شهدت سوريا ليل الأربعاء – الخميس موجة تصعيد جديد وأعمال عدائية واسعة النطاق نفذتها القوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، في إطار توجيه رسالة قوية إلى تركيا فيما يتعلق باتفاقها الدفاعي مع الحكومة السورية الانتقالية، لإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قاعدة “T4”.  

وقد أسفرت هذه العمليات عن سقوط العديد من الضحايا بين المدنيين في درعا، ومقتل العديد من العسكريين وتدمير عدة منشآت عسكرية وحيوية، في دمشق وحماة وحمص، وفق ما أكدت مصادر محلية. 

هجمات إسرائيلية مكثفة في عدة مناطق

وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية “سانا”، نفذت القوات الإسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية العنيفة خلال الساعات الأخيرة من يوم الأربعاء على عدة مواقع استراتيجية، في دمشق وحماة وحمص. 

وفي دمشق، استهدفت الضربات الإسرائيلية محيط مبنى البحوث العلمية بحي مساكن برزة، بينما شملت الغارات مواقع في مدينة حماة. 

كما أفاد الجيش الإسرائيلي في بيانه، أنه شن ضربات على قدرات عسكرية بقيت في منطقتي قاعدتي حماة العسكرية و”تي فور” في ريف حمص بالإضافة إلى عدة بنى تحتية عسكرية في دمشق، مؤكداً أنه سيواصل عملياته لإزالة أي “تهديد” لمواطنيه. 

وأشار “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إلى أن إحدى الغارات استهدفت مطار حماة العسكري، حيث أسفرت الضربات عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة آخرين بينهم عناصر من وزارة الدفاع السورية، وقد ركزت الضربات على ما تبقى من الطائرات والمدارج والأبراج، مما أدى إلى خروج المطار عن الخدمة بشكل كامل، وهو ما يمثل ضربة قوية للقدرات العسكرية السورية في المنطقة. 

توغل إسرائيلي جديد في ريف درعا

محافظة درعا من جهتها أعلنت عن مقتل تسعة مدنيين وإصابة آخرين في حصيلة أولية للقصف الإسرائيلي الذي استهدف مناطق ريفية في الجزء الغربي من المحافظة. 

وذكرت السلطات المحلية، أن القوات الإسرائيلية قصفت الليلة الماضية، منطقة حرش سد الجبيلية بين مدينة نوى وبلدة تسيل. وهذه هي المرة الأولى التي تتوغل فيها القوات الإسرائيلية بعمق كبير في محافظة درعا بعد أحداث قرية كويا في 25 آذار/مارس الماضي. 

وتجدر الإشارة إلى أن أحداث قرية كويا شهدت مقاومة من الأهالي الذين رفضوا توغل القوات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل ستة من سكان القرية بعد استهداف دبابات إسرائيلية لمنازل المدنيين، كما تعرض مزارعون في وادي كويا للاعتقال لفترات قصيرة في 28 و29 آذار/مارس، قبل الإفراج عنهم لاحقاً. 

وصرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفخاي أدرعي، في بيان صدر اليوم الخميس، أن القوات الإسرائيلية ضمن “اللواء 474” في منطقة تسيل بريف درعا تمكنت من مصادرة وسائل قتالية وتدمير بنى تحتية أثناء عملية توغل بري وجوي، مضيفاً أن العملية شهدت تبادل إطلاق نار مع مسلحين محليين، مما أسفر عن القضاء على عدد من “الإرهابيين” دون وقوع إصابات في صفوف القوات الإسرائيلية. 

دمشق تدين وتطلب الدعم

في وقت تسعى فيه سوريا لإعادة الإعمار بعد 14 عاماً من الحرب، أدانت وزارة الخارجية السورية الهجمات الإسرائيلية ووصفتها بـ”العدوان غير المبرر” و”الانتهاك السافر” للقانون الدولي وسيادة البلاد. 

وأكدت الوزارة، أن الغارات التي استهدفت خمس مناطق مختلفة أسفرت عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين. 

كما دعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم والضغط على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي وتعهداتها بموجب اتفاقية فصل القوات لعام 1974، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوقف التصعيد ومنع المزيد من الانتهاكات. 

مخاوف إسرائيلية من التدخل التركي 

تصاحب هذا التصعيد المخاوف المتزايدة في إسرائيل من التوسع العسكري التركي داخل سوريا، خاصة مع بدء تنفيذ الاتفاق الدفاعي مع النظام السوري لإنشاء قاعدة عسكرية تركية في منطقة “تي فور”. 

وأشار مصدر أمني إسرائيلي إلى أن إقامة قاعدة جوية تركية في سوريا خطوة قد تشكل “تهديداً محتملاً” يؤثر على حرية العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، وفق ما نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست”. 

وفي الأسابيع الأخيرة، عقدت القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل عدة اجتماعات لمناقشة هذه المخاوف والتداعيات المحتملة لتعميق التدخل التركي داخل الأراضي السورية. 

وبعد سلسلة الضربات الإسرائيلية أمس، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من دخول “قوات معادية” إلى الأراضي السورية، الأمر الذي اعتبر رسالة واضحة إلى تركيا. 

وقال كاتس: “إذا سمحت دمشق بدخول قوات معادية لإسرائيل إلى سوريا فستدفع ثمناً باهظاً جداً”، مضيفاً أن نشاط سلاح الجو في سوريا يُعد تحذيراً للمستقبل ولن يُسمح بأي مساس بأمن الدولة. 

ويمثل هذا التصعيد سلسلة من الإجراءات والعنف العسكري الذي يستهدف البنى التحتية والقدرات العسكرية في سوريا، فيما تستمر المخاوف بشأن تطبيع العنف ومحاولات التأثير على استقرار البلاد، التي خرجت قبل شهور قليلة من قبضة نظام عائلة الأسد.  

وفي ظل هذه الأحداث، تتجه الأنظار إلى الإدارة السياسية الجديدة في سوريا، التي يرى بعض السوريين أنها تقفز فوق المراحل واستعجلت توقيع الاتفاقيات العسكرية مع تركيا، في وقت ينبغي عليها فيه تعزيز شرعيتها في الداخل والفوز بتوافق السوريين، وتوطيد علاقاتها السياسية مع دول الإقليم والعالم وتوفير المزيد من الدعم الاقتصادي والسياسي للبلاد. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة