يبدو أن الأزمات بين الصين وتايوان لا تنتهي البتة، فكلما هدأت عاصفة إلا وتلتها أزمة جديدة، وهذه الحالة لن تنتهي في المنظور القريب ولا حتى المتوسط، نظرا لتعقيدات العلاقة الثنائية بين البلدين. 

آخر الصفحات وبعد الأزمة التي تلت الانتخابات الرئاسية في تايوان ومجيء رئيس لا تحبذه بكين، تطل أزمة جديدة “بحرية” هذه المرة، فالأزمة بين الصين وتايوان مكانها بحر الصين الجنوبي، فما تفاصيلها؟

رصيف بحري ضخم 

في التفاصيل، تستعد تايوان لافتتاح رصيف بحري ضخم ومهبط طائرات في جزيرة تايبينغ ببحر الصين الجنوبي، ما يفتح الباب لصراع متعدد الأطراف قد يهدّد الملاحة، خاصة أن الجزيرة متنازع عليها بين الصين والفلبين وفيتنام.

صحيفة “ساوث تشينا مورنينغ بوست“، التي تصدر في هونغ كونغ، قالت إن الرصيف سيسمح لتايوان باستقبال الفرقاطات العسكرية، وهو ما يعني إمكانية وصول بوارج وسفن عسكرية أميركية، خاصة وأن واشنطن داعمة لتايوان وقريبة منها، وهو الأمر الذي يزعج بكين دوما.

بحر الصين الجنوبي

واقعيا، فإن الصين سبق وأن حذرت تايوان من هذه الخطوة، قائلة إنها ستشعل الأعمال العدائية في بحر الصين الجنوبي، كما اتهمت أميركا بمحاولة التجسس عليها عبر هذه الخطوة.

فيما يخص جزيرة تايبينغ، فإن تايوان تسيطر عليها في بحر الصين الجنوبي، وتطالب بها بكين والفلبين وفيتنام، وقررت تايوان توسيع الرصيف وتطوير مهبط طيران جوي في الجزيرة، بهدف استقبال معدات عسكرية ثقيلة، 

الصين ترى في هذا الأمر، اعتداء على سيادتها، وتتخوّف من أن حكومة الصين تايبيه تقوم بذلك لمساعدة السفن الحربية الأميركية على الرسو في تايبينغ، بحسب تقرير صحيفة “ساوث تشينا مورنينغ بوست”.

هل لأميركا علاقة حقاً؟

بحسب المحلل السياسي زيد البيدر، فإن خطوة تطوير الرصيف البحري والاستعداد لافتتاحه من قبل تايوان ستتسبب بمشاكل جمة، عابرة لحدود تايوان والصين؛ لأن المشكلة لا تتعلق بتايوان فقط. 

البيدر يردف في حديث مع “الحل نت”، أن المشكلة لدى الصين وليست تايوان، إذ ترى بكين في هذه الخطوة وجود أيادي أميركية لافتتاح الرصيف بجزيرة تايبينغ، والهدف هو توسيع الوجود العسكري الأميركي هناك؛ لأن الجزيرة قريبة من السواحل الصينية. 

خفر السواحل التايواني (CSA) قال، إن المشروع اجتاز فحوصات التفتيش في 20 كانون الثاني/ يناير المنصرم، وأن الفرقاطات العسكرية والسفن الأخرى، التي تصل حمولتها إلى 4000 طن، سيكون بمقدورها الرسو على الرصيف الخارجي بعد تجريف وتعميق القنوات الملاحية.

المشروع يتضمن أيضا منشأة جديدة للرصيف الداخلي مقاومة للأعاصير، وفق صحيفة “ساوث تشينا مورنينغ بوست”، مشيرة إلى أن تجديد الرصيف الذي تم بناؤه قبل 9 أعوام، سيساعد في تعزيز مهام دوريات خفر السواحل التايوانية حول تايبينغ، مع دعم جهود الإنقاذ الإنسانية والبحث العلمي.

البيدر الذي يتحدث من وجهة النظر الصينية للخطوة التايوانية، يقول إن بكين ترفض أي شيء من هذا القبيل لأنها تعتقد بأن توسيع الرصيف لاستقبال السفن، يعني بالضرورة انتشار السفن الأميركية ومعها معدات متطورة بهدف التجسس على الصين ووضعها تحت المراقبة، وهو ما ترفضه بكين بشكل قاطع. 

هل تلجأ الصين إلى الخيار العسكري؟

ما يمكن ذكره، أن الولايات المتحدة الأميركية عادة ما تقوم بإرسال سفنها البحرية إلى بحر الصين الجنوبي لإجراء مناورات عسكرية،، وهنا تتهم بكين نظيرتها واشنطن بانتهاك القانون الدولي، فيما تراها أميركا بأنها ممرات تتماشى مع حقوق حرية الملاحة في المياه الدولية.

البيدر لا يستبعد أن أميركا ستستفيد من الخطوة التايوانية، لكن الاستفادة بحسبه تجارية بالدرجة الأساس، غير أن بكين تعتبرها مؤامرة ضدها ولا تغادر تلك النظرية، ولذا فإنها ستعمل بشتى الطرق لمنع تايوان من القيام بها، وإن أصرّت الأخيرة على ذلك، فإنه ليس من المستبعد أن تلجأ الصين إلى الخيار العسكري لمنع تايوان من تلك الخطوة.

الجدير بالذكر، أن تايوان تعيش تحت تهديد دائم من احتمال تعرّضها لغزو عسكري صيني، في وقت تعتبر الصين، أن تايوان هي جزء لا يتجزأ من أراضيها، وأكدت مرارا وتكرارا أنها ستضمها لأراضيها، لكنها تريد ذلك بالسلم، وإن لم يتحقق، فإنها ستسلك الخيار العسكري.

أخيرا، فإن كل هذه التطورات تسارعت في أعقاب فوز المرشح المؤيد لاستقلال جزيرة تايوان عن الصين، لاي تشينغ تي، منتصف الشهر الماضي رئيسا لتايوان لمدة 4 سنوات، ومنذ ذلك الوقت، وجّهت الصين انتقادات متكررة إلى لاي، مشيرة إلى أنه هو من سيشعل الحرب في الجزيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات