ردا على الزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة، وتسبب بأضرار وخسائر جسيمة في الممتلكات والأرواح، أعلن رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس، أمس الثلاثاء، أن هناك خطة ملموسة لتوسيع مرفق مراكز الإيواء المفتوحة. وستبقى الخطة، بحسب رئيس الوزراء، سارية حتى نهاية العام الجاري. 

خلال حديث عرنوس تم تصنيف المساعدات المقدمة للمراكز على وجه التحديد على أنها مواد غذائية وأدوية، وهي خطوة مرحّب بها نحو رعاية ضحايا الزلزال الأخير، لكن مع إعلان عرنوس عدم وصول مساعدات مالية إلا من دولة الجزائر، أُثيرت تساؤلات حول حقيقة توزيع المساعدات على المستفيدين.

التشكيك في توظيف أموال المساعدات

التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء السوري، خلال مؤتمر صحفي حول ما تسمى الخطة الوطنية للتعاطي مع تداعيات الزلزال، أثارت ردود فعل محلية، خصوصا بعد تأكيد عرنوس، بألّا مساعدات عينية ستوزع على منكوبي الزلزال، لأن المبالغ حسب تعبيره “ليست على المستوى المطلوب وما علمنا به فقط هو ما قدمته الجزائر وقيمته 15 مليون دولار”.

العديد من متضرري الكارثة في المجتمع المحلي عبّروا عن شكوكهم بشأن فعالية جهود الحكومة في توزيع المساعدات، متسائلين أين ذهبت المساعدات النقدية التي كان من المفترض أن يتم توزيعها على ضحايا الزلزال.

سليمان الأسود، أحد سكان المنطقة المتضررة في اللاذقية، كتب على صفحته الشخصية، “شفنا بعينا ما حدا خبرنا إذا بدك نبعتلك الصور”، فيما ذكرت نارين المنحدرة من طرطوس، “لقد رأينا بأعيننا المساعدات النقدية التي كان من المفترض أن توزّع علينا. لكننا لم نتلقَ أي شيء بعد. ما زلنا نكافح لتغطية نفقاتنا”.

ساكن آخر علّق على حديث عرنوس قائلا، “من الجيد أن نسمع أن هناك خطة لتوسيع مراكز الإيواء المفتوحة، ولكن ماذا عن المساعدات التي كان من المفترض أن نتلقاها؟ نحن بحاجة إلى المساعدة الآن، وليس في المستقبل”.

الكثير من منكوبي الزلزال في المجتمع المحلي يشعرون أن الحكومة لم تفعل ما يكفي لمساعدتهم. وهم يطالبون بمزيد من الشفافية في توزيع المساعدات واتخاذ تدابير أكثر فاعلية لتلبية احتياجات الضحايا. حيث لم تستجب الحكومة السورية بعد لهذه المخاوف.

أين ذهبت الأموال؟

بحسب مصادر مطلعة في وزارة الأشغال العامة والإسكان، فإن الدول التي أرسلت المساعدات إلى الحكومة السورية هي، اليابان، الإمارات، إيران، السعودية، الصين، روسيا، إندونيسيا، سلطنة عُمان، العراق، “الحشد الشعبي”، مصر، ليبيا، إيطاليا، ألمانيا، البحرين، النرويج، أوزبكستان،  صربيا، باكستان، رومانيا، تونس، الجزائر، كازاخستان، بيلاروسيا، بنغلادش، فنزويلا.

مساعدات الإمارات تعزز جهود إغاثة متضرري زلزال سوريا - "وسائل التواصل الاجتماعي"
مساعدات الإمارات تعزز جهود إغاثة متضرري زلزال سوريا – “وسائل التواصل الاجتماعي”

حجم المساعدات التي وصلت للحكومة السورية غير معروف، لكن هناك أكثر من 120 رحلة جوية وصلت في إطار المساعدات لمنكوبي الزلزال، حيث تنوعت بين طواقم بشرية للإخلاء، وأجهزة طبية، ومعدات إسعافية، وأغذية، وخيم، ومواد لإعادة البناء مسبق الصنع.

أما عن تبرعات رجال الأعمال، فقد تم فتح حساب بنكي في “بنك البركة” من قبل اتحاد غرف الصناعة السورية لجمع التبرعات للمنكوبين بالليرة السورية لمن هم في داخل سوريا، وبالدولار لمن هم خارج سوريا، وذلك بعد أخذ الموافقة من رئاسة مجلس الوزراء على فتح الحساب على أن يوضع تحت إشراف لجنة الإغاثة العليا ليقوموا بدورهم بإغاثة المنكوبين.

الحسابات فُتحت تحت اسم “تبرعات متضرّري الزلزال”، أيضا مؤسسة “الأمانة السورية للتنمية” التي تملكها عقيلة الرئيس السوري، أسماء الأسد، فتحت حسابات لتلقي الدعم المالي في “بنك بيبلوس”، و”بنك بيمو” في لبنان تحت اسم مساعدات لـ”الهلال الأحمر العربي السوري”.

أما حول المساعدات المالية التي أعلن عن تلقيها، فقد أعلنت نقابة الفنانين السوريين عبر صفحتها الرسمية على الـ “فيسبوك” عن تبرّع العديد من الفنانين، حيث تبرع الفنان تيم حسن بمبلغ 107 ملايين ليرة سورية (نحو 42.8 ألف دولار أميركي) لصالح ضحايا الزلزال في سوريا.

كما تبرع الفنان بسام كوسا بـ 15 مليون ليرة سوري (نحو 6000 دولار)، والفنان حسام جنيد وزوجته إمارات رزق تبرعا بمبلغ 200 مليون ليرة سورية (نحو 80 ألف دولار)، وتبرع ناصيف زيتون بـ 360 مليون ليرة سورية (نحو 144 ألف دولار).

أيضا مليار ونصف ليرة سورية من رامي مخلوف، ومليار ونصف ليرة سوري من جورج وسوف، و150 ألف دولار من اللاعب عبدالرحمن ويس، و150 ألف دولار من اللاعب عمر السومة، و70 مليون ليرة سورية من ياسر العظمة، و50 مليون ليرة سورية من الوزير عمرو سالم.

أما دوليا، فقد تبرع الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي بـ 50 مليون درهم إماراتي، 21 مليون ليرة سورية من وائل رمضان وسلاف فواخرجي، 140 مليون ليرة سورية من سارية السواس، 2 مليار ليرة سورية من شركة “سيرياتيل”، 100 مليون ليرة سورية من شركة “أندومي”، 20 مليون ليرة سورية من نادين خوري، 5 مليون ليرة من الفنان محمد عمر.

أيضا الفنانة نجوى كرم تبرعت بـ 2 مليون دولار، و200 مليون ليرة سورية من شركة “مدار”، ووصلت 5 مليارات ليرة سورية من أبناء محافظة درعا، و200 مليون ليرة سورية من غرفة تجارة حماة، مليار ليرة سورية من سامر كرنازي عضو مجلس غرفة تجارة حماة، 15 مليون ليرة سورية من منظمات محلية سورية، 5 مليون ليرة سورية من أصحاب الأيادي البيضاء، 25 مليون ليرة سورية من غرفة زراعة دمشق.

كما أعلن عن 10 مليون دولار من المصارع العالمي جون سينا، 6 مليون دولار من الممثل العالمي ذا روك، 250 مليون ليرة من مازن العاني وفراس جهام ومدلول عزيز، 220 ألف يورو من مغتربين سوريين، 75 مليون ليرة من نقابة الفنانين، 400 مليون ليرة سورية من رجل الأعمال طريف الأخرس، 100 مليون ليرة سورية من رجل الأعمال عصام أنبوبة، 200 مليون ليرة سورية من رجل الأعمال لبيب إخوان، في حين أعلنت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم عن تبرعها بكافة أجرها من حفلها في الكويت لم يُفصح عن المبلغ.

مساءلة شفافة؟

بحسب ما ورد في المؤتمر، فقد تمت المباشرة في تجهيز 16 بناء في محافظة حلب ومثلها في اللاذقية لمتضرري الزلزال، فيما وضعت الحكومة بحسب تصريحات عرنوس، سياسات لدعم المتضررين والانتقال إلى مرحلة التعافي من الكارثة والتي تستهدف إعادة الحياة الطبيعية وتجاوز الكارثة.

باكستان ترسل شحنة من المساعدات إلى متضرري زلزال سوريا - إنترنت
باكستان ترسل شحنة من المساعدات إلى متضرري زلزال سوريا – إنترنت

التوجهات وفقا لعرنوس، تعكس جميع الأدوار الحكومية والمجتمعية للاستجابة للزلزال ووضع برامج تنفيذية، وتم الانطلاق بالخطة ضمن مراحل من 4 أسس أولها تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية.

طبقا للاحصائية التي ذكرها رئيس الوزراء السوري، بلغ عدد المباني التي تم الكشف عنها مئات آلاف وما يحتاج منها للتدعيم بلغ 59 ألف بناء، مشيرا إلى أنه سيصدر مرسوم في منشآت التمويل الصغير يتيح لها التعامل مع آثار الزلزال بشكل أكثر راحة، وسيعفي صناديق التمويل الأصغري من العديد من الالتزامات ويجعلها أكثر مرونة.

علاوة على ذلك، ذكر عرنوس خلال المؤتمر، “لن نبقي أي طفل دون رعاية جراء أضرار الزلزال حتى نيسان/أبريل 2024، هناك أموال في مصارفنا العامة والخاصة تنتظر من ينطبق عليه من تهدّمت ممتلكاتهم بسبب الزلزال، هناك 4500 أسرة  تضررت من الزلزال بإمكانهم الحصول على القروض، يجب أن تكون كل الخدمات والبنى التحتية حتى 2024 جاهزة للعمل”.

وزارة الأشغال العامة والإسكان، بحسب ما قيل في المؤتمر، بدأت مراجعة كود الزلازل ورخص البناء وأي خلل في عملية البناء تم الوصول له من خلال الكشف. كما أن الأبنية التي ستتم إعادة بنائها ستخضع لشروط البناء المقاوم للزلزال بشدة 7 ريختر.

أما عن موضوع محاسبة المسؤولين عن الأبنية الجديدة المنهارة جراء الزلزال، لفت عرنوس إلى أن الأمر ليس غائبا عنهم وقد شُكّلت لجان تحقيق لمحاسبة المتورطين. فيما علّق المسؤولون على المجتمع المحلي عن تقييم ومحاسبة من استغلوا الكارثة ورفعوا إيجارات وأسعار منازلهم بعد الزلزال.

من حيث الجوهر، يبدو أنه لا توجد لدى الحكومة السورية أي خطط لإعادة الإعمار أو تعويض المتضررين في سوريا، ما لم يكن هناك مؤشر واضح على حل سياسي شامل. وبالتالي، سيضطر المتضررون للانضمام إلى النازحين في المخيمات أو الكفاح من أجل تحمّل غلاء المعيشة في البلاد، ولا يمكن إنكار أن الزلزال ستكون له عواقب وخيمة على سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
4.3 3 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات