منذ انتهاء فترة رمضان وعيد الفطر الماضية، شهدت شوارع العديد من المدن السورية انتشارا هائلا للبسطات والباعة المتجولين، الأمر الذي استدعى تحرك الجهات المعنية في محاولة لإزالة البسطات، ما تسبب بموجات جدل واسعة في الشارع السوري، حول صحة هذه التحركات.

قبل أيام أصدرت الجهات الحكومية قرارا بإزالة البسطات من أرصفة العاصمة دمشق، الأمر الذي أثار استياء البعض، خاصة وأن البسطات تعتبر وجهة بارزة للسوريين لاقتناء بعض المتلبطات الأساسية، كونها تبيع بأسعار أرخص مقارنة بالمحال التجارية.

القرار بدأ تنفيذه من قبل الدوريات التابعة للمحافظة في دمشق، حيث تمت إزالة عشرات الكبائن والأعمدة الحديدية وشوادر البسطات من على الأرصفة والأملاك العامة، فضلا عن مصادرة عشرات البسطات من أصحابها وتنظيم ضبوط المخالفات.

رأي أصحاب البسطات

العديد من أصحاب البسطات اعتبروا أن القرار مجحف بحقهم، خاصة وأن قسم كبير منهم، أصبحت البسطة مصدر رزقه الوحيد، ويهدده القرار الأخير، في وقت لا يستطيع أصحاب البسطات دفع تكاليف استئجار محل نظامي في ظل ارتفاع تكاليف الإيجار والتنظيم والحصول على رخصة نظامية.

“هو مصدر رزقي الحيد”، قال أحمد أبو الحسام وهو صاحب بسطة بيع ملابس بين منطقة مشروع دمر في العاصمة دمشق، حيث جاءت دورية من البلدية وهددته بتنظيم ضبط مخالفة مالية، الأمر الذي اضطره إلى إزالة بسطته التي يعتبرها المصدر الوحيد الذي يعيش منه.

أبو الحسام قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “يعني عوضا ما يزيلو البسطات ويقطعوا برزقنا، كان الأجدر تنظيم البسطات عبر تخصيص أماكن محددة لهم، أنا عادة أحاول أن أختار مكان حيوي للبسطة، وبشكل لا يمكن له أن يؤثر بشكل كبير على واجهة أي محل تجاري، وأبيع على البسطة الألبسة الولّادية. ما يجعل الإقبال جيدا هو أن أسعار الألبسة لدينا أرخص من المتاجر بنسبة قد تصل إلى 25 بالمئة في بعض الأحيان”.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، اعتبر أن فئة واسعة من السوريين، كانت البسطات بمثابة عامل مساعد لهم، لتخفيف وطأة ارتفاع الأسعار خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة وأن العديد من السلع تباع في المحال التجارية بأسعار تزيد عن الأسعار التي تباع به عبر البسطات رغم أن السلع نفسها ولا تتغير.

بحسب تقرير الموقع المحلي، فإنه على الرغم من إزالة البسطات في محافظة دمشق إلا أن محافظة ريف دمشق لم تتخذ هذا القرار بعد، بوقت أبدى عدد من سكان ريف دمشق، رغبتهم بإزالة البسطات نظرا لإشغالها مساحة واسعة من الأرصفة والشوارع، ولأنها تعيق سير المارة.

مناسبات انتشار البسطات

في شوارع الأسواق الرئيسية والشعبية ضمن المدن الكبيرة، تنتشر البسطات بشكل مضاعف خلال الأيام التي تسبق أعياد الفطر والأضحى، وتبيع مختلف أنواع الألبسة والاكسسوارت، في وقت يؤكد فيه البعض أنه يخشى شراء مستلزماته من هذه الأسواق رغم انخفاض الأسعار، وذلك لأنه غالبا ما تكون جودة البضاعة المباحة متدنية فضلا عن صعوبة مراجعة البائع لاحقا.

قد يهمك: حرق السيجارة أغلى من حرق العملة“… ارتفاع جديد لأسعار الدخان في سوريا

العديد من أصحاب المحال التجارية، رأوا أن انتشار هذه البسطات بشكل غير قانوني يؤثر على عملهم، ويخلق نوع من المنافسة “غير الشريفة”، وذلك كونهم يدفعون الضرائب والرسوم للحكومة، بخلاف البسطات التي تنتشر بشكل غير قانوني.

من جانبه أكد رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق عبد العزيز معقالي في تصريح للصحيفة المحلية، أن البضائع التي تُعرَض على  البسطات شديدة التنوع لدرجة أنه يمكن لها أن تغطي معظم حاجات الناس وتغنيهم عن الدخول للمحلات العادية، لكن الانتقاد يتركز على نوعية وجودة المعروض، فهي لا تصل لمستوى البضائع المباعة في المحلات النظامية، وخاصة فيما يتعلق بالألبسة والأحذية.

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليرد التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

الأسواق السورية، تشهد ارتفاعات متواصلة في أسعار المواد الغذائية والأساسية، تزيد انعدام القدرة الشرائية للمواطنين، وتحديدًا بعد الزلزال الذي وقع في 6 من شباط/فبراير الماضي، وقد حلّت سوريا في المركز الـ18 من أصل 117 بلدا في مؤشر معدل فقر العاملين، بحسب تصنيف “منظمة العمل الدولية” لعام 2022.

كما صُنفت إنتاجية العمل في سوريا بالمركز 149 من أصل 185 بلدًا، ما يشير إلى ضعف الإنتاجية. وعن نسبة العمالة إلى عدد السكان، تقع سوريا في المركز 166 من أصل 190 بلدًا بمعدل 39.2 بالمئة، وهو ما يشير إلى هجرة اليد العاملة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات