يشكل قطاع الزراعة، موردا أساسيا مهما للاقتصاد للكثير من الدول ولا سيما الشرق الأوسط، وهكذا الحال بالنسبة إلى سوريا المعروفة أصلا بتربتها الزراعية ووفرة محاصيلها الغذائية، لكن البلاد عانت الويلات في هذا القطاع خلال العقد الأخير بسبب سياسات النظام السوري السابق.
الإنتاج المحلي تراجع بنسبة كبيرة، ويكاد يصل إلى حدٍّ لا يذكر في آخر الأعوام، مع اكتظاظ السوق المحلية بالمنتجات المستوردة، لا سيما من إيران، وكل ذلك تحت أعين النظام السابق، وعلى حساب المزارع السوري وقوت يومه ومعيشته، الذي فَقَد رزقه بنسبة كبيرة جدا، نتيجة سيطرة عناصر متنفذة على هذا القطاع، بحكم علاقتهم مع نظام بشار الأسد البائد.
رفع الدعم عن المزارعين
اليوم، ومع سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، يتطلع المزارع السوري بأعين كبيرة تجاه الإدارة السورية الجديدة، على أمل أن تعيد له حقوقه وقوة القطاع الزراعي المحلي الذي اعتاد عليه، ففي الماضي، كانت سوريا هي التي تصدر المنتجات الزراعية إلى الدول، ولا تستورد منها.

وفي هذا السياق، التقى موقع “الحل نت” مع وزير الزراعة في “حكومة تصريف الأعمال”، محمد الأحمد، للحديث معه حول القطاع الزراعي وخطط الوزارة في ظل الواقع الجديد بعد سقوط نظام الأسد، فكانت الرؤية إيجابية، كما لمسناها من الوزير.
وزير الزراعة محمد الأحمد أكد أن القيادة العامة للإدارة السورية الجديدة أبدت اهتماما كبيرا بالقطاع الزراعي، مضيفا بالقول: “نحن الآن بصدد وضع خطط تشغيلية واستثمارية تسمح باستثمار كافة موارد الأرض والمياه في سوريا، بحيث نعيد للقطاع الزراعي قوته وبالتالي يصبح القطاع الاقتصادي الأول في البلاد”.
وأردف الوزير السوري خلال حديثه مع “الحل نت”، بأن الوزارة في طور جمع البيانات والاحتياجات، وسيتم فلترتها، من أجل وضع مشاريع للدعم الزراعي، قائلا: “نحن وبالتعاون مع الوزارات الأخرى، مثل وزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة ووزارة التجارة، لدينا سلسلة اجتماعات دورية لتحديد أسعار المنتجات الزراعية وخاصة الاستراتيجية منها، لمعرفة التكاليف التي يتحملها المزارع في عملية الإنتاج”.
وأكد وزير الزراعة في “حكومة تصريف الأعمال” السورية، رفع الدعم عن المزارعين وتحرير الأسعار، وذلك بناء على طلب المزارعين؛ “لأن الدعم كان بابا من أبواب الفساد في النظام السوري السابق”، على حدّ قوله.
وقال الأحمد، إن وزارة الزراعة انطلقت الآن في عملية الإحصاء الدقيق لكامل البيانات الخاصة بالوزارة، حتى يتم تقديم المقننات اللازمة بأسعار مدروسة، ومن ثم تكون هناك دراسة خاصة بأسعار المنتجات الزراعية بكافة أنواعها، نباتية وحيوانية.
الموازنة بين المزارع والمستهلك
أما عن الموازنة بين استفادة المزارع وعدم الإضرار بالمواطن، فيما يتعلق بقرار رفع الدعم عن المزارعين مقابل تحرير الأسعار، فقال الوزير محمد الأحمد: “ستكون لدينا لجان شؤون زراعية ولجان تسعير التي ستقوم بمراقبة أسعار وكميات المستلزمات ومن ثم أخذ متوسطها وتعميمها على كافة سوريا”.
وأكد الوزير السوري في حديثه مع “الحل نت”، بأن وزارة الزراعة ستضع هامش ربح مدروس، من خلال إصدار مجموعة من الأسعار بالتعاون مع الوزارات الأخرى وعلى رأسها وزارة التجارة وحماية المستهلك، بحيث يكون السعر الموضوع في الأسواق، سعر يناسب المزارع ويناسب المستهلك في الوقت ذاته.

ما يمكن ذكره، أن الأنشطة الزراعية الرئيسية في سوريا، بدأ تراجُعها منذ عام 2014، في وقت كانت الزراعة تُعد أحد أهم الأنشطة الاقتصادية، وكانت تمثّل معظم الإنتاج المحلي الإجمالي؛ حيث كانت تمثّل أكثر من 19 بالمئة من الناتج الإجمالي حتى عام 2011، ويعمل بها أكثر من ربع سكان سوريا.
ومنذ أكثر من 10 سنوات، بدأت الزراعة في سوريا التأثُّر بشكل واضح وكبير؛ نتيجة سياسات النظام السابق التي اتسمت بالقمع وتهجير السكان والمزارعين بعد “الثورة السورية”، حيث لم تكن هناك قبل العام 2014 هجرة للمزارعين، ولم تتعرض الأراضي للترك أو الاحتراق.
تشمل المحاصيل الزراعية الرئيسية في سوريا القمح والشعير، ثم مجمل الحبوب المعروفة بالبقوليات. وتُعتبر هذه المحاصيل الأكثر تضررا في القطاع الزراعي السوري قياسا بالمحاصيل الأخرى، حيث حققت البلاد الاكتفاء الذاتي من القمح، بل وكانت تقوم بتصديره أيضا، لكن من الواضح أن القطاع الزراعي شهد تراجعا في إنتاجه خلال السنوات الماضية، مما جعله يستورد القمح إلى حد كبير.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

طهران تتلقى “رسائل إيجابية” من الشرع.. تفاصيل

خطط بريطانية لتعديل العقوبات على دمشق.. وإسرائيل لن تغادر سوريا بدعم من ترامب

أصالة نصري في سوريا بعد سنوات الفراق.. وحفل غنائي كبير

الشيباني في مؤتمر باريس.. و3 “احتياجات عاجلة” تخص سوريا
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول اقتصاد

بريطانيا تعتزم تعديل نظام العقوبات المفروضة على سوريا.. ما شرطها الوحيد؟

ما تفاصيل لجنة “الشرع” لاستهداف رجال الأعمال الموالين للأسد؟

حماية المستهلك يراهن على “السوق الحر” ويؤكد: انخفاض قريب بالأسعار

اللاجئون السوريون.. ما هي أصعب التحديات التي تقف عقبة أمام عودتهم؟

بعد أزمة فصل الموظفين.. القطاع العام السوري نحو تقليص العدد أم إعادة الهيكلة؟

انعكاسات محتملة.. ما مردود قرار تركيا رفع القيود عن الواردات السورية؟

رغم رفع جزء من العقوبات.. لماذا تفشل الإدارة السورية في جذب استثمارات جديدة؟
