في الوقت الذي تعاني فيه المدارس الحكومية بسوريا من تدني مستوى الخدمات التعليمية المُقدّمة للطلاب، أصبح التحاق الطلبة بالمدارس تقريبا بلا فائدة، الأمر الذي يدفع الأهالي إلى إيجاد حلول بديلة من أجل متابعة المشوار التعليمي لأطفالهم.

ففضلا عن تراجع الخدمات التعليمية والنقص الحاد في الكوادر التدريسية، يبدو أن الكثير من المدارس الحكومية على موعد من معاناة جديدة تتمثل بنقص مواد التدفئة، حيث ما تزال مادة المازوت غائبة عن معظم المدارس الحكومية في مختلف المناطق السورية.

توزيع المادة على المدارس عادة ما يكون بنفس فترة بدء العام الدراسي خلال شهر أيلول/سبتمبر، إلا أن تقارير صحفية أكدت أن العديد من المدارس لم تتلق مخصصاتها من المادة حتى الآن، الأمر الذي أثار مخاوف الأهالي، في ظل ضعف المرافق في المدارس الحكومية.

شكاوى الأهالي

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، نقل شكاوى الأهالي المتعلقة بعدم وصول مازوت التدفئة إلى مدارس أطفالهم، لا سيما مع اقتراب موجات البرد وانخفاض درجات الحرارة، حيث أكد التقرير “عدم قيام اللجنة المخصصة لتوزيع مادة المازوت في مديرية تربية السويداء، البدء بتوزيع المادة على المدارس حتى اليوم، علما بأن توزيع المادة على المدارس يتم عادة قبل بدء العام الدراسي”.

رئيس شعبة الطاقة في مديرية التربية بالسويداء صالح مزهر، أكد رصد مئة ألف لتر من المازوت للمدارس، مبررا التأخر في عمليات التوزيع بعدم توفر المادة خلال الأسابيع الماضية، لكنه أشار كذلك إلى أن الكمية المرصودة غير كافية، حيث أن الكمية المعتادة للتوزيع في المحافظة تبلغ 1.6 مليون لتر سنويا.

هذا النقص ينذر بشتاء بارد على العديد من المدارس الحكومية في سوريا، ويضاف إلى حالة التخبط والفوضى التي بدأت مع العام الدراسي قبل أسابيع، حيث أشار تقرير لموقع “بزنس تو بزنس” إلى أن “الموسم الدراسي بدأ بدون أي مؤشرات على أن المسؤولين عن أجيالنا قد تعلموا من أخطاء الماضي، وبأن هناك نيّة للإصلاح وتحسين وضع مدارسنا لتكون البيت الثاني كما علّمونا في صغرنا”.

قج يهمك: “مافي كهربا للتشغيل“.. كيف يتغلب السوريون على برد الشتاء بعد ارتفاع أسعار المدافئ 

التسجيل في المدارس الخاصة أو اللجوء إلى الدروس الخصوصية هي أبرز الحلول التي يلجأ إليها الأهالي، لكن ارتفاع تكاليف هذه الحلول جعل بعض الأهالي يفكرون بإخراج قسم من أبنائهم من المدارس، فتكاليف المدارس الخاصة والدروس الخصوصية قد تصل إلى الملايين سنويا لكل طالب.

حلول بديلة

تقرير لمجلة “سالب وموجب” المحلية، أشار إلى أن الدروس الخصوصية، أصبحت “صداعا في رأس أولياء الأمور الذين ينفقون عليها من قوت يومهم”، فقد تحولت هذه الدروس إلى بورصة يديرها أصحاب المعاهد الخاصة ومدرّسي المواد الخصوصية، لا سيما بعد الانهيار الأخير بقيمة العملة المحلية.

بحسب تقارير محلية، فإن تكاليف الدروس الخصوصية شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الأشهر الماضية، حيث وصلت تكلفة المادة الواحدة إلى متوسط مئة ألف ليرة شهريا، كذلك فإن أسعار المعاهد ارتفعت هي الأخرى، لتصل تكلفتها إلى متوسط 70 ألف ليرة شهريا للمادة الواحدة، وهذه الأسعار ترتفع عادة خلال فترات الامتحانات.

التكاليف المترتبة على العملية التعليمية في سوريا، أصبحت مؤخرا تشكل عبئا ثقيلا على ذوي الطلبة، فالتكاليف المرتفعة لم تعد حكرا على الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة، التي أصبحت رسومها السنوية بملايين الليرات، بل شملت مؤخرا حتى الطلبة المسجلين في المدارس الحكومية.

مع بدء الموسم الدراسي هذا العام، تؤكد شهادات أهالي التلاميذ زيادة وتيرة تدني مستوى الخدمات في المدارس العام، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول جدوى التعليم المجاني في سوريا، إذ اعتبر العديد من أهالي الطلبة أن ذهاب أبنائهم للمدرسة هو عبارة عن “مضيعة للوقت” في معظم المدارس الحكومية.

كذلك فإن شريحة واسعة من المدرسين قدّموا استقالاتهم مؤخرا بسبب ضعف الرواتب، بعد أن تبيّن لهم أن حجم العمل المطلوب لا يعادل ما سيحصلون عليه من عائد مادي، كذلك فإن البعض فضّل العودة للمنزل والاكتفاء بالدروس الخصوصية المربحة والمريحة دون عذاب الصراع على توقيت الحصص في المدارس.

خلال السنوات الماضية، شهدت البلاد زيادة في المدارس التعليمية الخاصة، وذلك بسبب تراجع مستوى الخدمات التعليمية في المدارس الحكومية المجانية، إذ يقول ذوو الطلاب أن أبناءهم أصبحوا يضيّعون وقتهم في المدارس الحكومية التي لم تعد تقدّم خدمات تعليمية جيدة كما كان الوضع سابقا.

بذلك أصبحت المدارس الحكومية محصورة بأبناء الفقراء غير القادرين على تسديد أقساط المدارس الخاصة المتزايدة بشراهة تشبه النباتات الطفيلية، فالمشوار التعليمي للأطفال في سوريا، أصبح يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ مالية بشكل سنوي من أجل حصول الأطفال على حقّهم بالتعليم في البلد التي لطالما تغنّت حكومتها بمجّانية التعليم على مدار العقود الماضية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات