ارتفاع ملحوظ في أسعار جميع السلع تشهده الأسواق السورية منذ فترة ليست بالقصيرة، لكن أسعار الخضار والفواكه هذه الأيام والتي وصفت بـ”الخيالية” باتت تفوق قدرة معظم المواطنين، لا سيما عقب افتتاح سوق الفاكهة الصيفية، وطرح منتج البطيخ، بنوعيه “الأصفر والأخضر” في أسواق دمشق، والسلع من إنتاج منطقة غور الأردن، بالإضافة إلى طرح عدد من أصناف الفاكهة الصيفية الأخرى.

بطبيعة الحال هذه الأسعار تفوق قدرة أغلب المواطنين، وبالتالي ستكون هذه الفواكه الصيفية من نصيب الطبقة الغنية التي تمثّل نسبة ضئيلة من السوريين اليوم، وبالتالي ستكون ثمار الصيف خارج قائمة مشتريات الناس في جميع المحافظات السورية، بسبب انخفاض مستوى الرواتب والأجور مقارنة بظروف المعيشة الصعبة.

منتجات غير محلية

نحو ذلك، طُرح في أسواق دمشق البطيخ بنوعيه إضافة لعدد من أصناف الفاكهة الصيفية مثل الأكيدنيا والخوخ. ويقول أحد باعة الفواكه والخضار في منطقة الميدان لموقع “أثر برس” المحلي، اليوم الثلاثاء، إن الأسعار “رخيصة” مقارنة بكون هذه الفواكه من البضائع المستوردة، ناهيك عن أن طرحها المبكر يفرض ارتفاع أسعار لقلة العرض.

هذا وبلغ سعر كيلو البطيخ الأخضر 25 ألف ليرة سورية في أسواق العاصمة السورية دمشق، فيما يباع البطيخ الأصفر بسعر 30 ألف ليرة سورية، والأكيدينيا بسعر 17 ألف ليرة، ورغم هذه الأسعار إلا أن البائع وصف الطلب بـ “الجيد” خاصة في فترة العيد.

في الأثناء طُرح بطيخ أخضر سمّي بـ “الإيراني”، في أسواق محافظة الحسكة بسعر 4500 ليرة سورية، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا للبطيخ المعروض في الأسواق مثل سوق القامشلي. وتقول المصادر إن مثل هذا السعر يُعد مشجعا جدا للزبائن لشراء البطيخ في أول موسمه، فعند مقارنة السعر بين البطيخ الأردني والإيراني، يبدو أن الفارق يزيد عن 5 أضعاف.

في حين أن الفواكه المستوردة من الأردن تقطع طريق برية لمدة أربع ساعات على الأكثر لتصل “سوق الزبلطاني” بدمشق، فإن الشاحنات التي تنقل الفواكه من إيران إلى القامشلي تحتاج لخمسة أضعاف هذه المُدّة، ومع ذلك فإن فارق السعر يميل لصالح الفواكه الأردنية.

هذا ومن المتوقع أن يبدأ موسم البطيخ البلدي خلال شهر من الآن، وتشير توقعات الباعة إلى أن السعر لن يقل عن 3000 ليرة سورية للكيلو الواحد نتيجة ارتفاع تكلفة النقل الداخلي وقلة المحروقات، لاسيما وأن غالبية سيارات الشحن لا تحصل على أي كمية مدعومة من المحروقات في موسم الصيف.

كثير من المواطنين يقولون إن هذه الأسعار لا تناسبهم إطلاقا، وهم يمتنعون عن شراء جزء كبير من الفاكهة ولا يكتفون إلا بشراء منتجات ذات جودة منخفضة ورخيصة وفي أوقات الذروة وليس في بداية المواسم عندما تكون الأسعار مرتفعة، وبالتالي تنضم فواكه الصيف إلى قائمة الكماليات وتودّع معظم موائد العوائل السورية، حيث إن الغلاء يلتهم جميع الأصناف دون استثناء، إذ يقترب الكيلو من منتج البطيخ من ربع راتب الموظف الحكومي.

الاقتصاديون أشاروا إلى أن المشكلة ليست في ارتفاع الأسعار، بل إنها تكاد تكون مساوية لأسعار دول الجوار، لكن المشكلة تكمن في تدني مستوى الأجور والمداخيل، فمثلا راتب الموظف الحكومي لا يتجاوز 20 دولارا شهريا، وهذا خارج العقل والمنطق، فلا يُعقل أن يدير المواطن معيشته بهذا المبلغ، لذلك يجب على الحكومة إعادة النظر في مستوى الرواتب والمداخيل، وإلا فسترتفع معدلات الفقر أكثر مما هو عليه.

أسعار الخضار والفواكه الأخرى

في المقابل، ارتفعت أسعار بعض الخضراوات والفواكه في أسواق مدينة دمشق أيام عيد الفطر الفائت، بالتزامن مع توقف غالبية التجّار عن العمل بسبب غلق “سوق الهال” خلال فترة العيد. ووفق تقرير لموقع “بزنس 2 بزنس” الاقتصادي المحلي، مؤخرا، فإن سعر كيلو البندورة ارتفع إلى 4500 ليرة سورية حيث كانت تباع بـ 3500 ليرة قبل عطلة عيد الفطر، كما ارتفع سعر كيلو الخيار إلى 4000 ليرة من النوع البلاستيكي وإلى 7000 ليرة من النوع الأرضي، علما أن أسعارها قبل العيد كانت أرخص بألف ليرة.

كما وسجّل سعر كيلو البطاطا 2400 ليرة وكيلو البصل اليابس 15000 ليرة والبصل الفريك 3500 ليرة، فيما حافظ الثوم الأخضر على سعره  عند 3500 ليرة للكيلو والبازيلاء 6000 ليرة للكيلو، أما الفول الأخضر انخفض قليلا. وأشار الموقع المحلي إلى أن الكوسا حافظ على سعره المرتفع عند 5000 ليرة للكيلو من النوع الجيد والفليفلة بـ 8000 ليرة، واليبرق 15 ألف ليرة للكيلو والفاصولياء الخضراء بـ 11 ألف ليرة للكيلو.

أما بالنسبة للفواكه، فقد سجّل سعر كيلو البطيخ 5000 ليرة وحافظ الفريز والموز على أسعارها، وانخفض سعر الأكيدنيا والتوت الشامي قليلا، كما بقيت أسعار الحمضيات مستقرة على سعرها المرتفع، وسجّل سعر كيلو البوملي 3500 ليرة وكيلو أبو صرة 3500 ليرة. كما ارتفع سعر الحشائش أيضا، حيث سجّل كيلو الخس 3000 ليرة، وباقة البقدونس 500 ليرة، والنعناع 500 ليرة، والبصل الأخضر 1000 ليرة، والبقلة 1500 ليرة.

تجار سوق الهال توقعوا أن تنخفض أسعار الخُضر بعد العيد، خاصة الفول والبازلاء والبصل الفريك، كون الإنتاج يصل إلى طاقته القصوى في هذه الفترة من كل عام، والإنتاج جيد وهناك وفرة بالبضاعة المعروضة، وقلة طلب نتيجة تدني القدرة الشرائية، وعزوف العائلات عن التفريز بسبب الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، وبعض العائلات خسرت مونتها في الأعوام الماضية، لكن الأسعار بقيت كما هي تقريبا وليس كما توقعوا.

أسباب الغلاء

في سياق متّصل، عزا البائعون ارتفاع أسعار الفاكهة الصيفية إلى كونها منتجات مستوردة، ولكن حتى عند طرح المنتجات المحلية، فإنها لا تزال مرتفعة ولا تتناسب مع القوة الشرائية للمواطنين في البلاد، حيث يتم تصدير الفاكهة إلى الدول المجاورة، على الرغم من أن الكميات المنتجة لا تغطي احتياجات السوق السورية مما يساهم في رفع الأسعار.

فيما تبقى بعض العوامل كالمناخ المتقلب وحاجة بعض المزروعات لدرجات حرارة عالية أسبابا إضافية، فضلا عن غياب الدعم الحكومي للقطاع الزراعي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والقوة التشغيلية من المازوت والأسمدة وغيرها، كذلك تدهور الليرة السورية أمام القطع الأجنبي.

لم تكن الفروق كبيرة في الأسعار في الآونة الأخيرة، حيث سبق وأن شهدت الأسعار ارتفاعا كبيرا جدا مع بداية شهر رمضان الفائت، وازدادت في عطلة عيد الفطر، وكان انخفاضها بعد عطلة العيد محدودا جدا، بينما لا تملك الحكومة أي قدرة على خفض الأسعار أو على الأقل الحد منها.

في خضم هذه الارتفاعات المتتالية في الأسعار، باتت فاكهة الصيف ترفا، أو قد يلجأ البعض لشرائها بالحبة الواحدة، حيث أصبح المواطن يوّدع كل يوم نوع من المواد الغذائية ويتساءل عن التالي. وعلى الرغم من الوفرة الموجودة في الأسواق السورية، إلا أن هناك شيء فرض نفسه كأمر واقع وهو ارتفاع الأسعار، والتي سجلت أرقاما قياسية، وصلت إلى حد أنه كان من المستحيل على نسبة كبيرة من العائلات شرائها إلا بكميات قليلة أو استبدالها بسلع أرخص ثمنا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات