لا تتوقف المظاهرات والاحتجاجات في السويداء منذ يوم السادس عشر من شهر آب/الجاري، بل إن المدينة تشهد يوم بعد آخر اتساعا لرقعة التظاهر والمشاركة من قبل الأهالي، احتجاجا على تردي الوضع المعيشي، خصوصا بعد القرارات الحكومية الأخيرة، التي أفضت إلى تفاقم معاناة الأهالي على كافة المستويات.

استمرار الحراك الشعبي ضد الحكومة، بدأ يثير المخاوف حول اتجاه القوى الأمنية في السويداء إلى التصعيد ضد المتظاهرين، الأمر الذي قد يؤدي إلى وقوع إصابات وصدام بين الجانبين، خاصة بعدما شهدت إحدى نقاط التظاهر في المدينة إطلاق نارٍ من قبل عناصر قوات الأمن مساء الإثنين الفائت.

محافظة السويداء، سجلت بحسب مصادر محلية أمس الثلاثاء، خروج مظاهرات في نحو 50 نقطة احتجاج في قرى وبلدات المحافظة، تنوعت الهتافات بين المطالبة بتحسين الوضع المعيشي، فيما ذهبت بعض الشعارات إلى دعوة الرئيس السوري بشار الأسد الرحيل عن الحكم.

تصاعد وتيرة الاحتجاجات

الاحتجاجات في مدينة السويداء، شملت كذلك استمرار عشرات الأهالي في قطع الطرقات المؤدية لبعض القرى والبلدات، كذلك فإن الإضراب الذي دعا إليه ناشطون قبل أيام ما زال مستمرا، ويشمل المحال التجارية والمؤسسات التابعة للحكومة، فضلا عن رفع لافتات مناهضة للسلطة وكتابة بعض العبارات على الجدران.

صباح اليوم الأربعاء، نظّم مجموعة من أهالي مدينة صلخد جنوبي السويداء وقفة احتجاجية، شملت إلى جانب المطالب الاقتصادية، مطالب أخرى سياسية تتعلق بالتغيير السياسي، حيث يرى الأهالي أن الطريق لبدء الانفراجة الاقتصادية هو الحل السياسي في البلاد.

الأهالي رفعوا لافتات عديدة، كُتبت عليها عبارات من قبيل “نريد تطبيق قرار مجلس الأمن 2254″، وأخرى احتوت على عبارة “بدنا نعيش بكرامي، يطلع برا الحرامي”، وأطلق المحتجون كذلك شعارات ضد الفساد في المؤسسات الحكومية، وتدعو الرئيس السوري للرحيل عن السلطة.

ومنذ الصباح، أغلق عدد من المحتجين الطريق المؤدية إلى مبنى قيادة حزب “البعث” في المحافظة، وعمد مجموعة من الأهالي في الريف الشرقي، إلى لصق لافتات على جدران شوارع قراهم، دعما للاحتجاجات التي تشهدها محافظة السويداء.

مع غياب أي رؤية حكومية، لتقديم حلول من شأنها أن ترضي المحتجين في السويداء، بدأ بعض الناشطين بالتخوف من تصعيد محتمل ضد الأهالي في المدينة، خاصة وأن التصعيد الأمني يبدو أنه الأداة الوحيدة بيد السلطة في سوريا، في ظل غياب الحلول عن خطط الحكومة.

إضراب مستمر

منذ يوم الأحد الماضي، أخذت الاحتجاجات في السويداء منحىً تصاعديا، خصوصا بعدما أعلن المحتجون عن “إضراب عام”، شمل المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والتعليمية، كما وصل الأمر في بعض المناطق إلى إغلاق الطرق الرئيسية التي تربط القرى والبلدات مع بعضها ومع مركز المدينة.

الاحتجاجات خلال اليومين الماضيين، لم تقتصر على السويداء، إذ أكدت مصادر محلية أن العشرات من أهالي مدينة داعل في ريف درعا خرجوا في تظاهرة الإثنين احتجاجا على السياسات الحكومية، خصوصا المتعلقة بالاقتصاد.

منذ الجمعة الفائت، يستيقظ السوريون على صور وفيديوهات تظهر حجم التحدي الذي تواجهه الحكومة من السويداء ودرعا جنوبا حتى اللاذقية شمالا، التي تشهد إضرابا عاما ومظاهرات حاشدة اعتراضا على القرارات الأخيرة حول رفع الدعم عن مادة البنزين وارتفاع أسعار المحروقات التي أثرت على معظم الأسعار المعيشية في سوريا.

قيمة الليرة السورية، تدهورت بشكل كبير خلال الفترة الماضية وكسرت حاجز 16 ألف ليرة سورية أمام الدولار الأميركي، في حين ارتفعت أسعار المحروقات ليصل سعر بنزين “أوكتان 90” المدعوم والحر ليبلغ 8 آلاف ليرة للتر الواحد، في حين تم رفع سعر البنزين “أوكتان 95” من 10 آلاف ليرة إلى 13500 ليرة، بعدما تم رفع الدعم الحكومي بشكل كامل عن المادة.

هذه الانتفاضة المفاجئة تأتي في ظل تدهور اقتصادي، زاد من حالة الغضب والإحباط لدى سكان المحافظات السورية، الذين يشعرون بالإهمال والظلم من قرارات السلطات. فما هي خلفية هذه التطورات، وما هو دور المجتمع المدني والفعاليات الشبابية في تنظيمها، وما التداعيات المحتملة على المشهد السوري بشكل عام.

يوم الأربعاء الفائت، وفي ليلة واحدة، تغيرت حياة الملايين من السوريين بشكل جذري، بعد أن أصدرت السلطات السورية قرارات اقتصادية غير مسبوقة، تشمل زيادة مئوية على الرواتب والأجور والمعاشات للعاملين والمتقاعدين في الدولة، وإلغاء الدعم عن مادة البنزين بشكل كامل، ورفع أسعار النفط ومشتقاته بكافة الأصناف. 

هذه القرارات، التي جاءت في ساعات متأخرة من مساء يوم 15 آب/أغسطس 2023، لم تهدف إلى مواجهة التضخم المتفاقم في سوريا، الذي بلغ نسبة 3000 بالمئة في شهر تموز/يوليو الماضي، والذي يؤثر سلبا على قدرة المواطنين على شراء السلع والخدمات الأساسية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات