خلال الأشهر القليلة الماضية عمدت الحكومة السورية إلى إزالة البسطات من شوارع العاصمة دمشق، الأمر الذي تسبب بموجات جدل واسعة كون هذه البسطات تشكل مصدر الدخل الوحيد بالنسبة للعاملين عليها، خاصة وأن الحكومة السورية لم تقدم أي بديل من شأنه أن ينظّم عمل هذه البسطات.
إزالة البسطات كانت بعد قرار من الجهات الحكومية، لكن عودة التساهل إلى الشوارع سمح بعودة البسطات مجددا، وسط حالة من الترقب من قبل أصحاب البسطات، خوفا من عودة الدوريات مصادرة بضاعتهم أو تعرّضهم للغرامة.
تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أكد أن خلوَّ الشوارع من البسطات، لم يستمر لأكثر من أسابيع قليلة، حيث عادت البسطات إلى شوارع دمشق وافترشت الأرصفة كمان كان الحال قبل صدور قرار إزالة البسطات، وسط إقبال كبير من قبل الأهالي على الشراء من البسطات كونها بديل أرخص لبعض السلع عن المحال التجارية.
قرار جائر؟
معظم أصحاب البسطات اعتبروا أن قرار “إزالة البسطات” جائر ومجحف بحقهم، خاصة في ظل تحول البسطة لمصدر دخل بالنسبة لآلاف السوريين الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف فتح متجر في الأسواق النظامية.

“هذا هو مصدر رزقي والوظيفة لا تكفي”، قال ماهر عبد الرحمن وهو موظف حكومي ويعمل على بسطة لبيع الألبسة بعد انتهاء دوامه في دمشق، مؤكدا أن البسطة التي يعمل عليها تؤمن له القسم الأكبر من دخله الشهري، بعدما أصبح الراتب الحكومي لا يكفي حتى لشراء الخبز وبعض المستلزمات.
عبد الرحمن أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “قرار الحكومة بإزالة البسطات هو قرار جائر ولا يراعي ظروف المعتاشين على هذه البسطات، المبرر المتعلق بالمظهر كان يجب معالجته بطريقة أخرى وليس على حساب مصدر رزقنا الوحيد، على الأقل تأمين ساحات بديلة منظمة ومناسبة نستطيع من خلالها فتح البسطات وبيع منتجاتنا”.
ذلك أن فئة واسعة من السوريين، ترى أن البسطات بمثابة عامل مساعد لهم، لتخفيف وطأة ارتفاع الأسعار خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة وأن العديد من السلع تُباع في المحال التجارية بأسعار تزيد عن الأسعار التي تُباع به عبر البسطات رغم أن السلع نفسها ولا تتغير.
قد يهمك: راتب لا يشتري الخبز.. ما هو متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية هذا العام؟
في المقابل فإن العديد من أصحاب المحال التجارية، رأوا أن انتشار هذه البسطات بشكل غير قانوني يؤثر على عملهم، ويخلق نوعا من المنافسة “غير الشريفة”، وذلك كونهم يدفعون الضرائب والرسوم للحكومة، بخلاف البسطات التي تنتشر بشكل غير قانوني.
ساحات مخصصة
الحكومة السورية بدورها أكدت أنها خصصت بعض الساحات لعمل البسطات، الأمر الذي نفته مصادر محلية، وأكدت أن الساحات المخصصة للبسطات بعيدة عن الأحياء السكنية، ولا يمكن لجميع السكان الوصول إليها من أجل التسوق، وبالتالي هي لا تفيد الغرض من وجود البسطات.
أما عضو “المكتب التنفيذي لقطاع الخدمات والمرافق العامة” في محافظة دمشق ملك حمشو، فأكدت أن الحكومة ماضية في إزالة جميع البسطات المخالفة، مشيرة إلى أن “عودة بعض البسطات هي مخالفة ويتم يوميا تنظيم حملة إزالة للإشغالات، ولا صحة للسماح بعودتها”.
حمشو أضافت في تصريحات للموقع المحلي، ““تم الإعلان عن الساحات التفاعلية، في موقع المكتب الإعلامي لمحافظة دمشق، ومن يرغب بالتخصص ببسطة ضمن إحدى الساحات يستطلع مراجعة مديرية مركز خدمة المواطن لتسجيل طلبه”.
البضائع التي تُعرَض على البسطات شديدة التنوع لدرجة أنه يمكن لها أن تغطي معظم حاجات الناس وتغنيهم عن الدخول للمحلات العادية، لكنّها تواجه أيضا انتقادات يتركز على نوعية وجودة المعروض، فهي لا تصل لمستوى البضائع المباعة في المحلات النظامية، وخاصة فيما يتعلق بالألبسة والأحذية.
في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليرد التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.
الأسواق السورية، تشهد ارتفاعات متواصلة في أسعار المواد الغذائية والأساسية، تزيد انعدام القدرة الشرائية للمواطنين، وتحديدًا بعد الزلزال الذي وقع في 6 من شباط/فبراير الماضي، وقد حلّت سوريا في المركز الـ 18 من أصل 117 بلدا في مؤشر معدل فقر العاملين، بحسب تصنيف “منظمة العمل الدولية” لعام 2022.
كما صُنفت إنتاجية العمل في سوريا بالمركز 149 من أصل 185 بلدًا، ما يشير إلى ضعف الإنتاجية. وعن نسبة العمالة إلى عدد السكان، تقع سوريا في المركز 166 من أصل 190 بلدًا بمعدل 39.2 بالمئة، وهو ما يشير إلى هجرة اليد العاملة.
- كيف يمكن للمشاركة السورية في اجتماعات الربيع أن تنجح وتحقق مكاسب للسوريين؟
- نضال الشعار.. خبرة عالمية: هل تكفي لإنعاش اقتصاد سوريا؟
- إلهام شاهين وبوسي شلبي تدعمان سلاف فواخرجي: التوجه للدراما المصرية؟
- الأمن السوري يعتقل قياديين في “الجهاد الإسلامي” بدمشق.. ما دلالات ذلك؟
- اختطاف النساء في الساحل السوري و”سبيهن”.. ما القصة؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

واشنطن تتسلّم رد دمشق على متطلبات تخفيف العقوبات.. تفاصيل

هل تحمل زيارة وزير الخارجية الأردني لدمشق رسائل بعد حلّ “اللواء الثامن” بدرعا؟

مسؤول أميركي: لا ثقة بدمشق حتى الآن وهذه أولوياتنا في سوريا

مرهف أبو قصرة: من حقول حلفايا لوزارة الدفاع السورية.. رحلة مثيرة للجدل!

محمد البشير: من حكومتي الإنقاذ وتصريف الأعمال إلى وزارة الطاقة.. السيرة الكاملة

مباحثات أوروبية حول إمكانية تخفيف العقوبات عن سوريا
المزيد من مقالات حول اقتصاد

كيف يمكن للمشاركة السورية في اجتماعات الربيع أن تنجح وتحقق مكاسب للسوريين؟

نضال الشعار.. خبرة عالمية: هل تكفي لإنعاش اقتصاد سوريا؟

صناعة سوريا في أزمة وتلفظ أنفاسها الأخيرة.. هل تسعفها الحكومة الانتقالية؟

“الإدارة الذاتية” في سوريا تشعل غضب الأهالي بزيادة أسعار المحروقات 50%.. ما مبرراتها؟

وفد سوري يغادر إلى أميركا للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد.. لماذا لم يرافقه وزير الاقتصاد؟

ارتفاع جنوني في أسعار الذهب بسوريا.. هل يشهد تراجعًا؟

شبح الإفلاس يهدد شركات الصرافة.. ومخاوف بشأن تحكم مُقربين من “الشرع” بالسوق
