كجزء من مساعٍ بدأت في السنوات الماضية لتعزيز أمن واستقرار البحر الأحمر وخليج عدن، كممرين مائيين لهما أهمية في مشهد الاقتصاد العالمي، وافق مجلس الوزراء السعودي، على الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر وخليج عدن، حيث ستسهم هذه الخطوة في تعزيز التنمية المستدامة، ورفع جودة الحياة في المنطقة بشكل أكبر.

متابعون للشأن توقعوا أن تمكن هذه الاستراتيجية الدول المشاطئة لأهم سواحل المنطقة، وهي المملكة العربية السعودية ومصر والسودان، إضافة للأردن وجمهورية جيبوتي واليمن وأيضا الصومال، من مواجهة التحديات المتوقعة من القرصنة والتلوث والأمن والتغيرات السياسية.

خلال جلسة مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، في مدينة جدة، أول أمس الثلاثاء، فوض المجلس وزير الخارجية للتباحث في إطار مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، الذي تأسس مطلع عام 2020، لملائمة الاستراتيجية مع مشروع الاستراتيجية الإقليمية لاستدامة البحر الأحمر وخليج عدن، وزيادة التنسيق والتشاور حول الممر المائي الدولي الحيوي، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس”.

أهمية الخطوة

موافقة السعودية على الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر وخليج عدن تعتبر أمرا مهما حيث تعتبر هذه الاستراتيجية خطوة مهمة لحماية البيئة البحرية والحياة البحرية في المنطقة، وتحسين جودة المياه والحد من التلوث البحري أيضا، إلى جانب تعزيز السياحة إذ يعتبر البحر الأحمر وخليج عدن منطقة سياحية مهمة، وتعمل الاستراتيجية على تعزيز هذا الجانب من خلال تحسين البنية التحتية للسياحة البحرية، والترويج للمنطقة كوجهة سياحية مستدامة.

ميناء الملك عبدالله/ واس
ميناء الملك عبدالله/ واس

الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر وخليج عدن، يمكن أن تؤدي أيضا إلى تعزيز الاقتصاد البحري في المنطقة، من خلال دعم الزراعة البحرية والصيد المستدام وتطوير البنية التحتية اللازمة لدعم هذا القطاع، وكذلك الحد من التهديدات الأمنية، إذ يتمتع البحر الأحمر وخليج عدن بأهمية استراتيجية بالنسبة للعديد من الدول، وتعتبر هذه الاستراتيجية خطوة مهمة للتصدي للتهديدات الأمنية في المنطقة والحفاظ على الاستقرار فيها، وفقا لتقارير صحفية.

من جهته يقول الباحث في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية محمد الحربي، لـ”الحل نت”، بأن الاستراتيجية الوطنية الجديدة، تأتي جزءا من مساعٍ سعودية متتابعة لتعزيز أمن البحر الأحمر إقليميا وعالميا، وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الدول المشاطئة، حيث إن منطقتي الخليج العربي والبحر الأحمر، ومحورهما السعودية، أصبحتا في النظريات الجيوسياسية المتقدمة في القرن الحالي، قلب العالم الحديث، وينظر العالم إليهما في ظل المتغيرات الدولية، وتداعيات الحروب والأزمات، كعمق استراتيجي.

الحربي يضيف هنا، بأن تأسيس كيان مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، جاء على رأس تلك الخطوات المهمة، وهي منظمة إقليمية تضم دولا في آسيا وإفريقيا، ينتمي جميع أعضائها إلى مجموعة الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وقد وجّه مجلس الوزراء السعودي بضرورة التباحث مع أعضاء هذا الكيان الذي يضم ثماني دول إقليمية، وذلك لزيادة مستوى التعاون السياسي والاقتصادي والاستراتيجي بينها.

البعد السياسي والعسكري

إن البحر الأحمر يلعب دورا غاية في الأهمية، على الصعيدين السياسي والعسكري في المنطقة، إضافة إلى دوره الاقتصادي على مستوى دول العالم، وهذا ما جعل منه منطقة جذب للدول العظمى التي ترغب أن يكون لها دور بارز فيه، لتحقيق مصالحها وأهدافها، ولذلك ظهرت النزاعات السياسية في حوض البحر الأحمر كنتيجة لتلك السياسات المتبعة لضمان وجود تلك الدول في المنطقة، وبقائها أكبر وقت ممكن.

الحربي يبين هنا أن التوجه إلى البحر الأحمر وتأمين ممراته وسواحله الطويلة، مشروع استراتيجي وامتداد لمنطقة الخليج العربي عبر خليج عدن ومضيق باب المندب، ويوضح أن الموانئ السعودية عليه، وعلى رأسها ميناء “الملك فهد” في مدينة ينبع، مهيأة لتكون بديلا استراتيجيا للمنطقة، وموازيا للموانئ التقليدية فيها، في وجه الأزمات التي تواجهها المنطقة، وتشكل كتلة اقتصادية واحدة وفي القلب منها السعودية، وفق تعبيره.

السعودية أكبر دولة مطلة على البحر الأحمر في محوره الشرقي، وتملك أكبر ساحل بحري محاذٍ للبحر الأحمر الحيوي في عمليات الإمداد الدولية، وفق الحربي، حيث ينوه بأن المشاريع التنموية والاستثمارية العملاقة التي أطلقتها في السنوات القليلة الماضية، مثل “نيوم” و”مشروع البحر الأحمر” وسواهما من المشاريع الضخمة التي استثمرت فيها المليارات، وتدخل ضمن الناتج المحلي السعودي، تعد رافدا للاقتصاد المحلي.

الحربي يشدد على أن هذا الخطوات الاستراتيجية التي تتخذها السعودية مهمة، وتأتي ضمن إطار كامل للتنمية الشاملة المستدامة، وتحقيق توازن استراتيجي على صعيد الشراكات الدولية والاقتصاد والاستثمار، وإطلاق مرحلة تنموية ينعكس تأثيرها على المنطقة ككل.

استثمارات كبيرة

 وفق ما كشفه الرئيس التنفيذي لـشركة “البحر الأحمر” الدولية ” جون باغانو، الاثنين الفائت، بأن الشركة تدرس طرحا محتملا لأسمهما في السوق السعودية بحلول عام 2026، ونقلت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية عن باغانو قوله إن “هناك نوعا من التوجه نحو السوق العام، سواء كان طرحا عاما أوليا، أو تأسيسا لصندوق ريت. هذه هي الأشياء التي ندرسها حاليا”.

 باغانو يضيف بأن الشركة تجري محادثات مبكرة مع البنوك وأصحاب المصلحة، دون الكشف عن تفاصيل بشأن المستشارين أو البنوك أو التقييم، ومن المحتمل أن تتم تلك العملية بحلول عام 2026 أو 2027، بمجرد تشغيل الفنادق لمدة عامين تقريبا، مع سجل حافل من الإشغال والتدفق النقدي والربحية.

الشركة تقف وراء وجهة سياحية رئيسية على ساحل البحر الأحمر في السعودية، وهي حجر الزاوية في سعي البلاد لجذب السياح وتنويع اقتصادها، وتم الإعلان عن مشروع البحر الأحمر لأول مرة في عام 2017، وهو يغطي نحو 28000 كيلومتر مربع، ويستهدف مسافري الرفاهية الإقليميين والدوليين، بحسب موقع “الخليج أونلاين”.

إلى ذلك، يضم ساحل البحر الأحمر أرخبيلا من 90 جزيرة، وتقوم الحكومة ببناء منتجعات جديدة في المنطقة، وكذلك على الجبال الخضراء في الجنوب بالقرب من اليمن، ويعد هذا التطوير مفتاحا لخطط المملكة العربية السعودية لتحويل نفسها إلى وجهة سياحية رائدة.

في كانون الثاني/يناير 2020، أعلنت السعودية، توقيع ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وهو يضم المملكة، ومصر، والأردن، والسودان وجيبوتي والصومال وإريتريا واليمن.

المجلس تشكل في ظل ما كان يشهده البحر الأحمر وخليج عدن من تهديدات ملاحية، تقول دول خليجية وغربية إنها تأتي من جانب طهران، رغم نفيها، قبل أن تشهد العلاقات السعودية الإيرانية تفاهمات منذ نحو شهرين، يرى مراقبون أن ستخفض من “أي توترات سابقة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات