العاصمة السورية دمشق تعيش منذ أمس الخميس، حالة من الصدمة والغضب بسبب موجة غلاء جديدة ضربت الأسواق ورفعت أسعار السلع الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة، فقد شهدت أسعار الخضروات والفاكهة واللحوم والدواجن ارتفاعات جنونية خلال الأيام الماضية، تزامنا مع تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

هذه الموجة الغلائية، التي تصل إلى حدود التضخم المفرط، تؤثر بشكل مباشر على حياة الملايين من المواطنين في دمشق، الذين يعانون من شح الموارد وانعدام الخدمات وانتشار الفقر والجوع؛ فقد أصبحت قدرة الكثير من الأسر على تأمين احتياجاتها الغذائية والصحية والتعليمية محدودة جدا، في ظل ارتفاع التكاليف وانخفاض المدخول، كما أصبحت بعض المنتجات غير متوفرة أو محظورة أو مهربة، مما يزيد من حالة الفوضى والإحباط.

الإنتاج توقف نهائي

أسعار الخضروات ولا سيما البطاطا المعروفة بـ”قوت الفقراء”، شهدت في أسواق دمشق ارتفاعا مذهلا حيث وصل سعر الكيلو إلى مستويات تتراوح بين 5500 و6000 ليرة سورية، وهذا بعد أن كانت تباع بحوالي 2000 ليرة للكيلو فقط قبل نحو شهر.

على الرغم من التأكيد السابق من قبل فرع المؤسسة “السورية للتجارة” في دمشق على نيته استيراد كميات كبيرة من البطاطا وتخزينها في براداتها لتوفيرها في الأسواق ومنافسة الأسعار، إلا أن هذا العمل لم يتم، ولم تكن المؤسسة قادرة على تلبية هذه الاحتياجات ولم تلعب الدور المطلوب في استقرار الأسعار.

في هذا السياق، أشار محمد العقاد، عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه في دمشق، أمس الخميس، إلى أن المؤسسة السورية للتجارة في دمشق لم تقم بطرح البطاطا المخزنة لديها في صالاتها حتى الآن، على الرغم من وعد سابق بذلك. وبالنظر إلى أن أسعار المادة في صالات المؤسسة تقترب من أسعار السوق، فإنها عاجزة عن المنافسة في السوق، حيث تعتمد بشكل كبير على شراء معظم منتجاتها من سوق الهال بدمشق وتستورد كميات قليلة من المزارعين مباشرة.

العقاد أشار إلى أن المؤسسة تعاني من صعوبة المنافسة مع التجار في مجال التخزين، حيث يتمتع بعض التجار بقدرة على تخزين كميات أكبر بكثير مما تمتلكه المؤسسة في دمشق، فالمؤسسة لديها القدرة على تخزين حتى 1000 طن كحد أقصى من الخضار في براداتها، في حين يستطيع بعض التجار تخزين ما يصل إلى 6000 طن من المنتجات بسهولة.

أما بشأن أسباب ارتفاع أسعار البطاطا في السوق، أوضح العقاد أن إنتاج موسم البطاطا الصيفية انتهى منذ نحو عشرين يوما، ولذلك شهدت ارتفاعا في أسعارها. ومع اقتراب بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، سيبدأ إنتاج موسم البطاطا الخريفية، ومن المتوقع أن ينخفض سعرها في ذلك الوقت، حيث يعتبر إنتاج البطاطا الخريفية محليا ولا يتم تصديرها، مما يجعلها متاحة بشكل رئيسي في الأسواق المحلية.

فيما يتعلق بأسعار الخضروات بشكل عام، وليس البطاطا فقط، فهي تظل مرتفعة جدا بالنسبة لدخل المواطن، ومن الجدير بالذكر أن التكاليف التي يتحملها الفلاح تجاه ارتفاع تكاليف الإنتاج ازدادت بنسبة تقترب من 100 بالمئة، فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر الفلينة الفارغة إلى 10 آلاف ليرة سورية، ووصل سعر طن الأكياس الكبيرة الفارغة التي يستخدمها الفلاحين لتعبئة الخضروات إلى حوالي 30 مليون ليرة سورية، وتتأثر أسعار هذه المواد بتقلبات سعر الصرف. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت تكاليف النقل وسعر الليتر الواحد من المازوت اللازم لري الخضروات والفواكه إلى حدود 18 ألف ليرة سورية.

الجاهز للفرجة

ليست الخضروات فقط من وصلت إلى أسعار قياسية، بل شهدت أسعار الفروج والشاورما والوجبات السريعة ارتفاعا غير مسبوق في الفترة الأخيرة، ففي محال بيع الشاورما والوجبات السريعة بدمشق وضواحيها، ارتفعت أسعار سندويشة الشاورما إلى مستويات تتراوح بين 15 و20 ألف ليرة سورية. 

بالإضافة إلى ذلك، وصل سعر وجبة الشاورما العربية إلى 25 ألف ليرة سورية، ووصل سعر وجبة الكريسبي إلى 45 ألف ليرة سورية، أما فروج البروستد، فتراوحت أسعاره بين 88 و110 ألف ليرة سورية، فيما تراوح سعر الفروج المشوي بين 96 و110 ألف ليرة سورية.

عبد الرزاق حبزة، أمين سر جمعية حماية المستهلك، أكد في حديثه لموقع “أثر برس” المحلي، أمس الخميس، أن ارتفاع أسعار الفروج قد أتاح فرصة كبيرة لأصحاب محلات الأغذية السريعة للتلاعب بالأسعار.

من جهته أوضح سامي أبو دان، مدير عام المؤسسة العامة للدواجن، أن تأثير الموجة الحارة على قطاع الفروج في القطاع الخاص كان كارثيا، حيث وصلت نسبة النفوق في بعض أنواع الدواجن إلى 70 بالمئة، كما سُجل سعر كيلو الفروج والدبابيس بلغ خلال الأيام الماضية 26500 ليرة سورية، وكيلو الكستا 39 ألف ليرة سورية، بينما بلغ سعر كيلو الشرحات 60 ألف ليرة سورية، وسودة الفروج 38 ألف ليرة سورية.

ظرف قهوة  بـ22 ألف

بحسب متابعات “الحل نت”، سجلت الأسعار الآتية في أسواق دمشق، حيث بلغ سعر كيلو الطحين الفرط 7000 ليرة، وكيلو السكر وصل إلى 14000 ليرة، بينما بلغ سعر نصف كيلو من متة “خارطة” 32000 ليرة، أما سعر سمنة “كلارا” بوزن 2 كيلو فوصل إلى 60 ألف ليرة. 

أما سعر الزيت النباتي بسعة 4 لترات فبلغ 103 آلاف ليرة، وسعر الليتر وصل إلى 26 ألف ليرة، وسعر كيلو الرز الهندي بلغ 13000 ليرة، بينما سعر كيلو الرز المصري القصير وصل إلى 20 ألف ليرة.

بالنسبة لبعض المنتجات الأخرى، فقد سجل ظرف القهوة بسعة 200 غرام 21500 ليرة، وسعر كيلو الجوز بلغ 112 ألف ليرة، أما كيلو الفستق للمكدوس فوصل إلى 55 ألف ليرة، وسعر كيس المحارم بلغ 17 ألف ليرة، بينما سجل سعر محارم “تذكار” 13500 ليرة، في حين بلغ سعر مسحوق الغسيل بوزن 2 كيلو 37 ألف ليرة.

العديد من الباعة أكدوا أن الأسعار غير مستقرة وتتغير يوميا بناء على تقلبات سعر الصرف، ولا يتوقعون انخفاضها في المستقبل القريب.

فيما يتعلق بأسعار الخضار والفواكه، فقد ارتفعت أيضا خلال الأيام الأخيرة، حيث بلغ سعر كيلو البندورة 3500 ليرة، والبطاطا 3800 ليرة، والبصل 5000 ليرة، والخيار 3800 ليرة، والكوسا 3200 ليرة.

سعر كيلو الباذنجان بلغ 3300 ليرة، والفليفلة 3000 ليرة، بينما سجل سعر كيلو الليمون البلدي 9000 ليرة، والليمون الأخضر 3500 ليرة. وسعر كيلو التفاح وصل إلى 5000 ليرة، وكيلو البطيخ الأحمر بلغ 1500 ليرة، والبطيخ الأصفر وصل إلى 2500 ليرة.

من المؤكد أن هذه الموجة الجديدة من الغلاء لن تكون تأثيراتها محدودة بالأثر الاقتصادي فقط، بل ستمتد أيضا إلى النواحي الاجتماعية والسياسية، فقد يزيد هذا الغلاء من مستوى الاحتجاجات والاستياء في الشارع، مما يضعف أكثر من استقرار المنطقة ويجعل السكان يبحثون عن تفسيرات وحلول لهذه الأزمة المتصاعدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات