لم تتوصل الدول المعنية بالاتفاق النووي مع إيران، إلى اتفاق معلن منذ بدء محادثات فيينا في نيسان/أبريل 2021 من أجل أحياء الاتفاق النووي الإيراني، بسبب تعثّر حل عدد من الملفات، وتفاقم الوضع الأسبوع الماضي بعد أن أصدرت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” التابعة للأمم المتحدة قرارا أكدت فيه أنها لم تتلق “توضيحات” بشأن آثار اليورانيوم المخصّب التي تم اكتشافها في ثلاثة منشآت غير معتمدة في إيران، تلاه عدة انتقادات من مسؤولين أوروبيين لإيران لعدم تعاونها، مما يعني أن الاتفاق قد مات سريريًا.

تشاؤم من طهران

في تقرير جديد، نشره موقع “ذا هيل” الأميركي، أمس الإثنين، قال أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من كلا الحزبين، الذين أطلعهم مسؤولون كبار في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على المفاوضات مع إيران، إنهم يشكون في أن طهران ستوافق على أي اتفاق جديد للحد من تطويرها للأسلحة النووية.

وأشار المشرعون، إلى إن الإدارة لديها عرض مطروح على الطاولة، لكن إيران تظهر القليل من الاستعداد لإعادة تأسيس خطة العمل الشاملة المشتركة، التي وضعت قيودا كبيرة على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات.

وكان مسؤولون في الإدارة الأميركية، قالوا في كانون الثاني/يناير الفائت، إنهم على وشك استعادة الاتفاق، لكنهم حذروا في ذلك الوقت من أن قبولها متروك لطهران، ولكن بعد أربعة أشهر، لم تبدي إيران أي اهتمام جاد بقبول العرض المقدم من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، مما يعني أن إحدى أولويات السياسة الخارجية للرئيس بايدن لا تزال في طي النسيان.

 ونقل الموقع، عن  رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بوب مينينديز، قوله “لست متفائلا بوجود مثل هذه الصفقة، إذ تعتقد الإدارة أنه من المنطقي من الناحية الاستراتيجية إبقاء العرض مطروحا على الطاولة، لكنني لا أرى الطريق مفتوح إلى الأمام”.

وأوضح مينينديز، أن قبول اتفاق جديد هو اقتراح مثير للانقسام داخل المؤسسة السياسية الإيرانية، مما يجعل من الصعب إحياء الاتفاق، مضيفا “أعتقد أن هناك صراعا داخل إيران، لذلك لا يوجد طريق واضح للمضي قدما”.

إيران تتهرب من الصفقة

في عام 2021، قال الرئيس جو بايدن، إن الولايات المتحدة ستعود إلى الاتفاق إذا عادت إيران إلى الامتثال لـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”، وبدت المحادثات الدبلوماسية المتجددة واعدة في البداية، ولكن بعد محادثات متقطعة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان يمكن للأطراف التوصل إلى اتفاق.

السناتور الديمقراطي والعضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية الأميركية، بن كاردان، أوضح أنه لا يمكن معرفة بماذا يفكر الإيرانيون، وقال “أعتقد، في هذه المرحلة، أنه من غير الواضح ما إذا كان الإيرانيون يريدون صفقة أم لا، هناك بعض الخلافات داخل إيران نفسها، لقد قدمت الولايات المتحدة اقتراحا، والكرة حاليا في ملعب الإيرانيين”.

من جهته، وقال سناتور جمهوري كبير في لجنة العلاقات الخارجية حضر إفادة الإدارة يوم الأربعاء الفائت، بشأن المحادثات إن احتمالات التوصل إلى اتفاق “غير مشجعة”.

وقال السناتور جيمس ريش، كبير الجمهوريين في العلاقات الخارجية الأميركية، “أنا أعرف أين تقف المفاوضات وكان ينبغي أن تنتهي، لقد وعدونا بأن الأمر سينتهي في فبراير إذا لم يكن هناك اتفاق”.

ويرى العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، إن هناك مؤشرات على أن إيران لا تريد التعاون مع الحلفاء الغربيين من خلال السماح بالإشراف على برنامجها النووي.

محددات أميركية

كانت إيران قد أغلقت في وقت سابق من هذا الشهر، كاميرتي مراقبة تستخدمهما “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” التابعة للأمم المتحدة لمراقبة إحدى منشآتها النووية، وذلك بعد أن قدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا مشروع قرار إلى الأمم المتحدة، ينتقد إيران لعدم توضيح سبب العثور على كميات ضئيلة من اليورانيوم في مواقع نووية غير معلنة.

وفي ظل الوضع المتأزم سياسيا وإقليميا؛ لاسيما تلك المتعلقة بالملف النووي الإيراني، واستعصاء مفاوضات فيينا، حددت الخارجية الأميركية، الأربعاء الفائت، آلية عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي بسرعة كبيرة، وذلك إذا تخلت إيران عن مطالبها التي لا تدور في فلك الاتفاق النووي، وإذا التزمت بالبنود ضمن الاتفاقية النووية.

وفي هذا الإطار، أكد الباحث في الشؤون الإيرانية، إسلام المنسي، أن اشتراط إيران بإزالة “فيلق القدس” من قوائم الإرهاب، ربما سيكون سببا في انهيار الاتفاق النووي الإيراني، حيث تضع إيران شروط تمثل أكبر العقبات أمام إعادة إحياء الاتفاق.

وقال المنسي في حديث سابق لـ“الحل نت“: “كل طرف كان يعتقد أن الوصول للنقطة الأخيرة سيشكل ضغطا على الطرف الآخر، من أجل التنازل عن هذه النقطة، لا سيما وأن واشنطن عرضت حلولا توفيقية“.

من جهة ثانية، هناك أصوات في إيران، تطالب بعدم الانخراط في الاتفاق النووي، وتعتقد أن بإمكانها الصمود والاستمرار على هذا النحو، لكن هناك احتجاجات شعبية بالمقابل ,ومؤشرات توحي بأنه إذا استمرت إيران في هذا النهج وإذا لم تتوصل إلى اتفاق نووي، فسيكون هناك انفجار شعبي ضخم، وفق تعبير الباحث في الشأن الإيراني.

وعلى الرغم من بعض التنازلات التي تحدّث الغرب عن إمكانية تقديمها للتوصل للاتفاق، إلا إن الإيرانيين غير جادين في إنجاز الاتفاق، حيث سبق وأن شدد الغرب خلال الفترة الماضية موقفه بشأن إزالة “الحرس الثوري الإيراني” من قائمة الإرهاب، والذي طالبت به إيران، حيث طالبت واشنطن بضرورة تقديم إيران التزاما علنيا بخفض التصعيد في المنطقة مقابل إزالة اسم “الحرس الثوري” من لائحة الإرهاب، لكن ووفقا لمصدرين غربيين، طهران رفضت تقديم الالتزام العلني بذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة