تجاهل تنظيم الوقفات ومنع التظاهر قرب الجولان.. التهديدات الإسرائيلية أرعبت دمشق؟

على مدار العقود الأخيرة اعتادت السلطة الحاكمة في سوريا، اختلاق الأعذار والتبريرات لعدم التدخل العسكري خلال تصاعد وتيرة التصعيد بين حركة “حماس” والقوات الإسرائيلية، وذلك على اعتبار أنها تَعتبر نفسها أحد أهم محاور “المقاومة” في المنطقة، وكانت أبرز هذه الأعذار عدم توفّر الوقت المناسب على مدار أكثر من 50 عاما.

وكانت عوضا عن ذلك ولتعزيز صورتها “المقاومة” أمام السوريين تنظّم المهرجانات الداعمة للفلسطينيين، والتظاهرات التي تنادي بـ”موت إسرائيل ومقاومة الاحتلال”، فكانت أيضا تسمح للسوريين والفلسطينيين بالذهاب إلى الحدود السورية الإسرائيلية والتظاهر على السياج لتفريغ الشحنات التي كانت تُطلقها عبر وسائل الإعلام لسنوات طويلة.

اليوم وبعد مرور نحو 20 يوما على بدء حركة “حماس” عملية “طوفان الأقصى” ضد المواقع الإسرائيلية، تغيرت سياسة دمشق بالتعامل مع التصعيد الدائرة في غزة، فتراجعت حركة تنظيم التظاهرات والفعاليات المنددة بإسرائيل، والمفاجأة هذه المرة أنها منعت التظاهر على الحدود السورية الإسرائيلية قرب منطقة الجولان.

تعليمات واضحة

مصادر خاصة لـ”الحل نت” أكدت أن قيادة حزب “البعث” أوعزت لكافة مجموعات الحزب، بضرورة التّوقف عن أيّة فعاليات أو مظاهرات من شأنها تجييش الرأي العام، كذلك عدم نشر دعوات للتظاهر لمناصرة الفلسطينيين في غزة، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب هذا التوجه.

قبل أيام أكدت “مجموعة العمل في سوريا” كذلك، أن السلطات السورية أصدرت تعليمات صارمة لقيادة “حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم”، والفصائل الفلسطينية الموجودة على أراضيها بعدم تنظيم أي مظاهرات أو تحركات شعبية باتجاه الحدود مع إسرائيل، وذلك في ظل التصعيد العسكري في قطاع غزة.

بحسب ما نقل موقع المجموعة، فإن هذه التعليمات جاءت بناءً على تقديرات أمنية وسياسية تشير إلى أن أي خطوة من هذا القبيل قد تُثير غضب الجانب الإسرائيلي والأميركي، خاصة وأن التصعيد في غزة هذه المرة لا يشبه ما كان يحدث خلال السنوات الماضية، إذ يرفع التصعيد الدائر احتمالية نشوب حرب إقليمية في المنطقة.

قد يهمك: استطلاع رأي صادم.. فئة من سكان سوريا عازفون عن متابعة آخر الأحداث لهذه الأسباب

يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد، أخذ التحذيرات التي وصلته مؤخرا، بضرورة الابتعاد عن أية مواجهة مع إسرائيل على محمل الجد، فهو يحاول دائما امتصاص غضب الجانب الإسرائيلي، فلم نرَ أي ردّ عسكري أو حتى سياسي حتى الآن على القصف الإسرائيلي المتواصل منذ نحو أسبوعين على المطارات الدولية وبعض المواقع العسكرية في سوريا.

كذلك فإن منع الحراك المَدني الذي قد يؤدي إلى تجييش الرأي العام في سوريا، يأتي في إطار عدم أخذ السلطة السورية أية مبادرة من شأنها رفع وتيرة التصعيد مع إسرائيل، خصوصا بعد التهديدات الإسرائيلية والتحذيرات من بعض الدول العربية كالإمارات بضرورة عدم تدخل دمشق في الصراع الدائر في غزة.

حتى الآن لم تشهد المدن السورية مظاهرات كبيرة داعمة لأهالي غزة، بل اقتصر الأمر على بعض التظاهرات الصغيرة التي جرت في العاصمة دمشق قبل نحو أسبوع بكثيرٍ من الحذر وتحت أنظار الجهات الأمنية، كما أن هذه المظاهرات لم تتمتع بتغطية إعلامية واسعة من قبل وسائل الإعلام المحلية.

هجوم على السلطة

على وسائل التواصل الاجتماعي، هاجم ناشطون فلسطينيون القيادة السورية، معربين عن استغرابهم من هذا الموقف كونه يتناقض مع التصريحات المتكررة للقيادة السورية التي تزعم “دعم المقاومة والشعب الفلسطيني”، خاصة فيما اذا قسنا ردود الفعل الشعبية في سوريا للتضامن مع غزة عام 2019 برعاية الفِرق الحزبية، وفي كل مرة تشهد فيه المنطقة تصعيدا عسكريا.

بحسب ما تابع “الحل نت”، فإن أول مظاهرة جرت في دمشق للتضامن مع غزة كانت قبل أسبوعين، وقد نقل أحد المتظاهرين شهادته قائلا، “كانت المظاهرة في ساحة عرنوس، ولم يكن هناك حضور لوسائل الإعلام الرسمية، كما أن السلطة لم تدعم أبدا هذه التظاهرة، وانحصر تنظيمها على الجهات الفلسطينية”.

وفق ما نقله المتظاهرون فإن المظاهرة لم تدم طويلا، حيث أقدمت المجموعات الأمنية التي كانت ترافق المظاهرة على تفريقها عندما اشتدت وتيرة الهتافات، ومن ثم عمدت عناصر الأمن إلى المشاركة في المظاهرة وبدأوا بالهتاف للرئيس السوري بشار الأسد.

منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” التي شنّتها حركة “حماس” ضد إسرائيل، كانت هناك عدة استهدافات إسرائيلية لمواقع عسكرية سورية، إضافة إلى قصف مطارَي حلب ودمشق الدوليين، ويجمع المحللون أن هذه الاستهدافات بمثابة تحذير للسلطة السورية من أية محاولات انخراط في الصراع أو تسهيل الطرق أمام الميليشيات الإيرانية من أجل التدخل وقصف المواقع الإسرائيلية.

بالتأكيد فإن أيّ تحرّكٍ من قِبل القوات السورية ضد إسرائيل، سيُقابَل بردّ عنيف على غرار ما فعلته إسرائيل خلال السنوات الماضية من استهدافات مركّزة للمواقع العسكرية التابعة للجيش السوري والميليشيات الإيرانية، كذلك فإن مراقبينَ رأوا أن تحرّك سوريا قد يستفزّ كذلك حلفاء إسرائيل وأبرزهم الولايات المتحدة التي قد تُعلن استهدافاتٍ مركّزة لمواقعٍ في سوريا.

وفق محللين، فإن أيّ انخراطٍ للقوات السورية في الحرب الدائرة حاليا، قد يكون ضربا من التّهور لما قد يكون له من تداعيات كارثية على البلاد، كما أن هذا الانخراط لن يكون له أيّة نتائج مؤثّرة، حيث لا تمتلك القوات السورية أيّة مقومات من شأنها التأثير على نتائج الحرب، فهل يمكن فعلا أن يدخل الرئيس السوري بشار الأسد في هذه الحرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة