“المونة بتفسد بلا تبريد“.. سوريون يروون تجاربهم مع تموين الغذاء في ظل غياب الكهرباء

مع استمرار أزمة التغذية الكهربائية في سوريا، ووصول ساعات التقنين في العديد من المناطق السورية إلى 22 ساعة يوميا، يواجه السوريون صعوبات كبيرة في تخزين المواد الغذائية، إذ يؤكد الأهالي أن الغذاء يفسد لديهم، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة وصعوبة تشغيل البرادات المنزلية.

بعض العائلات نجحت في تخزين بعض أصناف المونة التي يمكن تخزينها بشكل لا تحتاج فيه إلى درجات حرارة منخفضة كدبس الفليفلة، إلا أن هناك العديد من المواد غابت هذا العام عن منازل السوريين إما بسبب ارتفاع تكاليف شرائها أو بسبب عدم إمكانية تخزينها.

سوريون عبّروا عن استيائهم من تعرّض المواد الغذائية في المنازل للتلف، بسبب عدم القدرة على تشغيل البرادات، حيث أكد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أن الكهرباء قد تغيب لست ساعات متواصلة مقابل التغذية مدة نصف ساعة لاغير، أي بمعدل ساعتين يوميا فقط.

تقنين جائر

ياسر حميش علّق على منشور يتحدث عن وضع التقنين الكهربائي في سوريا، مؤكدا أن مناطق ريف طرطوس تشهد تقنينا جائرا في الكهرباء حيث قال، “كل ست ساعات بتجي الكهربا ربع ساعة أو نص ساعة، وبوقت الأعطال ما منشوفها أبدا”.

“المونة بتفسد بلا تبريد” قالت غادة قادري وهي أم في عائلة مكونة من خمسة أفراد وتعيش في دمشق، مؤكدا أنها لم تخزّن مواد غذائية هذا العام سوى القليل من الجبنة، بسبب عدم قدرتها على تشغيل البراد المنزلي، حيث أن العديد من مواد المونة تحتاج تخزينها ضمن درجات حرارة منخفضة نوعا ما.

قادري أضافت في اتصال مع “الحل نت”، “اشتريت كمية قليلة من الجبنة، حيث أستطيع تخزينها بعبوات من المياه المملحة خارج البراد المنزلي، لكن هناك العديد من مواد المونة لم أشتريها هذا العام، خشية أن تفسد، العام الماضي كان برنامج التقنين يسمح بأن يبقى البراد يعمل، فقد كانت تأتي الكهرباء ساعة كل أربع ساعات، بحيث تبقى الأطعمة باردة، هذا العام أصبح واقع الكهرباء أسوأ”.

السوريون اعتادوا في مثل هذه الأيام على تأمين “مونة الشتوية”، وخلال الأسابيع القادمة ستبدأ مونة المكدوس، والجبن، و”الشنكليش”، والمربيات بكافة أنواعها، ثم في شهر تشرين الأول/أكتوبر، يأتي تأمين “مونة” الزيتون، وأيضا الزيت الذي وصل سعره إلى حدود الـ 600 ألف ليرة، لصفيحة الـ 20 ليترا، وذلك كله بالتزامن مع تردي الوضع الاقتصادي.

قد يهمك: سوق موازية للهواتف المهربة.. السوريون في مواجهة ارتفاع جمركة الموبايلات

تُعرف المونة، بأنها ما يدّخره المواطنون من قوت ومواد غذائية، ويسمى المكان الذي يتم حفظ المواد الغذائية بداخله بهدف التخزين، “بيت المونة”. والتموين في المنازل السورية ثقافة قديمة، تتعلق بأنواع من المأكولات المرتبطة بالتراث السوري، وتقوم على تخزين مواد غذائية موسمية بكميات كبيرة بهدف استخدامها خلال فترات أخرى من السنة.

تراجع الإقبال على المونة

التموين في سوريا، تراجع بشكل كبير خلال الأعوام السابقة وهذا العام بشكل أكبر كما رصده “الحل نت”، لارتباطه بشكل مباشر بالوضع الاقتصادي، وتأثّره بتراجع الإنتاج الزراعي، وضعف الاستيراد والتصدير وحركة التجارة.

تؤشّر معدلات التموين للعائلة السورية، على المستوى الاقتصادي الفردي، الذي تدهور بشكل كبير ليصل بـ 90 بالمئة، من السوريين إلى خط الفقر، وذلك وفق دراسة أعدتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة “الأسكوا”، ونشرتها في أيلول/سبتمبر الماضي.

مع غياب الكهرباء يعتمد الأهالي وأصحاب المحال التجارية على المولدات الكهربائية، إلا أن قرارات الحكومة المتعلقة برفع أسعار المحروقات، شكلت عبئا اقتصاديا إضافيا على صناعة وبيع مختلف السلع في الأسواق السورية.

طوال فصل الشتاء كان المسؤولون الحكوميون في وزارة الكهرباء السورية، يطلقون الوعود بشأن تحسّن واقع التغذية الكهربائية في سوريا بعد انتهاء الشتاء، وذلك بدعوة ارتفاع معدلات الاستهلاك خلال فترات انخفاض درجات الحرارة في الشتاء، كون الأهالي يستخدمون الكهرباء في تشغيل وسائل التدفئة.

لكن مع حلول فصل الصيف حتى بدأت وزارة الكهرباء تتنصل من وعودها، حتى وصل الأمر إلى إقرار زيادة ساعات التقنين في بعض المناطق خلال الأيام القليلة الماضية، لتصل في كثير من المناطق إلى نحو 20 ساعة يوميا، في ظل عجز الحكومة عن تأمين الحد الأدنى من حاجة السوريين من التيار الكهربائي.

 برنامج التقنين الكهربائي المطبّق في العاصمة دمشق، شهد خلال الأسابيع الماضية تغيّرا ملحوظا، حيث انخفضت ساعات التغذية الكهربائية من ساعتين مقابل 6 ساعات قطع إلى ساعة واحدة فقط أو أقل، تزامنا مع الحاجة الماسة للكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة واعتماد الأهالي على الكهرباء في تبريد المياه والعديد من الأعمال اليومية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات