الحرب الروسية على أوكرانيا تقترب من إتمام عامها الثاني، ولا تزال كييف تقاوم الغزو الروسي حتى الآن، لكن السؤال الذي يبرز هو كيف سيكون شكل الحرب في أوكرانيا خلال عام 2024 المقبل؟ 

تقرير حديث أوردته شبكة “BBC” حدد 5 أشياء قد تؤثر بشكل الحرب الروسية على أوكرانيا في عام 2024، وهي “المال والسلاح والعنصر البشري والإجهاد الأوكراني ونهاية اللعبة”.

المال والسلاح

فيما يخص “المال”، فإنه وبحسب تقرير الشبكة البريطانية، تحتاج المساعدات الأميركية المقدمة لأوكرانيا إلى التصويت من خلال الكونغرس، وترتبط بالمناقشة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول النفقات الأخرى، أما في الاتحاد الأوروبي، فترتبط أيضا حزمة مالية بقيمة 50 مليار دولار، بمفاوضات متوترة مع دولة المجر، إحدى دول الاتحاد، وبقية الدول الأعضاء، فالمجر انحازت فعليا إلى جانب روسيا في غزوها لأوكرانيا، على عكس بقية دول الاتحاد الأوروبي، وتريد وقف المساعدات لكييف تماما.

أما بشأن “السلاح”، فإن التأخير في تقديم المساعدات الخارجية يؤدي إلى تباطؤ قدرة أوكرانيا على تزويد جيشها بالأسلحة، الأمر الذي يتسبب في قلق كييف المتزايد وثقة موسكو المتزايدة، وفقا لتقرير “BBC“.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اعترف لوسائل الإعلام، بأن الوضع كان صعبا، قائلا إن أحد أسباب عدم بدء الهجوم المضاد في أوكرانيا في وقت سابق هو نقص الأسلحة، لكنه أعرب عن أمله في حل مشكلة المساعدات العسكرية قريبا، وأن تتمكن أوكرانيا من زيادة إنتاجها من الطائرات بدون طيار، وهو ما أثبت أهميته في هذه الحرب.

من الحرب الروسية على أوكرانيا – “AFP”

وأفاد الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، أنه لن يحقق هدفه المتمثل في تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفع 155 ملم بحلول آذار/ مارس 2024، فيما أشار الجيش الأوكراني، إلى إنه يتعين عليه إدارة استخدام القذائف بوتيرة أقل.

في السياق، ووفقا لتقرير شبكة “BBC” الذي تابعه “الحل نت”، فإن عدم توفر الذخيرة بالكمية المطلوبة، قد يدفع بالأوكرانيين إلى التخلي عن مواقعهم ومزيد من الأراضي، في وقت تسيطر روسيا حاليا على نحو 17 بالمئة من الأراضي الأوكرانية.

هذا وتقدر أوكرانيا، أن الحرب كلفت اقتصادها 150 مليار دولار، وتخطط لإنفاق 43.2 مليار دولار على الجيش في عام 2024، بينما تقدر الميزانية العسكرية الروسية بنحو 112 مليار دولار أميركي.

ماذا بشأن العنصر البشري؟

فيما يتعلق بالأمر الثالث، وهو “العنصر البشري”، فإن توفير عدد كاف من الجنود يشكل تحديا لكلا الجانبين، فقبل شباط/ فبراير 2022، كان عدد سكان أوكرانيا حوالي 44 مليون نسمة، بينما تشير التقديرات إلى أن 6 ملايين أوكراني غادروا البلاد، على الرغم من أنه يعتقد أن العديد منهم قد عادوا، ونزح مئات الآلاف داخليا بسبب الاحتلال الروسي والهجمات المستمرة، وقُتل آلاف المدنيين.

وسيكون تجنيد وتدريب قوات جديدة تحديا كبيرا، وبموجب الأحكام العرفية، منعت أوكرانيا الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما من مغادرة البلاد، وفقا لتقرير “BBC”.

وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، قال مؤخرا، إن كييف قد تحتاج إلى أن تطلب من الرجال الأوكرانيين الذين يعيشون في الخارج الحضور للخدمة العسكرية، في وقت يُعتقد أن مئات الآلاف من الرجال الأوكرانيين في سن القتال يعيشون في الخارج.، وقالت إستونيا بالفعل إنها ستساعد كييف في تجنيد المواطنين الأوكرانيين المناسبين للجيش، والذين يعيشون حاليا في إستونيا.

