليمان والفنانة السورية جمانة مراد، إلى جانب الفنان الشاب هفال حمدي والفنانين جهاد سعد وخالد القيش.

القيش وحمدي يشاركون في مسلسل “رسالة الإمام”، الدرامي التاريخي، الذي يتناول السنوات الأخيرة من حياة الإمام محمد بن إدريس الشافعي، أحد أشهر علماء الفقه والتفسير، والتي قضاها في مصر. ومع عرض حلقاته الأولى في موسم الدراما الرمضاني 2023، لاقى العمل إقبالا كبيرا، لكنه حصد في المقابل الكثير من الهجوم والانتقادات نظرا لاحتواء العديد من الأخطاء التاريخية.

العمل من سيناريو وحوار 7 كتّاب تحت إشراف المؤلف محمد هشام عبية، وإخراج السوري ليث حجو، وإنتاج شركة “ميديا هب – سعدى جوهر”، وبطولة نخبة من الفنانين في الوطن العربي، منهم خالد النبوي، أروى جودة، نضال الشافعي، خالد أنور، وليد فواز، جيهان خليل، حمزة العيلي، أحمد الرافعي، سلمى أبو ضيف، وخالد القيش وهفال حمدي، ولأول مرة تشارك الفنانة الفلسطينية فرح بسيسو، في الدراما المصرية من خلال “رسالة الإمام”.

المشاركة في الدراما “الصعيدية”

كالعادة يشارك الفنان السوري جمال سليمان، في بطولة مسلسل مصري كل عام، الذي يعيش في الدراما المصرية منذ سنوات عديدة، ويشارك خلال السباق الرمضاني الحالي في بطولة مسلسل “عملة نادرة”، الذي تشارك فيه أيضا الفنانة السورية جمانة مراد، وهو من إخراج محمد العدل، وبطولة نيللي كريم.

المسلسل يطغى عليه الطابع الصعيدي، وقد سبق وقدم سليمان العديد من الأعمال الناجحة فيها خاصة شخصية “مندور أبو الدهب” في مسلسل “حدائق الشيطان” الذي عُرض في شهر رمضان 2006. وللمرة الأولى تدخل نيللي كريم في ثوب الدراما الصعيدية، وتناقش من خلاله العديد من القضايا الهامة في صعيد مصر، خاصة حرمان المرأة من حقها في الميراث. وتدور حكاية مسلسل “عملة نادرة” حول شخصية نادرة التي تُجسدها نيللي، التي ترصد خلال حلقات العمل معاناة التفرقة والحرمان الذي يحاصر المرأة ويمنعها أن تورث أرضا، وبدلا من ذلك تأخذ أموالا، ومن تخالف هذا العرف تعتبر خارجة من العادات والتقاليد ويعتبرونها ضد الدين ذاته، فترفض نيللي هذا العرف والتقليد وتواجه حزمة مشاكل كثيرة.

جمال سليمان يجسد شخصية “عبدالجبار” في المسلسل، وتعكس شخصيته مدى الازدواجية التي يعيشها البعض بين إيمانهم الديني الظاهري والانتصار لمصالحهم عندما تتعارض مع أي إيمان أو مبادئ. وتحدث سليمان عن سر ارتباطه بدراما الصعيد، قائلا لموقع “سكاي نيوز عربية“، مؤخرا، “كان لدي اشتياق للدراما التي تدور في أجواء الصعيد، فأنا أحب هذه البيئة وأشعر نفسي وكأنني في بيتي بين أهلي وناسي”.

قد يهمك: مسلسل “رسالة الإمام”.. جدل واتهامات بتضمنه “أخطاء تاريخية”

أما عن أكثر ما لمسه في شخصية “عبد الجبار” للكاتب والمؤلف مدحت العدل قال سليمان “هذا هو لقائي الثالث مع د.مدحت العدل، سبق أن التقينا في مسلسل أعتز به وهو قصة حب عام 2010 ثم مسلسل الشوارع الخلفية عام 2011، والذي كان مُقتبسا عن رواية الرائع عبد الرحمن الشرقاوي التي تحمل العنوان نفسه، فأنا أحب كتابات مدحت العدل، وأثق دائما أن هناك بالإضافة للمتعة رسالة تهم الناس، لذلك تحمست لشخصية عبد الجبار لما لمسته من جديد يمكنني تقديمه من خلالها”.

كذلك، خاضت جومانة مراد تحدٍّ خاص مع نفسها؛ بحسب تعبيرها؛ بشخصية “دميانة” في مسلسل “عملة نادرة”، والذي نجحت من خلاله في تصدر محركات البحث في إحدى الحلقات بسبب أدائها اللافت، وترك بصمة كبيرة هذا العام.

جمانة قالت إنها حرصت على مذاكرة شخصية “دميانة” بشكل كبير وبعناية، متابعة في حديثها مع موقع “القاهرة الإخبارية”، كنت أتحدى نفسي من خلالها حتى تخرج بالشكل المناسب، وأشعر أنها توحدت مع شخصيتي الحقيقية”، مضيفة أن مشهد وفاة الزوج في المسلسل حقق تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن المشهد لم يكن سهلا.

كما قالت أنها تحمست للمشاركة في العمل بسبب وجود المخرج محمد جمال العدل صاحب الرؤية الفنية والوعي، وأيضا لوجود شركة إنتاج قادرة على توفير كل الإمكانيات، وأخيرا وجود ممثلين محترفين، مثل نيللي كريم وجمال سليمان وغيرهم.

مشاركات عربية أخرى

في المقابل، كان هناك حضور لافت لفنانين أخرين عرب في الدراما المصرية، ومنهم الفنان الأردني إياد نصار، الذي يشارك في بطولة عملين، هما “ستهم”، من إخراج رؤوف عبد العزيز، وبطولة روجينا، ومسلسل “تغيير جو”، الذي بدأ في النصف الثاني من رمضان، وهو من إخراج مريم أبو عوف وبطولة من شلبي وميرفت أمين.

الفنان التونسي تميم عبده، أيضا يشارك في عملين، هما “كامل العدد”، بطولة دينا الشربيني ومنال سلامة، و”ستهم”، الذي يشارك فيه أيضا الفنان السوري جهاد سعد. أما مسلسل “جعفر العمدة”، الذي يتصدر محركات البحث ويتربّع على معدلات نسبة المشاهدة على شاشات التلفزيون، فيشهد مشاركة الفنان الأردني منذر رياحنة، وهو من بطولة محمد رمضان، وإخراج محمد سامي.

كما وتتشارك الفنانة التونسية درة، واللبناني باسم مغنية في بطولة مسلسل “الأجهر”، وهو بطولة عمرو سعد، أحمد صفوت، درة سارة سلامة، سيد رجب، عمرو عبدالجليل، ناهد السباعي، مصطفى أبو سريع، أنوشكا، أحمد مجدى، محمد جمعة، ندى بهجت، محمود قابيل، عارفة عبد الرسول، نور النبوي، وغيرهم، ومن تأليف ورشة ملوك وإخراج ياسر سامي.

أيضا كان لتونس نصيب في المشاركة بالدراما المصرية، حيث شاركت عائشة بن أحمد في بطولة مسلسل “مذكرات زوج”، بطولة طارق لطفي وإخراج تامر نادي، ومن تونس أيضا تشارك فريال يوسف في مسلسل “ليل أم البنات”، بطولة سهير رمزي وإخراج عبد العزيز حشاد. أما الفنان السعودي محمد القس، فيشارك في بطولة مسلسل “تلت التلاتة”، وهو من بطولة غادة عبد الرازق وإخراج حسن صالح. العمل يظهرها بصورة جديدة، إذ تجسد 3 شقيقات “توأم”، تتورط إحداهن في مشكلة كبيرة نتيجة زواجها من شخصية يؤديها محمد القس. وينتمي المسلسل لنوعية أعمال الغموض والجريمة والتشويق.

في السياق نفسه، يشهد موسم رمضان مشاركة عدد آخر من الفنانين الذين يشاركون لأول مرة بمصر من بينهم الفنانة الكويتية شمس، والتونسية رانيا التومي التي قالت لـ”الشرق الأوسط” إن مشاركتها الدرامية في مسلسل “سره الباتع” إضافة لمشوارها، خصوصا أنه عمل قوي ومهم لمخرج متمكن هو خالد يوسف.

“جعفر العمدة” رقم واحد.. محمد رمضان وراء نجاحه؟

هذا واعتبر الناقد الفني محمد عبد الرحمن أن المشاركات العربية اللافتة التي تزداد عاما تلو الآخر وهي ليست ظاهرة عابرة مثلما يقول البعض، بل هي واقع في الدراما المصرية. مضيفا لذات الصحيفة، أن “صنّاع الأعمال الفنية يستعينون بالفنانين العرب بشكل دائم طالما كانت الأدوار التي أسندت لهم مناسبة، لكننا نعتبرها ظاهرة سلبية إذا كانت الأدوار لمجرد التواجد، وعلى سبيل المجاملة فقط”.

هذه المشاركات ربما تعود أيضا لرغبة المخرجين والمنتجين المصريين في اكتشاف وجوه عربية جديدة من مختلف الأجيال والمدارس التمثيلية مفيدة جدا للدراما المصرية، لأن الجمهور يفضل دائما الجديد والمختلف والمتنوع، وخلق أجواء تنافسية صحية بالوسط الفني.

في العموم، استطاع الفنانون السوريون من خلال مشاركتهم في الدراما المصرية، خاصة خلال السنوات الماضية، أن يحققوا نجاحا كبيرا ويسجلوا حضورا مميزا ولافتا، سواء من خلال الأدوار البطولية أو الثانوية، وخاصة جمال سليمان وكندة علوش وباسل خياط.