محاولات عديدة أجرتها “هيئة تحرير الشام” خلال السنوات القليلة الماضية، لنزع صبغة “الإرهاب والتطرف” عنها، لكن غالبا ما تفضح قرارات الهيئة أو المؤسسات التابعة لها، حقيقة مساعيها ومحاولاتها السيطرة على حياة الناس باستخدام وسائل متطرفة، أبرزها التدخل في تفاصيل حياة الناس ومحاربة حرية التعبير ضمن المناطق التي تسيطر عليها شمال غربي سوريا.

ويبدو أن “هيئة تحرير الشام” ومن ورائها زعيمها أبو محمد الجولاني، ستستمر في الدوران داخل حلقة مفرغة، في ظل استمرار مساعيها وادعاءاتها بتغيير سلوكها من أجل إيهام المجتمع الدولي بأنها باتت معتدلة وخارج أطر التنظيمات الإرهابية المتطرفة المتواجدة في سوريا.

بالنظر إلى سياسات “الهيئة” في مناطق الشمال السوري، فإنها قد لا تختلف كثيرا عما تفعله حركة “طالبان” الإرهابية في أفغانستان، ورغم محاولات “الهيئة” تمرير سياستها عبر “ذراع مدني”، وهو حكومة “الإنقاذ”، لكن الجميع يعلم أن “الإنقاذ” تعمل في سوريا بإشارة من الجولاني.

قرارات جديدة

وزارة التعليم التابعة لـحكومة “الإنقاذ”، أصدرت قرارات جديدة، متعلقة بفرض لباس محدد على النساء والفتيات اللواتي يعملن أو يدرسن في المؤسسات التعليمية، الموجودة في مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام”.

القرار ينص على التقيد والتزام بما أسمته الوزارة “الضوابط الشرعية” في المؤسسات التعليمية، مثل إزالة الرسوم والصور من على الجدران في المدارس، كذلك فرض “اللباس الشرعي الفضفاض” على النساء والفتيات في المرحلتين الأساسي والثانوي، “وارتداء اللباس الشرعي الساتر الفضفاض من قبل الإناث في الكوادر التدريسية”.

هذه القرارات أثارت جدلا واسعا بين السوريين، الذي اتهموا “هيئة تحرير الشام” بالتطرف ومحاولة التخفي وراء ذراع مدني، ففي آخر قراراتها أيضا فرضت حكومة “هيئة تحرير الشام”،  الفصل التام بين الطلبة من الذكور والإناث في المدارس الابتدائية، والابتعاد عن الموسيقى والعروض “غير اللائقة والمخالفة على منصات التواصل الاجتماعي التابعة للمؤسسات التعليمية، وفي الاحتفالات التي تقيمها المدارس داخل أو خارج المنشآت”.

قد يهمك: ما سر اختفاء رامي مخلوف.. ما علاقة ماهر الأسد؟

حكومة “الإنقاذ” كانت قد بدأت في سلسلة قرارات لفصل الذكور عن الإناث في وقت سابق، وبدأت بالجامعات في مناطق سيطرتها، حيث حددت أيام معينة لدوام الذكور، وأيام أخرى لدوام الفتيات فقط، وذلك في معظم الكليات والمعاهد في الجامعات، بينما اعتمدت في معاهد مختلفة افتتاح أقسام مخصصة للذكور وأخرى مخصصة للإناث.

أوجه الشبه مع “طالبان” الإرهابية

هذه القرارات الصادرة عن “هيئة تحرير الشام” تُذكر بالتأكيد، بسياسة حركة “طالبان” الإرهابية بعد سيطرتها على أفغانستان، فمنذ عودة “طالبان” إلى السلطة في آب/أغسطس عام 2021، أصدرت العديد من القرارات التي تقيد حرية النساء، فقد حظرت عليهن تولي وظائف حكومية والتعليم في المرحلة الثانوية والسفر لمسافة تزيد عن 72 كيلومترا بدون “محرم”

وزير التعليم العالي في “طالبان”، برر منع دخول النساء إلى الجامعات في أفغانستان، بأنهن “لا يحترمن قواعد اللباس”، في الوقت الذي شجب فيه وزراء خارجية مجموعة السبع الإجراءات المتخذة ضد النساء معتبرين أنها يمكن أن تعد “جريمة ضد الإنسانية”.

بالعودة إلى “هيئة تحرير الشام” في سوريا، فإنها تسعى لفرض السيطرة العظمى على المناطق التي ضمن نفوذها، دون وجود أي معوقات ولو جدلية، يساعدها في ذلك سيطرتها الكاملة على الموارد الاقتصادية شمال غربي سوريا، فضلا عن أنها القوة العسكرية الأبرز في تلك المنطقة، كما أنها تملك ذراع سياسي ومدني للتحكم في المنطقة وهو ما تسمى بـ“حكومة الإنقاذ“.

خلال السنوات الأخيرة، تغيرت سياسة “هيئة تحرير الشام” ضمن حملات إعلامية مكثفة، ادعت انتقال الهيئة من التطرف إلى إعلان في مناسبات عديدة، عن رغبة في الانفتاح التام على العالم الخارجي، والتواصل مع الدول الغربية، إلا أن العديد من القرارات والسياسات التي تطبقها تثبت عكس ذلك.

غيّر الجولاني من لباسه وارتدى بدلة رسمية والتقى بالصحفيين الأجانب، ومهّد للمنظمات والمؤسسات الإعلامية للدخول إلى معقله في إدلب وإجراء المقابلات معه ومع المواطنين في مناطق سيطرته، في خطوة رآها متابعون أنها تأتي ضمن مسعى “الجولاني” للحصول على تأهيل سياسي من الغرب، وإزالة اسم تنظيمه من قائمة الإرهاب الدولي.

“الهيئة” تسيطر على محافظة إدلب، وجزء من أرياف حلب الغربية واللاذقية وسهل الغاب شمال غربي حماة، ولا تزال مصنّفة على لوائح “الإرهاب” في مجلس الأمن ومختلف اللوائح الدولية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات