ارتفاعات كبيرة في أسعار الموبايلات تشهدها الأسواق خلال الفترة الحالية، متأثرة بانهيار قيمة العملة المحلية في سوريا، في وقت عمدت فيه الحكومة السورية إلى رفع أسعار ضريبة “جمركة” الأجهزة المحمولة إلى نسب عالية قد تصل إلى مئة بالمئة، لا سيما الأجهزة الحديثة.

المبالغ الكبيرة التي تفرضها الحكومة كضرائب على امتلاك الموبايلات الجديدة، أفضت إلى تنشيط حركة بيع الأجهزة المهربة، خاصة تلك الأجهزة الغالية كموبايلات “الآيفون” وغيرها، حيث يحاول البعض التّهرب من دفع مبالغ طائلة تضاف إلى قيمة الموبايل الحقيقية.

تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، أشار إلى أن سوق بيع الاجهزة المحمولة شهد مؤخرا تراجعا إضافيا في معدلات الإقبال، نتيجة الضرائب المرتفعة التي تفرضها الحكومة، هذا فضلا عن انتشار “أجهزة مزوّرة ونوعيات سيئة الصنع”، يُضاف إليها عدم قدرة الأشخاص في سوريا على تحمّل تكاليف شراء الأجهزة الجديدة.

سوق موازي

الأسباب المذكورة أفضت إلى إحداث سوق موازي لسوق الأجهزة المحمولة والجوالات، وازدهار عملية بيع وشراء الأجهزة الجديدة غير المجمركة المختلفة عن الأجهزة النظامية المجمركة من حيث السعر، كما أنها أصبحت مرغوبة كثيرا لدى المواطنين لاستخدامها في خدمات النت فقط.

إذ إن الأجهزة المهربة لا يمكن تشغيلها على الشبكات المحلية لأنها محظورة من قبل وزارة الاتصالات، حيث يتم السماح فقط للأجهزة المجمركة بالدخول للشبكة، لكن هذه الأجهزة يمكن أن تتصل بالإنترنت من خلال شبكة الواي فاي التي لا يمكن حظرها من قبل المؤسسات الحكومية أو شركات الاتصالات.

بحسب تقرير الصحيفة المحلية، فإن أسعار جمركة الموبايلات ارتفعت خلال العام الجاري أكثر من مرة، دون توضيح أو إعلان رسمي من أي جهة كانت، ما دفع الناس للتوجّه إلى السوق الموازي وشراء أجهزة مهرّبة منتشرة بالآلاف، وذلك بعد أن أصبحت أسعار الجوالات في سوريا أغلى من دول الجوار نتيجة الضرائب المرتفعة.

“دفعت 8 ملايين ليرة لقاء جمركة الآيفون”، يقول ماهر مصطفى وهو مغترب عاد إلى سوريا مؤخرا وهو يحمل آخر نسخة من هاتف آيفون، مؤكدا أنه دفع في نيسان/أبريل الماضي، مبلغ يوازي سعر الهاتف الجديد من أجل جمركة هاتفه الذي أحضره من الإمارات العربية المتحدة.

قد يهمك: تكاليف المعيشة ترتفع.. من هم ضحايا أزمة غلاء الأسعار في سوريا؟

مصطفى أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “لو أعلم أنه سيتوجب علي دفع هذا المبلغ لما أحضرت الهاتف، لقد كلفني شراء الهاتف مبالغ طائلة نتيجة الضريبة المرتفعة، ومن الطبيعي توجه الناس إلى الأجهزة المهربة، خاصة وأننا نستطيع استخدامها ضمن شبكة الإنترنت التي أصبحت أساس التواصل بصرف النظر عن شبكات الاتصال المحلية”.

الأجهزة الإلكترونية في سوريا، أصبحت منذ سنوات تشكل عبئا ثقيلا على الأهالي، الذين يتوجهون بمعظمهم إلى شراء الأجهزة المستعملة، فإضافة للهواتف سجلت الأسواق السورية سعر مليون ليرة سورية لأرخص جهاز حاسوب في سوريا، وهو جهاز مستعمل، و يصلح لفئة تلميذ مدرسة ابتدائي وإعدادي أي بمواصفات بسيطة وذات جودة منخفضة جدا.

أما الحواسيب التي تستطيع خدمة طلاب الجامعة بما يخص المشاريع العملية، فتبدأ أسعارها من 1.8 مليون ليرة سورية، وهي تصلح للأعمال الإدارية وتصفح الإنترنت، وتطبيقات البريد الإلكتروني.

أما أسعار أجهزة “الحواسيب” الجديدة، فهي تختلف حسب النوع والمواصفات المطلوبة، حيث يصل سعر “الحاسوب” بأقل المواصفات إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية، بينما يصل سعر جهاز كمبيوتر بمواصفات جيدة إلى 7 ملايين، علما أن الأنواع المتوفرة هي من شركة “ديل، وآتش بي، وأسوس”، وذلك في سوق البحصة وسط العاصمة دمشق، بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، مؤخرا.

سوريا مكب نفايات؟

مؤخرا تحولت سوريا لمكب نفايات إلكترونية لعديد من الدول، نتيجة ارتفاع الأسعار، حيث حذر رئيس جمعيّة المخلّصين الجمركيين إبراهيم شطاحي، من انتشار الحواسيب المستعملة منتهية الصلاحية التي تدخل كنفايات إلى سوريا، ويتم إعادة تصنيعها لتصبح صالحة للاستخدام مرة أخرى، إضافة إلى مواد أخرى من معدّات ومستلزمات.

جمعية المخلّصين الجمركيين بدمشق وريفها لفتت مؤخرا إلى “وجود عروض بيع مستودع كامل بأرخص الأسعار وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تسير الشركات فيها حسب القاعدة العالمية بأن للجهاز عمرا افتراضيا يجب تنسيقه قبل نهاية عمره“.

هذه الأجهزة، لاقت رواجا في سوريا بسبب انخفاض أسعارها، والحاجة الملحّة للحواسيب، لا سيما بين فئة الشباب وطلاب الجامعات، ويلجأ هؤلاء إلى الأجهزة المستعملة المعاد تصنيعها، نتيجة الارتفاع الهائل في أسعار الحواسيب الجديدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات