تآكل سواحل بلدان المغرب العربي، يتسارع بوتيرة أسرع من أي مكان آخر في العالم، حيث يعد ارتفاع مستوى سطح البحر أحد الأسباب وراء اختفاء الشواطئ فيما يشدد الخبراء على أن السبب الفعلي الذي يجعل تآكل السواحل في بلدان المغرب العربي قد يتجاوز هذه العوامل.

السواحل في بلدان المغرب العربي، تتعرض لخطرين يتمثل الأول في ظاهرة التغير المناخي، حيث تؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع مستويات سطح البحر فيما يكمن الخطر الثاني في التعدي على الشواطئ. وينجم عن ذلك تفاقم الظواهر المناخية المتطرفة مثل الفيضانات والأمواج الكبيرة والرياح القوية التي يمكن أن تضر بالمناطق الساحلية.

تآكل الشواطئ يعتبر أحد الكوارث التي تحمل تداعيات مختلفة على بلدان المغرب العربي، وتدفع للتساؤل حول أسباب التآكل، وعلاقة التغير المناخي، وتداعيات ذلك على هذه الدول، وما هي الحلول الممكنة لوقف ما يجري.

أسباب تآكل الشواطئ

أسباب مختلفة تقف خلف تآكل الشواطئ في دول المغرب العربي، منها ارتفاع مستوى سطح البحر، وبناء سدود كبيرة على الأنهار التي تلتقي بالبحر ما يمنع وصول رمال كافية إلى الساحل، وغير ذلك من الأسباب.

شاطىء متآكل في تونس

الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن المغرب العربي يتعرض لهجمة شرسة من المحيط الأطلسي لأن التغيرات المناخية أثرت بشكل كبير على المحيط، فعند ارتفاع درجة الحرارة درجة واحدة تزداد نسبة بخار الماء وهو ما ينتج عنه سقوط أمطار غزيرة وارتفاع بأمواج المحيط وشدتها وهو ما يسبب تآكل الشيطان كأحد الأسباب.

أيضا في القطبين الشمالي والجنوبي، ازدادت نسبة ذوبان الجليد فيهما ما أدى لارتفاع مستوى سطح البحر، وتأثر ودول المغرب العربي لقربها من المحيط الأطلسي، حتى في مصر حدث تآكل مشابه فعلى مدى العشرين عاما الماضية غرق نحو 5 كيلومتر مربع من رأس رشيد في دلتا النيل غرقا تاما بسبب ارتفاع مستوى البحر المتوسط.

كما أن للتغلغل الإنساني دور في هذا التآكل خاصة في المناطق السياحية حيث يتم العمل على مشاريع سياحية مجاورة للشواطئ بشكل غير مدروس وإنشاء ألسنة بحرية وهذه أحد الأسباب أيضا، حسب النهري.

من جهته، الدكتور عبدالقادر الخراز، الاستشاري الدولي للتغيرات المناخية وأستاذ التقييم البيئي في جامعة الحديدة، يوضح خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن ظاهرة تآكل الشواطئ ليست ظاهرة جديدة ولا تقتصر على دول المغرب العربي فقط، ومشيرا إلى أن التغير المناخي ساهم بحدوث الكثير من التغيرات في هذه المنطقة، وبالتالي فأسباب تآكل الشواطئ ناتجة عن التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر.

أيضا يضيف الخراز، أنه عند البحث والتدقيق وُجدت ظاهرة أخرى تتمثل بأن المنطقة في المغرب بين تطوان والحسيمة، ومعظم سواحل دول المغرب العربي هي مناطق تحوي بؤرا زلزالية وبالتالي تحدث حركة تكتونية للصفائح الأرضية وهذه الحركة تؤثر في اتزان خط الشاطئ وبالتالي تساعد عند ارتفاع مستوى سطح البحر وانخفاض مستوى الصفيحة على تآكل الشواطئ.

إقرأ:التغير المناخي.. تحديات قادمة ومقترحات دولية للحل

أيضا حسب الخراز، فإن من الأسباب التعدي البشري على الشواطئ، حيث يجب ترك مسافة أولى للبناء لا تقل عن 300 داخل البر، يليها مسافات قد تصل إلى 2 كيلومتر تخصص فيها أعمال البنية التحتية ثم تليها أعمال البناء، وما يجري الآن هو عدم تطبيق هذه القواعد.

تداعيات تآكل الشواطئ

تحذيرات عديدة إزاء التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة تأكل الشواطئ، ومن التداعيات المحتملة لهذه الظاهرة على قطاعات مثل السياحة وصيد الأسماك ما يعد بمثابة قنبلة اجتماعية واقتصادية موقوتة قد تنفجر في أي وقت.

أيضا فإن الفئات المجتمع المهمشة تعد الأكثر عرضة لتحمل وطأة ظاهرة تغير المناخ، لذا يتعين أن تسير إجراءات مواجهة الظاهرة مع عملية الاستقرار السياسي، وبحسب دراسات فالوضع في بلدان المغرب العربي يُعد خطرا بسبب وجود مجتمعات كبيرة تعيش قرب السواحل. ففي المغرب يعيش نسبة 65 بالمئة من السكان قرب المناطق الساحلية فيما تبلغ النسبة في تونس 85 بالمئة وهي النسب الأكبر حيث تعد المناطق الساحلية أكثر جاذبية للصناعات إذ تضم 90 بالمئة من الشركات سواء صغيرة ومتوسطة الحجم خاصة في مجال السياحة والتصنيع، وفقا لما ذكرته “وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي” في تونس.

في هذا السياق، يشير النهري إلى أن أبرز التداعيات تتمثل في التأثير السلبي على المناطق الاقتصادية، وهجرة السكان من مناطقهم، مشيرا إلى أن هجرة أبناء المغرب العربي نتيجة التغيرات المناخية إلى أوروبا خلال المرحلة القادمة ستكون بمعدلات عالية.

أما الخراز، فيرى أن أبرز تداعيات تآكل الشواطئ، هي تراجع البر الرئيسي واندثار الكثير من الشواطئ سواء السياحية أو غير السياحية، إضافة إلى تدمير البنى التحتية والتي تؤدي إلى خسائر اقتصادية ومالية كبيرة للدول والأفراد.

ما الحلول للحد من هذه الظاهرة؟

خبراء “البنك الدولي”، يوصون بالشروع في تطبيق إجراءات لحماية المناطق الساحلية بما يشمل فرض ضرائب أكبر على أعمال البناء في المناطق الساحلية والعقارات وترميم السدود الداخلية التي تسمح بتدفق المزيد من الرمال والرواسب صوب الساحل وحتى إقامة مصدات الرياح للسيطرة على الكثبان الرملية.

شاطىء متآكل في المغرب العربي

النهري يبيّن أن الألسنة البحرية والمصدّات على السواحل غير كافية، لذلك ل بد من إنشاء ما يعرف بالجدران المائية في المناطق المتأثرة، أيضا من الحلول المهمة تقليل انبعاثات الكربون خاصة من قبل الدول الصناعية الكبرى، حيث أن 80 بالمئة من التغيرات المناخية الموجودة هي نتيجة للتلوث والانبعاثات إضافة إلى استخدام الوقود الأحفوري.

الخراز يرى، أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار قضية التغير المناخي كقضية رئيسية وظاهرة ملموسة، وتداعياتها اليوم على كل دول العالم ومن بينها دول المغرب العربي، خاصة تلك التي تقع على شواطئ البحر المتوسط الذي يتأثر بذوبان الثلوج في شمال أوروبا، وهو ما يؤدي لارتفاع مستوى سطح البحر، لذلك لا بد من الوقوف على هذه الظاهرة ودراستها بشكل صحيح.

أيضا يجب فهم الكثير من الظروف والظواهر الأرضية سواء البؤر الزلزالية والصفائح التكتونية أو التعديات البشرية على الشواطئ ووضع قوانين وخطط ملائمة وتنفيذ مشاريع الحماية للشواطئ، كما يجب التخفيف من الانبعاثات الكربونية وتخفيف استخدام الوقود الأحفوري وهذه تعتبر مسألة عالمية.

من الواضح أن التغير المناخي بات يلعب دورا مهما في مختلف نواحي الحياة كما أنه يشكل خطرا كبيرا على الحياة البشرية، والمصالح الاقتصادية، وعلى البيئة، وحتى الآن لا تزال الدراسات حول آثار التغير وتداعياته قاصرة على تحديد سبل دقيقة لمواجهته بشكل صحيح.

قد يهمك:تحديات التغير المناخي.. ما هو هدف الـ 1.5 درجة مئوية الذي يحذر علماء من تجاوزه؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.