وفي حين أن روسيا لديها جيش أكبر بكثير وعدد سكان أكبر يبلغ رسميا نحو 144 مليون نسمة، إلا أن خسائرها في ما يقرب من عامين من الحرب كانت هائلة، إذ تحدث الخبراء العسكريون والجنود أنفسهم عن القتال بأسلوب ما يعرف بـ “مفرمة اللحم”، كما فقدت روسيا أيضا العديد من أفضل قواتها العسكرية تدريبا، مثل نخبة المظليين وأطقم القوات الجوية، الذين يعد تدريبهم مكلفا ويستغرق سنوات عدة.

وفقا للتقديرات، فإن ما يصل إلى مليون روسي غادروا البلاد بعد غزو أوكرانيا، وإعلان التعبئة العامة، ولجأت السلطات الروسية إلى تجنيد السجناء والمهاجرين غير الشرعيين لدعم جيشها.

وفيما لم يتم الكشف بشكل كامل عن الخسائر العسكرية من قبل أي من الجانبين، إلا أنه من المقدر أن تكون على الأقل بعشرات الآلاف على الجانب الأوكراني، وعلى الجانب الروسي، فإن الجنود الذين تأكد مقتلهم، ناهز عددهم أكثر من 40 ألف شخص، بحسب “BBC”، بينمت رفعت الاستخبارات الأميركية مؤخرا السرية عن التقارير التي تشير، إلى أن الخسائر الروسية، سواء في القتلى أو الجرحى، قد تصل إلى 315 ألف شخص.

الإجهاد الأوكراني ونهاية اللعبة

بشأن الأمر الرابع، وهو “الإجهاد الأوكراني”، فإنه أكثر ما يقلق كييف، وهو ما يعني تناقص التعاطف والدعم من جانب عامة الناس في البلدان التي تعتمد عليها كشركاء، وقد أسفرت الانتخابات الأخيرة في هولندا وسلوفاكيا بالفعل عن انخفاض الدعم، وأوقفت سلوفاكيا حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا، في حين قد لا ترسل هولندا طائرات إف-16 التي وعدت بها منذ فترة طويلة.

وفي الولايات المتحدة، ومع الانتخابات المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، فإن عودة دونالد ترامب إلى “البيت الأبيض” قد تدفع لتغيير جدي في السياسة تجاه أوكرانيا وروسيا، خاصة وأن استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، تظهر أن عدد الذين يعتقدون أن واشنطن تساعد أوكرانيا أكثر من اللازم، إذ ارتفع من 21 بالمئة إلى 41 بالمئة.

وفي الاتحاد الأوروبي، وتحديدا في 8 بلدان من أصل 27، كان عدد الأشخاص الذين يعارضون تقديم المساعدات لأوكرانيا أكبر من عدد الأشخاص الذين يؤيدون تقديمها، وفقا لتقرير الشبكة البريطانية.

من الحرب الروسية على أوكرانيا – “AFP”

وستواصل كل من أوكرانيا وروسيا طلب الدعم في الجنوب العالمي في العام الجديد. تقليدياً، كانت العديد من دول الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأفريقيا صديقة لموسكو، في معارضة للولايات المتحدة، فمنذ بداية الغزو واسع النطاق، حاولت روسيا تعزيز مواقعها، في حين عملت أوكرانيا على اكتساب النفوذ.

أخيرا، وفيما يخص “نهاية اللعبة”، تقول أوكرانيا إن التحرير الكامل من الاحتلال الروسي والعودة إلى الحدود المعترف بها دوليا هو وحده الذي سينهي هذا الصراع، وتحذر من أن التسوية مع روسيا ستشجع على المزيد من الاستيلاء على الأراضي، ليس من جانب موسكو فحسب، بل من جانب آخرين في أجزاء أخرى من العالم، بحسب “BBC”. 

فيما تزعم روسيا أنها منخرطة في صراع أوسع مع الغرب وستقاتل طالما كان ذلك ضروريا، ومن غير المرجح أن تنتهي هذه الحرب في عام 2024، إذ ستستمر مع خط أمامي قوي، والمزيد من الخسائر والتهديد اليومي بالموت والدمار في أوكرانيا، والمزيد من العزلة والمصاعب الاقتصادية التي تواجهها روسيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات