بعد الانهيار الأخير.. ماذا حصل باللحوم الحمراء ومن يتذكرها في سوريا؟

في ظل الانهيار الاقتصادي الأخير الذي تعيشه سوريا مؤخرا، حيث أسعار السلع والمواد الغذائية التي تضاعفت مراتٍ عدة، خف الحديث عن اللحوم الحمراء في البلاد، وذلك في ظل تسجيل الأسواق لأرقامٍ متدنية جدا حول الإقبال على شراء هذا النوع من اللحوم.

منذ عدة سنوات ونسبة كبيرة من العوائل السورية، استغنت بشكل نهائي عن اللحوم الحمراء، البعض استبدله باللحم الأبيض الذي يُعتبر منخفض الثمن إذا ما تمت مقارنته باللحم الأحمر، كذلك فإن انخفاض استهلاك اللحوم الحمراء، أصبح سببا في تهديد مهنة “اللحام” الأمر الذي دفع اللحامين إلى إضافة سلع أخرى في متاجرهم أو بيع أنواع إضافية من اللحوم.

خلال موجات الارتفاع الأخيرة التي ضربت جميع السلع والخدمات في سوريا، لم تشهد أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعا بنفس الوتيرة، وذلك إثر تراجع الطلب على هذه السلعة بنسبة كبيرة، حيث تقول تقارير محلية، إن “أسعارها أحالتها إلى ضيف شرف على الموائد قد لا تحضر إلا في المناسبات الخاصة جدا”.

أسعار اللحوم الحمراء

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أفاد بأن أسعار اللحوم الحمراء تفاوتت في الأسواق السورية، في حين سجّل متوسط سعر كيلو لحمة الخروف 120 ألف ليرة سورية، بينما تراوح كيلو لحمة العجل بين 90 و100 ألف.

عدد من أصحاب محال “القصابة” وصفوا حركة السوق بالراكدة، إثر تراجع الطلب على شراء اللحوم إلى حدوده الدنيا، فانخفضت مبيعاتهم اليومية إلى ما يقارب النصف، الأمر الذي بات يهدد الكثير منهم بإغلاق محلاتهم والتوجه إلى مِهنٍ أخرى أكثر جدوى، على حدّ قولهم.

“مبيع اللحوم الحمراء لا يشكل سوى 10 بالمئة من الإجمالي”، قال زكريا أبو المجد وهو لحّام يعمل في العاصمة دمشق، مشيرا إلى أن تراجع الطلب جعله يغلق متجره في فترة من الفترات، قبل أن يعود للعمل لكن وفق قواعد معينة.

أبو المجد أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “معظم البيع لدي يعتمد على لحم الجمل والدجاج، في السابق لم أكن أبيع هذه الأصناف في المحل، لكن لحم الخروف انخفض الطلب عليه بشكل كبير، زبائن اللحم الأحمر قلائل نتيجة أسعاره المرتفعة، حاليا هناك إقبال متزايد على لحم الجمل”.

لحم الجمل

لحم الجمل المنتشر في الأسواق السورية ما يزال مصدره مجهولا، إذ لا توجد جهة حكومية تشرف على عمليات إنتاج لحم الجمل وبيعه في الأسواق، إضافة إلى أن أبرز أسباب ارتفاع الإقبال عليه، هو أن أسعاره رخيصة مقارنة بأنواع اللحوم الأخرى، الأمر الذي يطرح التساؤلات عن مصدر هذه اللحوم وسبب الانخفاض في أسعارها.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أوضح أن سعر كيلو لحم الجمل بلغ في الأسواق السورية 85 ألف ليرة سورية، وهو أرخص من لحم الغنم الذي يمكن لسعر الكيلو منه أن يتجاوز مئة ألف ليرة سورية، كذلك فإن نسبة الدهون في لحم الجمل هي أقل منها في اللحوم الأخرى، وهو ما يجعلها مرغوبة لدى الأهالي.

بحسب تقرير الموقع المحلي، فإن مصدر هذه الجِمال هي مزارعٌ خاصة بتربيتها، وذلك في ظل غياب مركز أو مسلخ تابع للحكومة يشتري منه بائعو اللحم، إذ إن جميعة اللحامينَ تضم 720 حرفي، لا يوجد بينهم أي “لحّام جمل”، حيث يتم ذبح الجِمال في مسالخ خاصة بريف دمشق.

غياب الدور الحكومي في عملية إنتاج وبيع لحم الجِمال، ربما تكون سببا في انخفاض أسعارها، الأمر الذي يثير التساؤلات حول الدور الحكومي السلبي في عملية تسعير المواد الغذائية، خاصة وأن العديد من القرارات الحكومية السابقة ساهمت بشكل واضح في ارتفاع أسعار لحم الدجاج، فضلا عن الفوضى وتراشق الاتهامات مع التجار.

العديد من المراقبين والمعنيين يقولون إن سبب ارتفاع أسعار اللحوم يعود أولا إلى قرار الحكومة السماح بالتصدير، حيث تم تصدير ما يقارب 200 ألف رأس من الغنم، بالإضافة إلى التهريب وارتفاع كلف الأعلاف والنقل وقلة المراعي الخضراء.

إلا أن السبب الرئيسي وراء هذا الغلاء وفق الخبراء، يعود لتراجع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار والعملات الرئيسية إلى أدنى مستوى على الإطلاق منذ عام 2011، حيث سجل الدولار بأسواق دمشق اليوم نحو 14300 ليرة سورية، بحسب مصادر محلية من العاصمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات