منذ أيام وحتى اللحظة، احتل الحديث عن موقف لاعب كرة القدم في منتخب مصر الدولي ونادي ليفربول الإنكليزي، محمد صلاح، من الحرب الدائرة في قطاع غزة، مساحة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث شهدت هذه المنصات جدلا واسعا بسبب عدم إبداء صلاح أيّ موقف حازم مما يحدث في غزة، بل أنهم طلبوا منه إظهار دعمه للفلسطينيين.

ووسط الانتقادات اللاذعة التي يتعرض لها صلاح، في مقابل اعتبار البعض الآخر أنه قدم الكثير للناس، وليس من الضروري أن يتحدث ويعبّر عن موقف من حرب غزة، يبدو أن اللاعب المصري أنهى الجدل، حيث أعلن الهلال الأحمر المصري أن صلاح تبرع بنحو 3.5 مليون دولار، بحسب وسائل إعلام محلية مصرية.

محمد صلاح في مرمى الانتقادات

منذ اندلاع الحرب في غزة، طالب متابعو صفحة محمد صلاح على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة منصة “فيسبوك”، بإعلان موقفه من حرب غزة. وعلّق الكثيرون على منشوراته ومدوّناته، بما معناه أنه يجب أن يعبّر عن موقف أو تضامن مع أهل غزة. حيث كتب أحدهم “يا عم طب اي حاجة لاخوتنا في فلسطين”، وقال آخر “فلسطين يا غالي.. انت فين. ما هو تعليقك على ما يحدث في فلسطين؟”.

حول ذلك، يقول الناقد الرياضي المصري محمود صبري، في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط“، إن صلاح يُعد أحد السفراء الرياضيين العرب في أوروبا، مشيرا إلى أن الموقفَين الأوروبي والغربي بشكل عام يدعم إسرائيل، وأن صلاح في وضع حساس الآن.

في المقابل، رفض الناقد الرياضي المصري المقارنة بين موقفي صلاح وأبو تريكة، واعتبر أن لكل منهما مكان ووضع مختلفين، وعدّ ذلك نوعا من المزايدة على مواقف محمد صلاح، لافتا إلى أن علامات التأثر على صلاح خلال مباراته الأخيرة في الدوري الإنكليزي يوم الأحد الماضي أمام برايتون كانت واضحة، فقبل التوقف الدولي، ورغم إحرازه هدفين في المباراة، فإنه لم يبدِ أي سعادة بهما.

بينما رأى الناقد الرياضي أشرف محمود، أن صلاح ليس حرّا تماما فيما يكتبه أو يعلنه، مشيرا إلى أنه “لا يوجد مواطن عربي غير متعاطف مع غزة”. وقال محمود، في حديث لذات الصحيفة، إن “صلاح ربما قرر أن يدعم غزة بطريقة أخرى لا نعرفها، ربما تكون أكثر إفادة للقضية الفلسطينية ولغزة”.

ويعتقد البعض أن أحد الأسباب التي دفعت الجمهور، وخاصة المصريين، إلى مطالبة اللاعب المصري بالتعبير عن تضامنه مع أهل غزة، هو أنه أحد المؤثرينَ العالميين، وأنّه بتضامنه قد يخلق نوعا من التضامن ودعم لصالح القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى أنه قد يحشد الرأي العام إلى حدّ ما تجاه ما يحدث في غزة.

خاصة وأن صلاح يتمتع بشعبية كبيرة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، إذ يزيد عدد متابعيه عبر منصة “إكس” على 18 مليون متابع، بالإضافة إلى 16 مليون متابع على “فيسبوك” ونحو 63 مليون متابع على “إنستغرام”، لكن رغم ذلك يبدو أن صلاح ليس في وضع يسمح له بإبداء موقف حازم، لا سيما وأن الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، سبق وأن وجّه تحذيراتٍ لأندية “البريمر ليغ” بشأن مشاركة اللاعبين في التعبير عن مواقفهم في الملاعب وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لردود الأفعال العنيفة التي قد تنجر عن تلك المنشورات.

من جانبه، دافع الإعلامي المصري إبراهيم عيسى عن محمد صلاح، وقال خلال تقديمه برنامج “حديث القاهرة” المُذاع عبر قناة “القاهرة والناس”: “محمد صلاح ثروة وطنية وعربية وإنسانية وإسلامية، ووجوده في حدّ ذاته بالنجاح الذي يحققه، والمثال الذي يقدمه من دأب وروح للعمل وتطوير الذات وتنمية للقدرات مَثل ونموذج لكل عربي مصري”.

عيسى أردف في حديثه “محمد صلاح يقدم نموذج المصري العربي المسلم الطبيعي، المؤمن والقادر على ممارسة التعايش والتسامح، وفي نفس الوقت يستطيع تقديم نجاح عالمي ثم باهر ثم أسطوري كل يوم”، مشيرا إلى أنه “إذا بنا أمام هجمة شرسة وحملة لاغتيال شخصية محمد صلاح، طبعا يقودها الإخوان وتيار الإسلام السياسي بشكل هائل ورهيب، ويصفي حسابه معه، والتيار الإسلامي يترصد محمد صلاح منذ اللحظة الأولى لنجاحه”.

صلاح يخرج عن صمته

في الأثناء، كشفت مصادر محلية مصرية ومقربون من لاعب منتخب مصر الدولي محمد صلاح، عن قيامه بالتبرع بمبلغ مالي ضخم لصالح الهلال الأحمر المصري دعما للشعب الفلسطيني، رغم أنه لم يعلن بشكل شخصي على صفحاته الشخصية على السوشيال ميديا.

حيث قال رامي الناظر، المدير التنفيذي للهلال الأحمر المصري، إن “محمد صلاح قام بالتبرع وتقديم مساعدات لأهالي فلسطين، وقد تواصل معنا من خلال مدير أعماله، وهو الذي أبلغنا بهذا الأمر”. وعلى الرغم من رفض محمد صلاح ووكيل أعماله الإفصاح عن المبلغ، ذكر مصدر بالهلال الأحمر أنه وصل لـ3.5 مليون دولار أي قرابة 100 مليون جنيه مصري، وفقا لوسائل إعلام محلية مصرية.

ليس هذا فحسب، فقد دفعت الانتقادات اللاذعة عائلة اللاعب للتدخل، حيث رد نصر صلاح، شقيق اللاعب محمد صلاح، على مهاجم لشقيقه عبر منصة “فيسبوك”، قال خلاله: “يعني أنت عايز أخويا يعمل إيه يعني؟”. في حين حرصت رباب صلاح، شقيقة اللاعب المصري، على إعلان دعمها للقضية الفلسطينية من خلال مقطع فيديو نشرته على خاصية ستوري عبر “إنستغرام”.

أعرب رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، عن فخره بمواطنه، محمد صلاح، بعدما كشف الهلال الأحمر المصري عن تبرع صلاح لمساعدة أهالي قطاع غزة، وكتب ساويرس تعليقا على مدح الإعلامي المصري عمرو أديب، لصلاح، قائلا: “مهما عمل ومهما اتبرع لن يرضى عليه الحاقدون ولن يسكت المهاجمون”.

وأضاف رجل الأعمال المصري قائلا: “فنحن أمة تكره النجاح وتبحث عن الفشل أنا يا محمد فخور بك وبأخلاقك ومصريتك”. وكان الإعلامي عمرو أديب قد علق على تبرع صلاح بمبلغ مالي لصالح ضحايا غزة، بالقول “محمد صلاح تبرع بأموال لأهالي غزة عبر الهلال الأحمر المصري.. ابن مصر اللي ضد الكسر مانامش وضميره بياكله.. هو ده محمد صلاح اللي أنا أعرفه.. شكرا يا أخويا”.

وحول الانتقادات التي طالت ولا تزال تطال محمد صلاح، قال حازم إمام، عضو مجلس إدارة “الاتحاد المصري لكرة القدم”، إن صلاح “نجم وقائد والعالم كله يتحدث عنه”، قائلا: “رفقا بالناس” بعض الشيء، فقد فعل الكثير، ولا يجب أن يخرج ليقول ذلك. يظل صلاح رمزا لمصر، ولذلك أطلب الرفق لأنه دائما عند حسن الظن ودائما ما يشرف البلاد”.

وقال إمام خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي هاني حتحوت، خلال برنامج “الماتش” عبر قناة “صدى البلد”: “محمد صلاح نجم وقائد، وكان النهاردة في الملعب بيلعب بقلب وروح، مش أنا اللي هتكلم عن محمد صلاح.. العالم كله بيتكلم عليه، ورسالتي للناس رفقا ببعض شوية.. وصلاح عمل حاجات كتير ومش لازم يطلع يقول”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات