السيارات القديمة في سوريا، أصبحت عبئا ثقيلا على أصحابها، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف الصيانة الدورية وأزمة المحروقات، فضلا عن القرارات الحكومية التي ساهمت مؤخرا بتخلي آلاف السوريين عن سياراتهم، إذ يدفعون تكاليف وضرائب سنويا بما يضاهي نصف سعر السيارة أو أكثر.

آخر قرارات وزارة النقل تحدثت عنه صحيفة “تشرين” المحلية الإثنين، مشيرة إلى أن القرار يهدد بتوقف العديد من السيارات عن العمل، لاسيما تلك القديمة منها وتحتاج إلى صيانة، حيث قطع الغيار ليست متوفرة لبعض الفئات والطرز القديمة.

قرار يهدد السيارات

قرار وزارة النقل المتعلق بالسيارات، يقضي بالسماح باستبدال محركات السيارات والدراجات على ألا يزيد أو ينقص سعة المحرك الجديد عن 10 بالمئة من سعة المحرك السابق، في حين كان سابقا يستطيع أصحاب السيارات تبديل محركاتهم على ألا تزيد أو تنقص سعاتها بمقدار 50 بالمئة.

الأمر الذي يمنح أصحاب السيارات مرونة، ويترك لهم مجالا في حال تعرض محركات سياراتهم لأي أعطال غير قابلة للصيانة لعدم توفرها بوضع محرك آخر، لكن وفق القرار الجديد فإن صاحب السيارة أصبح مقيدا بخياراته في حال تعرض سيارته لعطل يتطلب تغيير المحرك.

القرار الجديد جعل السيارات القديمة عبئا على أصحابها، حيث قال ياسين الحسن وهو شاب يملك سيارة من طراز 1998 يعيش في دمشق، إنه يفكر في ركن السيارة او إنهاء وجودها من مديرية المرور، وذلك بعد الغلاء الذي أصاب قطع الغيار، فضلا عن الضرائب التي يدفعها سنويا للجهات الحكومية.

الحسن أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “سيارتي تحتاج إلى تبديل محرك ومع القرار الجديد أصبحت الخيارات ضيقة كثيرا، هذا فضلا عن الغلاء الفاحش في قطع الغيار، ربما أحتاج ثمن سيارة جديدة من أجل إصلاحها”.

كلفة تبديل محرك سيارة في سوريا قد تصل إلى الملايين في الوقت الراهن، إضافة إلى أن هناك محركات غير موجودة بالسعة نفسها في السوق منذ سنوات، كما أن هناك قطع فقدت من أسواق سوريا منذ فترة بعيدة، ولا يمكن استيرادها فكان الشخص يلجأ إلى استبدال محرك سيارته بمحرك سيارة من نوع آخر لكن بعد هذا القرار قد تصبح أغلب السيارات متوقفة لعدم وجود سعة محرك مناسب لنوع السيارة.

قد يهمك: ما حقيقة وفاة الممثل محمد قنوع نتيجة خطأ طبي في دمشق؟

الجهات الحكومية ردت بدورها على نقد القرار، بالقول إنه جاء للمصلحة العامة وتنفيذا لقواعد السلامة والأمان في السيارات، حيث علق مدير “نقل دمشق” ثائر رنجوس في تصريحات نقلتها “تشرين”، على القرار بقوله، إن القرار الجديد “أصدرته لجان فنية بناء على الشركات الصانعة للأمان الأكثر للسيارة والأضمن لها”.

أسعار “كاوية” لقطع التبديل

بحسب تقارير محلية، فإن أسعار قطع التبديل شهدت ارتفاعات وصلت إلى مئة بالمئة خلال العام الماضي، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على أصحاب السيارات، لا سيما العاملين في قطاع النقل، وأصحاب سيارات الأجرة.

من جهته أكد عضو “اتحاد حرفيي طرطوس” منذر رمضان، أن إصلاح السيارة اليوم مكلف جداً، لأسباب عديدة، منها قلة القطع الموجودة في الأسواق نتيجة قلة الاستيراد، ورفع الجمارك على القطع المستوردة، إضافة إلى حصر الاستيراد بعدد قليل جدا من التجار، وبالتالي لا توجد منافسة وارتفاع الطلب مقابل قلة العرض، وقلة قليلة تتحكم بالأسعار، وعدم إعطاء فواتير نظامية لبائعي المفرق، وارتفاع أجور النقل بين المحافظات، ولا ننسى الضرائب المرتفعة.

بعض أصحاب محال بيع قطع غيار السيارات قالوا، إن “القطع شبه مفقودة وتستلزم وقت حتى تصل إلى دمشق إذا طلبها الزبون توصاية؛ أما إذا قرر صاحب السيارة تركيب قطعة مستعملة؛ فتكون بنصف عمر وأقل سعر”.

هذا ويبدو أن إصلاح السيارات بات يشكّل معاناة مستمرة يواجهها المواطنون مع ارتفاع أجور الإصلاح واختلافها بين فنّيي الميكانيك، خاصة وأن المهنة لا تخضع لرقابة حكومية، ما أدى إلى فوضى وارتفاع أسعار كبيرين في ورش تصليح السيارات أضرت بالمدنيين.

غياب الرقابة على هذه المهنة، أكده رئيس الجمعية الحرفية لصيانة السيارات يوسف جزائرلي، في وقت سابق حيث قال إنه تلقى عدة شكاوى تتعلق بسوء إصلاح السيارات لعدم وجود خبرات فنية كافية، وإلى ارتفاع أجور الإصلاح التي أصبحت بلا رقيب ولا حسيب وإصلاح أقل عطل في المحرك يكلف 300 ألف ليرة علما أن الجمعية لا تتدخل بتحديد هذه الأجور، بحسب تقارير صحفية محلية.

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن الإقبال على الإصلاح قليل، ويتم في حالات الضرورة فقط، والفئات الأكثر قصدا للصيانة هي أصحاب السيارات العمومية “التاكسي، السرفيس”، كون سياراتهم بحاجة لإصلاحات شهرية بكلفة لا تقل عن 500 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل قرابة الـ 66 دولارا. أما حول الصيانة الدورية للسيارة، فأكد زرقاوي أن كلفة غيار الزيت تصل إلى 200 ألف ليرة، وإصلاح الدولاب أو استبداله 650 ألف ليرة، مدّعيا أنه رغم ارتفاع التكلفة إلا أن تجار هذه المهنة والحرفيين الذين يعملون بها خاسرون.

مع استمرار ارتفاع تكاليف الصيانة، والأزمات المتكررة في المواد النفطية، يذهب العديد من أصحاب السيارات في سوريا إلى قرار التخلي عن مركباتهم كونه الحل الأفضل، في ظل تردي الوضع المعيشي، إذ يفضلون تحويل ما ينفقونه على السيارة إلى الغذاء، الذي أصبح يشكل عبئا ثقيلا على السوريين في ظل الغلاء المستمر في المواد والسلع الغذائية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات