كل يوم يستيقظ السوريون على أسعار جديدة خاصة تلك السلع التي يتم استهلاكها بشكل يومي مثل الخضار والفواكه، ورغم أن هذه المواد منتجات محلية إلا أن أسعارها مرتبطة بارتفاع الدولار مقابل الليرة السورية مما يثير تساؤلات حول ارتباط تسعير هذه الأصناف بالعملة الأجنبية، بينما رواتب المواطنين بالعملة المحلية، الأمر الذي يشكل عبئا إضافيا على جيوبهم.

تقول بعض التقارير المحلية إن أسعار الخضار والفواكه ارتفعت بشكل ملحوظ وحتى خلال ذروة موسمها خلال الأيام الحالية، نتيجة تهاوي الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، مما أدى إلى صعوبة شرائها من قِبل الأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود.

سعر بالدولار!

نحو ذلك، لم تسلم أسعار الخضار والفواكه كباقي السلع الغذائية من الارتفاع الذي يجتاح الأسواق السورية، على الرغم من أنها منتجات محلية، وهو ما أشار إليه تقرير لموقع “غلوبال نيوز” المحلي مؤخرا، بأنه يرجع إلى ارتفاع سعر الصرف.

تسعيرة الخضار والفواكه بسعر الصرف في سوريا- “إنترنت”

بحسب الموقع المحلي، فقد سجلت أسعار الخضار والفواكه في أسواق الساحل السوري وفق التالي، الفاصولياء بـ 8500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، وكيلو اللوبيا 6 آلاف ليرة، والبندورة تراوحت ما بين 2500 إلى 3 آلاف ليرة، والخيار بسعر 2500 ليرة، والبطاطا 2700 ليرة، أما الباذنجان فسجل سعر 2300 ليرة، وكيلو الدراق بسعر 5 آلاف ليرة.

بينما تتراوح أسعار الفواكه بين 6 إلى 9 آلاف ليرة سورية للمشمش، و 8 آلاف ليرة للدراق النوع الأول، و12 ألف ليرة للكرز، حسب نوعيته ومصدره، وفي بعض الأسواق وصل إلى 18 ألف ليرة، كما تراوح سعر كيلو التوت ما بين 4-6 آلاف، ووصل سعر كيلو البطيخ الأخضر والأصفر بين 2000 – 4000 ليرة، و5 آلاف ليرة للخوخ، وأشارت مصادر محلية إلى أن كميات الاستهلاك المحلي منخفضة نتيجة ارتفاع الأسعار.

كما العادة شماعة ارتفاع الأسعار، هو تهاوي الليرة السورية أمام الدولار، بينما يقف المواطن عاجزا عن تأمين أبسط احتياجاته من الغذاء، وهذا عدا عن مصاريف اللباس والدواء والتعليم وغيرها من أمور الحياة اليومية في ظل ارتفاع الأسعار التي تلتهم راتبه في أول يومين من الشهر.

إن معظم الخضار والفواكه هي منتجات محلية في سوريا، ومع ذلك تسعر اليوم وفق سعر الصرف، وهو ما يثير استياء المواطنين، فيرى البعض أن السلع المحلية يجب أن تتوفر بأسعار تتوافق مع مداخيل ورواتب المواطنين وليس العكس، وارتباط تسعيرة كل شيء بالدولار سيؤدي إلى ضعف القدرة الشرائية أكثر فأكثر وسط تدني الأجور.

البعض الآخر من الشارع السوري، يتساءل حول تسعيرة الخضار والفواكه بالدولار، بينما يتقاضى المواطنين رواتبهم بالليرة السورية، وأين دور الحكومة ودوريات الرقابة والتموين التي تزعم دائما أنها تعمل على ضبط الأسعار وتخفيضها بما يتناسب مع جيوب المواطنين، بينما الأوضاع المعيشية في تدهور مستمر.

الاكتفاء بالمخالفات!

في السياق، اكتفى مدير “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” بمحافظة طرطوس، نديم علوش، بالقول إن المديرية تقوم بعملها من خلال المتابعة اليومية لحركة الأسواق والفعاليات لضبطها وفق الأسعار الصادرة، وقد نظمت خلال النصف الأول من العام أربعة آلاف ضبط تمويني وكان للأفران النصيب الأكبر من الضبوط وبلغ 160 ضبطا وتمت معالجة 50 شكوى تقدم بها المواطنون لدائرة حماية المستهلك.

علوش ركز في حديثه مع الموقع المحلي على ضرورة تفعيل ثقافة الشكوى والتعاون مع جميع الوحدات الإدارية والفعاليات الاجتماعية لتسهيل العمل، وتغطية كافة الفعاليات بأسواق المحافظة، مبررا هذه الارتفاع بأن أسعار الخضر والفواكه تخضع للعرض والطلب، ويتم التنسيق مع لجنة سوق الهال بهذا الخصوص.

الجهات الحكومية مقتنعة دائما بأنها تقوم بعملها على أكمل وجه وأنها تنظم الضوابط من أجل السيطرة على الأسعار بالأسواق، لكن الأسعار في حالة تفلّت دائم وجميع التحركات الحكومية غير مجدية، وهذه المخالفات والضوابط قد تكون “شكليات” “فقط، بسبب افتقارها للتأثير على الأسعار.

الاقتصاديون يرون أن المشكلة ليست في ارتفاع الأسعار أو احتسابها بسعر الصرف فهذا حق المزارع وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج، لكن المشكلة تكمن في تدني مستوى الأجور والمداخيل، فمثلا راتب الموظف الحكومي لا يتجاوز 20 دولارا شهريا، وهذا خارج العقل والمنطق.

معضلة التصدير

في إطار أسباب ارتفاع أسعار الخضار والفواكه المنتجة محليا، لعلها تتمحور أيضا حول تصدير 80 بالمئة من الفواكه إلى دول الخليج والعراق، وفق تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين المعنيين بهذا القطاع، إلى جانب ارتفاع تكاليف الإنتاج وغياب الدعم الحكومي لهذا القطاع، وبالتالي فإن الحكومة شريكة في هذا الغلاء الذي يلتهم الأسواق من جميع الاتجاهات.

كيلو المشمش ما بين 6-9 آلاف ليرة سورية- “إنترنت”

أسعار كافة أصناف الفواكه شهدت ارتفاعا كبيرا في الأسواق، الأمر الذي جعلها بعيدة عن متناول الكثير من العائلات، وما يثير الدهشة هو أن البلاد تنتج كميات ضخمة من معظم أصناف الفواكه كافية لتغطية حاجة السوق المحلية وأكثر، إلا أن تصدير القسم الأكبر من الإنتاج المحلي من الفواكه كان له أثر كبير برفع أسعارها، حسبما أوضحه تقرير سابق محلي.

عضو “لجنة تجار ومصدّري الخضر والفواكه” في سوق الهال محمد العقاد، أكد في تصريحات صحفية سابقة أن جميع أنواع الفواكه تصدّر إلى دول الخليج والعراق وبكميات كبيرة، كالمشمش والدراق والكرز والخوخ وأسعار الفواكه المُعدّة للتصدير تختلف عن الصنف الذي يتم طرحه بالأسواق المحلية.

العقاد أردف في حديثه أن تصدير الفواكه يؤثر بشكل أو بآخر في رفع أسعارها في الأسواق المحلية وله دور أساسي، مبينا بأن البندورة الساحلية تُصدّر بكميات كبيرة أكثر من الفواكه، مضيفا أن موسم البندورة في ذروته هذه الأيام، حيث تستهلك السوق المحلية نحو 600 طن يوميا، ويتم تصدير الكمية نفسها إلى العراق ودول الخليج، وادعى أنها لم تؤثر عمليات التصدير على إشباع حاجة السوق اليومية.

إلا أن الأسعار تأثرت بالتصدير بشكل أو بآخر وليس عم يدعيه المسؤول الحكومي، فعند تتوفر كميات وفيرة في الأسواق المحلية، ستكون الأسعار متوافقة مع مداخيل المواطنين وليس الاحتساب بالدولار.

بالنظر إلى أن أسعار الخضار والفواكه قد شهد منذ بداية العام الجاري ارتفاعات متتالية، فإنها تسببت بعزوف شريحة واسعة من السوريين عن استهلاكها أو تخفيض كميات الاستهلاك، ذلك في وقت ارتفعت فيه تكاليف الإنتاج على المزارعين، ما اضطرت الحكومة إلى السماح للتجار بالتصدير، الأمر الذي زاد من أسباب ارتفاع الأسعار في الأسواق.

هذا الأمر أكده مدير “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” في ريف دمشق نائل اسمندر، حيث قال إن ارتفاع أسعار الفاكهة يعود لعاملين، الأول أن الفاكهة في بداية موسمها وبالتالي سينخفض سعرها عند ما يشتد الحر أكثر، والثاني هو أن التكاليف التي يدفعها المزارع من سماد وغيره تتطلب سعرا مناسبا لتغطيتها.

في الأثناء يستمر تراجع قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، حيث حدد “المصرف المركزي السوري” سعر صرف الليرة السورية اليوم بـ 9900 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد.

بينما وصل سعر صرفها في السوق السوداء لنحو 10600، الأمر الذي دون أدنى شك سينعكس سلبا على أسعار السلع والمواد الغذائية للمواطنين، ويزيد من معاناتهم وسط انخفاض قيمة الرواتب والأجور، وسط غياب كامل لدور الحكومة في إيجاد الحلول لتحسين الواقع الاقتصادي المتدهور.

الحكومة السورية تركت المواطن السوري لمصيره، دون أية إجراءات من شأنها مساعدته على مواجهة تفاقم أزمته المعيشة، في وقت يخرج فيه المسؤولون الحكوميون ويتحدثون بكل صراحة أن القرارات الرسمية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ولا توجد أي خطة لرفع الأجور.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات