شهد سعر الليرة السورية حالة من التذبذب خلال اليومين الماضيين صعودًا وهبوطًا في قيمة العملة أمام العملات الأجنبية الأخرى وعلى رأسها الدولار الأميركي، ما أثار المخاوف بشأن عودتها لعدم الاستقرار خاصة في ظل ما تشهده البلاد من أوضاع غير مستقرة وأزمة اقتصادية خانقة.  

اليوم الأحد 29 من كانون الأول/ديسمبر، بلغ سعر شراء الدولار الأميركي 13,100 ليرة سورية، في دمشق، بينما سجل سعر المبيع 13,600، وفي حلب سجل سعر الشراء ،13,200 والمبيع 13,700 ليرة سوريا مقابل الدولار، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات الأجنبية والذهب في سوريا. 

وكانت الليرة السورية سجلت حالة من التحسن الملحوظ منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري، حيث ارتفعت قيمتها أمام سعر الدولار الأميركي، ووصل سعرها يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر إلى 12,400 ليرة شراء و12,800 مبيع في دمشق، بينما في حلب وصل سعر الدولار 12,500 ليرة شراء و12,900 مبيع. 

تداعيات تذبذب سعر الليرة 

بينما بلغ أعلى سعر لمبيع الدولار في دمشق 19000 ألف ليرة سورية، تزامنًا مع اشتعال العمليات العسكرية ضد نظام الأسد، ووصول فصائل المعارضة إلى حدود محافظة حمص ومن ثم سقوط النظام. 

تذبذب سعر الليرة السورية أثار تساؤلات كثيرة حول تداعيات، ومستقبلها القريب، خاصة في ظل محاولات “المصرف المركزي السوري” تحديد سعر الصرف ومحاولة تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء. 

وحدد البنك المركزي السوري سعر الصرف عند 12,500 ليرة مقابل الدولار الأميركي، قبل أن يخفّض قيمة العملة السورية إلى 15 ألف ليرة للدولار، وفي نشرة أخرى للمركزي رفع متوسط سعر الليرة إلى 14725 ليرة للدولار، وهو ما أعطى دفعة إيجابية للعملة الوطنية. 

في هذا الصدد أوضح الباحث في الاقتصاد السياسي يحيى السيد عمر، أنه لا توجد متغيرات اقتصادية طرأت على الاقتصاد السوري حتى تقود الليرة إلى التحسن، مُرجعًا أي تحسن كبير تشهده هذه المرحلة إلى حدوث مضاربات على الليرة، بهدف تحقيق الربح السريع، أو يكون نتيجة شائعات تَدْفع البعض لبيع كميات كبيرة من الدولار ما يَزيد عَرْضه في السوق لفترة محدودة. 

تبعات عدم استقرار سعر الليرة 

أضاف الباحث الاقتصادي خلال منشور له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك“، أن التحسُّن السريع والمُؤقَّت لليرة، خاصةً إذا لم يقترن بتوضيحات رسمية من البنك المركزي، قد يدفع الأفراد لقرارات نقدية خاطئة، مثل تخلّيهم عن الدولار لصالح الليرة خوفًا من الخسارة، لكن بعد عودة الليرة لقيمتها السابقة خسر هؤلاء الأفراد 30% من قيمة مُدَّخراتهم، وغالبيتهم من أصحاب المبالغ البسيطة. 

الليرة السورية في أدنى مستوياتها والذهب يتخطى المليون الاقتصاد السوري سوريا السوريين
الليرة السورية في أدنى مستوياتها والذهب يتخطى المليون الاقتصاد السوري سوريا السوريين

وأكد أن استقرار الليرة عند قيمةٍ ما وإن كانت منخفضة، أفضل من التحسُّن المؤقَّت؛ لكون التذبذب المستمرّ بين الارتفاع والانخفاض يُؤثِّر سلباً على العمل التجاريّ، وعلى حساب التكاليف، ويُلْحِق الخسارة بغالبيَّة الفعاليات الاقتصادية. 

وشدد على ضرورة وجود إعلام رسمي خاص بالبنك المركزي، يُوضح السياسة النقديَّة، ويعمل على ضبط السُّوق الموازي “السوداء”، خاصةً أنَّ السِّعر الموازي يَفُوق في أهميته السعر الرسميّ؛ لكونه المعتمَد في العمليات التجارية. 

ومنذ أيام قليلة تفوق السعر الرسمي للبنك المركزي على سعر السوق في دمشق بنسبة تقارب 11.54%، وهو أمر لم يحدث منذ سنوات، حيث كان سعر السوق دائمًا أعلى من السعر الرسمي. 

خطة حكومية لإنقاذ الليرة من الإنهيار 

في سياق متصل، أكد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، باسل عبد الحنان، أن هناك خطة حكومية لإنقاذ العملة السورية من الانهيار، موضحًا أن الهدف الرئيسي أولا هو تثبيت سعر الصرف من أجل استقرار الأسواق وتحريك عجلة التبادل التجاري. 

الواقع الحالي يحتاج إلى جهود كبيرة بالإضافة إلى تضافر جميع الجهود، وأن ثمة خطوات ترفع قيمة الليرة السورية في المستقبل خاصة مع تحرك عجلة الإنتاج والبدء بالتصدير. 

وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، باسل عبد الحنان

وأكد عبد الحنان، على أن العامل الأهم لتقوية الليرة هو الإنتاج والتصدير لإدخال عملة صعبة وزيادة الاحتياطي النقدي منها، وبالتالي ازدياد قوة العملة، فضلًا عن تحقيق استقرار في سعر الصرف واستقرار حركة التداول التجاري والنقدي. 

وأفاد بأن العملة الرئيسية في سوريا هي الليرة السورية، خاصة مع انتشارها في معظم المحافظات السورية، بالإضافة إلى أن ثمة خطة لاستبدال العملة المهترئة في البنك المركزي، واستبدال بعض الفئات الأخرى. 

استقرار الليرة بداية للتعافي 

أما عن العملات الأخرى مثل الليرة التركية والدولار، قال عبد الحنّان: “سوق العملات لدينا سوق مفتوحة وأي تاجر يريد التداول بالليرة التركية أو الدولار أو الليرة السورية فلا خلاف على ذلك لكن العملة الرئيسية هي الليرة السورية”. 

يعتمد السوريين في تعاملاتهم اليومية على الليرة السورية والدولار الأميركي إضافة إلى الليرة التركية، ما يستدعي تسعير السلع بالعملات المختلفة ويحدث تفاوتًا كبيرًا في أسعار السلعة الواحدة، ويسبب ارتباكًا بالأسواق المختلفة. 

وكان استخدام العملات الأجنبية في المعاملات اليومية أثناء حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد يعرض السوريين للملاحقة القانونية، قبل أن يتيح “المصرف المركزي” للمصارف وشركات الصرافة وشركات الحوالات المالية الداخلية تسليم الحوالات الواردة من خارج البلاد بالقطع الأجنبي (الدولار) أو بالليرة السورية حسب رغبة المستفيد. 

ويعد استقرار عملة سوريا المحلية بوابة التعافي الاقتصادي للبلاد، فمن شأن ذلك أن يؤدي مع مرور الوقت إلى تقليص تعامل المواطنين بالعملات الأجنبية الأخرى، إضافة إلى تزايد الثقة في الليرة السورية، وعودة الاستقرار إلى الاقتصاد والأسواق. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة