مصدر دخل للآلاف.. انتشار البسطات في سوريا بين المظهر الحضاري وقرارات الحكومة

خلال الأشهر القليلة الماضية عمدت الحكومة السورية إلى إزالة البسطات من شوارع العاصمة دمشق، الأمر الذي تسبب بموجات جدل واسعة كون هذه البسطات تشكل مصدر الدخل الوحيد بالنسبة للعاملين عليها، خاصة وأن الحكومة السورية لم تقدم أي بديل من شأنه أن ينظّم عمل هذه البسطات.

إزالة البسطات كانت بعد قرار من الجهات الحكومية، لكن عودة التساهل إلى الشوارع سمح بعودة البسطات مجددا، وسط حالة من الترقب من قبل أصحاب البسطات، خوفا من عودة الدوريات مصادرة بضاعتهم أو تعرّضهم للغرامة.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أكد أن خلوَّ الشوارع من البسطات، لم يستمر لأكثر من أسابيع قليلة، حيث عادت البسطات إلى شوارع دمشق وافترشت الأرصفة كمان كان الحال قبل صدور قرار إزالة البسطات، وسط إقبال كبير من قبل الأهالي على الشراء من البسطات كونها بديل أرخص لبعض السلع عن المحال التجارية.

قرار جائر؟

معظم أصحاب البسطات اعتبروا أن قرار “إزالة البسطات” جائر ومجحف بحقهم، خاصة في ظل تحول البسطة لمصدر دخل بالنسبة لآلاف السوريين الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف فتح متجر في الأسواق النظامية.

Syrians shop at a market in a government-held western neighbourhood of the northern embattled city of Aleppo on October 5, 2016. Since fighting first broke out there in 2012, Aleppo has been divided by a front line between rebel forces in the east and government troops in the west. On September 22, the army of Syrian President Bashar al-Assad announced a major assault to capture the opposition-held half where an estimated 250,000 people are living under government siege and face sever shortages of food, medicine and water. / AFP / GEORGE OURFALIAN (Photo credit should read GEORGE OURFALIAN/AFP/Getty Images)

“هذا هو مصدر رزقي والوظيفة لا تكفي”، قال ماهر عبد الرحمن وهو موظف حكومي ويعمل على بسطة لبيع الألبسة بعد انتهاء دوامه في دمشق، مؤكدا أن البسطة التي يعمل عليها تؤمن له القسم الأكبر من دخله الشهري، بعدما أصبح الراتب الحكومي لا يكفي حتى لشراء الخبز وبعض المستلزمات.

عبد الرحمن أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “قرار الحكومة بإزالة البسطات هو قرار جائر ولا يراعي ظروف المعتاشين على هذه البسطات، المبرر المتعلق بالمظهر كان يجب معالجته بطريقة أخرى وليس على حساب مصدر رزقنا الوحيد، على الأقل تأمين ساحات بديلة منظمة ومناسبة نستطيع من خلالها فتح البسطات وبيع منتجاتنا”.

ذلك أن فئة واسعة من السوريين، ترى أن البسطات بمثابة عامل مساعد لهم، لتخفيف وطأة ارتفاع الأسعار خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة وأن العديد من السلع تُباع في المحال التجارية بأسعار تزيد عن الأسعار التي تُباع به عبر البسطات رغم أن السلع نفسها ولا تتغير.

قد يهمك: راتب لا يشتري الخبز.. ما هو متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية هذا العام؟

في المقابل فإن العديد من أصحاب المحال التجارية، رأوا أن انتشار هذه البسطات بشكل غير قانوني يؤثر على عملهم، ويخلق نوعا من المنافسة “غير الشريفة”، وذلك كونهم يدفعون الضرائب والرسوم للحكومة، بخلاف البسطات التي تنتشر بشكل غير قانوني.

ساحات مخصصة

الحكومة السورية بدورها أكدت أنها خصصت بعض الساحات لعمل البسطات، الأمر الذي نفته مصادر محلية، وأكدت أن الساحات المخصصة للبسطات بعيدة عن الأحياء السكنية، ولا يمكن لجميع السكان الوصول إليها من أجل التسوق، وبالتالي هي لا تفيد الغرض من وجود البسطات.

أما عضو “المكتب التنفيذي لقطاع الخدمات والمرافق العامة” في محافظة دمشق ملك حمشو، فأكدت أن الحكومة ماضية في إزالة جميع البسطات المخالفة، مشيرة إلى أن “عودة بعض البسطات هي مخالفة ويتم يوميا تنظيم حملة إزالة للإشغالات، ولا صحة للسماح بعودتها”.

حمشو أضافت في تصريحات للموقع المحلي، ““تم الإعلان عن الساحات التفاعلية، في موقع المكتب الإعلامي لمحافظة دمشق، ومن يرغب بالتخصص ببسطة ضمن إحدى الساحات يستطلع مراجعة مديرية مركز خدمة المواطن لتسجيل طلبه”.

البضائع التي تُعرَض على  البسطات شديدة التنوع لدرجة أنه يمكن لها أن تغطي معظم حاجات الناس وتغنيهم عن الدخول للمحلات العادية، لكنّها تواجه أيضا انتقادات يتركز على نوعية وجودة المعروض، فهي لا تصل لمستوى البضائع المباعة في المحلات النظامية، وخاصة فيما يتعلق بالألبسة والأحذية.

في ظل التخبط الكبير والارتفاع في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، يتساءل السوريون حول الجهة المسؤولة عن ضبط الأسعار، في وقت تتهم فيه وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” التجار بعدم الالتزام بقوائم الأسعار الصادرة عن الجهات الحكومية، ليرد التجار ويبررون غلاء الأسعار بالارتفاع المتواصل لتكاليف الإنتاج، فضلا عن النقص الحاد في موارد الطاقة والمحروقات.

الأسواق السورية، تشهد ارتفاعات متواصلة في أسعار المواد الغذائية والأساسية، تزيد انعدام القدرة الشرائية للمواطنين، وتحديدًا بعد الزلزال الذي وقع في 6 من شباط/فبراير الماضي، وقد حلّت سوريا في المركز الـ 18 من أصل 117 بلدا في مؤشر معدل فقر العاملين، بحسب تصنيف “منظمة العمل الدولية” لعام 2022.

كما صُنفت إنتاجية العمل في سوريا بالمركز 149 من أصل 185 بلدًا، ما يشير إلى ضعف الإنتاجية. وعن نسبة العمالة إلى عدد السكان، تقع سوريا في المركز 166 من أصل 190 بلدًا بمعدل 39.2 بالمئة، وهو ما يشير إلى هجرة اليد العاملة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات