على الرغم من أن لحوم الدجاج والبيض أصبحت خارج القدرة الشرائية لدى المواطنين، بسبب زيادة الفجوة بين قيمة الرواتب والأجور والأسعار السائدة في الأسواق، إلا أنه ثمة مؤشرات على زيادة وشيكة في أسعار البيض والفروج. مما سيجعل هذا المنتج خارج موائد السكان في سوريا لفترات طويلة متقطعة، بمعنى أنه سينحصر بين شراء قطع فقط أو الاكتفاء بتناوله لمرة واحدة في الشهر أو الشهرين أو حتى لعدة شهور، نظرا لتفاقم مستوى الفقر في البلاد بشكل أكبر مما كان عليه في السابق.

لا يخفى على أحد أن أسباب ارتفاع أسعار البيض والفروج تتناسب طردا مع ارتفاع أسعار الأعلاف والوقود وسط غياب الدعم الحكومي لمربي الدواجن من خلال تزويدهم بهذه المواد الأساسية لاستمرارية وإنعاش هذا القطاع المتهالك بالفعل. لذلك، فإن لجوء مربي الدواجن إلى شراء هذه المستلزمات من السوق السوداء، بالتزامن مع ارتفاع أسعارها، سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق بلا شك، وبالطبع المواطن السوري هو الوحيد الذي يدفع ضريبة هذا التّفلت والتدهور.

ارتفاع قريب لـ”البيض والفروج”

من الطبيعي أن يرتفع سعر صحن البيض الى 25 ألفا وربما سيصل الى 30 أو أكثر بعد انتهاء شهر رمضان، إذا لم يتم دعم المربين بالسرعة القصوى من قبل الجهات المعنية بالحكومة السورية، خصوصا من ناحية سعر المازوت، حيث يؤكد أحمد جيفارا وهو أحد المربّينَ أن “أسباب ارتفاع سعر البيض والفروج باتت معروفة لدى الجميع ولعل أبرزها، ارتفاع سعر العلف واليوم لم يُعد ثمة دعم حكومي للمازوت”، حسبما يوضح تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، نُشر مؤخرا.

كذلك، فقد أصبح يُحسب لتر المازوت على المربي بـ 5400 ليرة سورية في العاصمة دمشق وريفها على عكس المحافظات الأخرى التي يحسب فيها سعر اللتر بـ 3100، ناهيك عن ارتفاع أسعار كيلو الصويا الذي وصل سعره إلى 9200 ليرة، وبالتالي تربية الدواجن باتت مكلفة للغاية، فجميع المواد الداخلة فيها باتت مرتفعة، منها الأدوية واليد العاملة والمحروقات، خصوصا وأن صغار الفروج “الصوص” بحاجة الى التدفئة طوال أشهر السنة ما عدا الشهرين السابع والثامن.

جيفارا يقول إن أغلب المربّينَ خرجوا عن عملهم، على إثر ارتفاع التكلفة، وفي حال لم يستطع المربي أن يجني ثمن التكلفة على الأقل، فلماذا يقوم بالتربية، فالعزوف عن العمل من أصله أفضل له لا سيما وأن الأوضاع الاقتصادية متدهورة في عموم البلاد.

هذا الأمر بالتأكيد سبّب قلة في المردود والإنتاج ما أدى إلى ارتفاع سعر المنتج في السوق، ويلفت جيفارا إلى أن سعر الصوص البالغ من العمر يوما واحدا يبلغ قرابة 7500 ويحتاج إلى 50 ألف ليرة كتكلفة حتى يصبح قادرا على إعطاء البيض، ناهيك عن أنه يصبح بحاجة إلى غذاء أكثر عندما يبيض ويصبح منتجا كباقي الدواجن، بالتالي التساؤل الأهم، كم يحتاج المربي ليسترد تلك النفقات.

ضرورة دعم قطاع الدواجن

في المقابل، دعا جيفارا إلى ضرورة دعم المربّينَ بالسرعة القصوى، وذلك للحد من غلاء قريب محتمل في أسعار البيض والفروج معا، فضلا عن أن الدعم الحكومي سيجعل المربّين يستمرون في عملهم، وسيشجّع غيرهم من عزف عن هذه المهنة للعودة إليها، وبالتالي زيادة الإنتاج وتاليا سينخفض السعر بالتأكيد، وهذا ما سيسهل حصول المواطن على هذا المنتج، وإلا فإنه سيغيب عن موائدهم تدريجيا حتى يختفي تماما ربما.

لم يختلف رأي الخبير  عبد الرحمن قرنفلة  كثيرا فقد نفى أن يصبح هناك وفرة من البيض في الربيع كما الحليب بسبب زيادة الولادات، مؤكدا أنه لا يوجد رابط مباشر بين حلول فصل الربيع وتبدل سعر منتج البيض نظرا لعدم حاجة الدجاج البياض في مرحلة الإنتاج الى نفقات تدفئة، كذلك لا يؤثر تبدل الفصول على أسعار المواد العلفية الخاصة بالدجاج كونها مستوردة بكل الحالات .

كما أكد قرنفلة أنه من المستحيل أن تنخفض أسعار البيض بل على العكس يمكن أن ترتفع طالما بقيت تكاليف الإنتاج وفي مقدمتها أسعار الأعلاف تتحرك صعودا بجانب تراجع أعداد مربي الدجاج البياض بفعل الخسائر التي يتعرضون لها في كل مرة ترتفع فيه أسعار مستلزمات تربية الدواجن.

هذا وتُعتبر أسعار اللحوم الفروج والبيض، الأكثر تذبذبا وارتفاعا حتى أن الأسعار غير مستقرة، نظرا لأن أسعار الأعلاف مستقرة ولم تتبدل منذ العام الماضي، بجانب عدم التزام الحكومة في دعم المربّينَ بمازوت التدفئة وبالتالي ثبات أسعار الفروج مرتبط ومتعلق دون شك بتسعيرة الأعلاف وشحّ المازوت.

على الرغم من تحذيرات المسؤولين بالحكومة والمربّينَ والباعة بتدهور قطاع الدواجن وتراجع العاملين فيه، فإن الجهات المعنية بذلك لا تحرك ساكنا، بل ولا توفي بوعودها في إطار دعم هذا القطاع . وقد قال عضو لجنة “غرفة زراعة دمشق”، مازن مارديني، في وقت سابق “للأسف هناك خروج لقسم كبير من مربّي الدواجن والبياض بعد إخفاق الوعود بتأمين الأعلاف والمحروقات وغيرها، فالمربون يتعرضون لخسائر، والرساميل تتآكل يوما بعد يوم لأن تربية الدواجن، وتجارة البيض تجارة ضعيفة بسبب ارتفاع أسعار العلف، فالصويا مثلا ارتفعت خلال أيام إلى أكثر من 2500 ليرة سورية للكيلو الواحد“.

أسعار الفروج والبيض

نحو ذلك، فقد تراوح سعر كيلو شرحات الدجاج في الأسواق، بين  42 و45 ألف ليرة سورية، بعد أن كان يُباع خلال الأيام الأولى من رمضان بحدود 35 ألف ليرة، كذلك شهدت بقية أجزاء الفروج ارتفاعات بنسب متفاوتة، وقد جاء هذا الارتفاع على الرغم من إغلاق محلات بيع الشاورما منذ بداية رمضان، والتي تستهلك القسم الأكبر تقريبا من منتجات أجزاء الفروج عادة، وفق تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا.

خلال الآونة الأخيرة، وتحديدا منذ بدء شهر رمضان، عزف نسبة كبيرة من السوريين عن شراء اللحوم بأنواعها، وقد عزا نسبة كبيرة من الخبراء الاقتصاديين هذا العزوف إلى ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن، مقارنة بهذه الأسعار، ذلك لأنه في السنوات الماضية لم يكن ثمة إقبال ضعيف كهذه السنة. وتأكيدا على غلاء الأسعار وعدم قدرة المواطن لتحمّل المزيد من الأعباء المعيشية، مسألة توجيه المواطنين لشراء مواد غذائية زهيدة الثمن من دون معرفة مصدرها أو حتى صلاحياتها، بجانب استبعاد قيام الكثيرين باستبدال اللحوم بمنتجات أخرى كعظام اللحوم وغيرها، مثل منتج “كفتة بديل اللحمة” الذي اكتسح أسواق دمشق، وخلط السمنة بالزيوت.

هذا ويعتبر قطاع الدواجن في سوريا، من أكثر القطاعات تضررا خلال سنوات الماضية، حيث توقف 60 بالمئة من المزارع والمنشآت بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، ما جعل منشآت المؤسسة المعنية تواجه تحديات استثنائية، وغير مسبوقة تتمثل بارتفاع أسعار المواد العلفية المستوردة التي تتجاوز قيمتها 70 بالمئة من تكاليف الإنتاج وعدم توافر السيولة المالية اللازمة لتأمين مخزون علفي طويل الأمد، فضلا عن التحدي الأكبر، وهو موضوع التقنين الكهربائي الطويل والمتكرر مع صعوبة تأمين مادة المازوت اللازمة لتشغيل تجهيزات الدواجن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات