مع تردي الواقع الطبي في سوريا وهجرة الأطباء من البلاد، تشهد المشافي السورية والعيادات الخاصة أخطاء طبية متكررة، تودي في كثير من الأحيان بحياة المرضى التي قد يكون من بينهم أطفال، وذلك وسط عجز الجهات الحكومية عن دعم القطاع الطبي لسد احتياجات السوريين ومنع هذه الأخطاء.

آخر الحوادث التي وثقتها وسائل إعلام محلية، كانت لطفل يبلغ من العمر 9 سنوات، حيث دخل إلى عيادة طب أسنان، وفقد حياته خلال تعرضه لعملية “قلع سن”، نتيجة خطأ طبي يتعلق بالتخدير، وقد لاذ الطبيب بالفرار بحسب وسائل إعلام محلية.

إذاعة “أرابيسك إف إم” المحلية، ذكرت أن الطفل زين العابدين إبراهيم، كان يعاني من تأخر سقوط الأسنان اللبنية (تأخر التقويم)، ونقله ذووه إلى المركز الطبي في الشهبندر، الذي تعود ملكيته إلى طبيب طلب 3.3 ملايين ليرة سورية كلفة إجراء العملية.

خطأ بعملية التخدير

بحسب ما نقلت الإذاعة المحلية عن والد الطفل، فإنه ” أثناء إجراء العملية أخبره طبيب التخدير أن زين فتح عيناه، وكان قد تبقى سن واحد لتنتهي العملية، وأنه أعطاه إبرة ثانية، وقد عاد والد زين  ليطمئن على ولده ليجد طبيب التخدير يحاول إنعاش زين، ويضربه على صدره بعد أن وضعوا له المنفسة اليدوية، لكنه لم يستجب”.

حاول والد زين إسعافه إلى المشفى، وكان قد توقف قلبه لدى وصوله إلى أقرب مشفى، حيث حاول الأطباء في المشفى إنعاشه وأدخلوه إلى العناية المركزة، لكنه كان قد أصيب بأذية في الجملة العصبية، وفارق الحياة.

خلال الشهور الماضية، شهدت المراكز الطبية والمشافي في سوريا ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السوري،  عدة وفيات، بينها أطفال، بسبب الأخطاء الطبية، وبشكل خاص أخطاء أطباء التخدير، وقد سعت الجهات الحكومية إلى وقف هذه الأخطاء عبر فرض العقوبات على الأطباء والإيقاف في بعض الأحيان لكنها لم تنجح.

أواخر العام الماضي، أغلقت الحكومة السورية مشفى الغزالي في العاصمة دمشق، بعد وفاة شاب جراء خطأ طبي حدث في المشفى وأصدرت النيابة العامة أمرا بتوقيف الممرض المناوب المسؤول عن حقن الشاب، حيث كانت الحادثة ناتجة عن إعطاء المريض حقنة مضادة للالتهاب من نوع “روسيفلكس”، قد تكون قاتلة بالنسبة للمرضى.

واقع طبي متردي

المشهد الطبي في سوريا بات كابوسا يقض مضاجع المرضى، وقدكشف رئيس فرع “نقابة الأطباء” في العاصمة دمشق عماد سعادة عن عقوبات قانونية جديدة تطال أطباء ارتكبوا تشخيصات طبية خاطئة، ووصلت بعض العقوبات إلى وقيف الطبيب عن ممارسة مهنته لمدة عامين، وأخرى وصلت إلى سجنه، وبعض الحالات حكمت بتعويض مادي.

نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا، فإن البلاد تشهد منذ سنوات هجرة غير طبيعية للاطباء، الذي يفضلون العمل خارج سوريا، حيث الرواتب أفضل، في ظل انعدام الفرص داخل القطاعات الحكومية والخاصة داخل البلاد.

قد يهمك: مشهد محذوف من “العربجي” يثير الجدل.. كيف علق باسم ياخور؟

بسبب الأوضاع التي يعيشها القطاع الطبي في سوريا، انخفض الإقبال على التسجيل في كليات الطب السورية، بعد أن كانت كليات الطب من أكثر الأماكن إقبالا قبل عام 2011، وكان الحصول على مقعد في كلية الطب بمثابة حلم لكل طالب سوري.

صحيفة “الوطن” المحلية، أكدت إن إعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فتح باب التقدم إلى مفاضلة ملء الشواغر لمفاضلة فرز طلاب السنة التحضيرية 2022/2023، للقبول في كليات الطب البشري، دلّ على أن عدداً قليلا من الطلاب سجلوا هذه الرغبة في بطاقة المفاضلة، وبالتالي لم تكتمل نسبة الـ 50 في المئة التي خصصتها الوزارة لكلية الطب البشري من عدد طلاب السنة التحضيرية سواء الناجحين أو المترفعين الراسبين.

هجرة الأطباء تسببت بمزيد من الانهيار القطاع الصحي، ورغم أن الأطباء لا يحصلون على أجور ترقى لمتوسط أجور الأطباء، إلا أن انهيار العملة المحلية، جعل من كشفيات الأطباء الحالية قضية شائكة يصعب على المرضى مواجهتها

الارتفاع في أسعار الطبابة في سوريا، دفع شريحة واسعة من المجتمع للتوجه إلى مراكز العطارة الشعبية، وهي مراكز كانت قد اندثرت بشكل كبير في وقت سابق، لكنها عادت مؤخرا، ويعتمد عليها أصحاب الدخل المحدود في البلاد.

بدورها أشارت مصادر طبية، إلى أن التوجه إلى طب الأعشاب القديم، قد يكون له آثار سلبية على المريض في بعض الأحيان، خاصة أن العاملين بهذا المجال لا يمتلكون الخبرة الطبية الكافية، لوصف الأدوية المناسبة لكل مريض.

تضييق مشافي الحكومة

تقارير إعلامية تحدثت من معاناة الكوادر الطبية، لا سيما العاملين في قطاع المشافي الحكومية، ففضلا عن ضعف الرواتب، يعاني الأطباء من ضغط كبير في العمل والمناوبات، والتي تصل في بعض المشافي إلى أربع أو خمس مرات أسبوعيا، ما يعني أن الطبيب محروم من ممارسة أي عمل آخر.

عشرات الأطباء المقيمين في المشافي، اشتكوا إلزامهم من قبل إدارات المشافي، بالعمل لأيام متواصلة، وسط ظروف سيئة تعيشها الكوادر الطبية في المشافي، فضلا عن ضعف الدخل والرواتب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات