في نهاية العام الماضي، أعلن الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشنكو في مقابلة أنه في عام 2018، بدأ عملية خاصة لاحتجاز مرتزقة ينتمون إلى الشركة العسكرية الروسية الخاصة سيئة السمعة “فاغنر”، وهي جماعة شبه عسكرية غامضة مسؤولة عن جرائم حرب ارتكبت في أوكرانيا وسوريا وليبيا وجنوب الصحراء الإفريقية. 

انخراط بيلاروسيا مؤخرا في تشكيل ميليشيا مشابهة لـ”فاغنر”، فتح الباب أما تساؤلات في دوائر السياسة الخارجية الغربية حول توسيع الوجود الاقتصادي للشركة العسكرية خصوصا بعد أن أشارت تقارير كثيرة إلى الدور المتزايد لمجموعة “فاغنر” في إفريقيا والشرق الأوسط وتورطها في عمليات تجارة الماس وتهريبه من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى أوروبا مما يثير تساؤلات حول مدى التوسع الاقتصادي لهذه  المجموعات عالميا وانعكاسها.

“فاغنر” ومؤسسها تخضع للعقوبات الأميركية منذ سنوات؛ لكن الولايات المتحدة اتخذت مؤخرا خطوات إضافية لمحاولة السيطرة على وصول “فاغنر” الروسية للأسلحة. في نهاية شهر كانون الثاني/ديسمبر 2022، طبقت إدارة بايدن ضوابط تصدير إضافية على شركة “فاغنر”، مما زاد من صعوبة الوصول إلى أي معدات باستخدام التكنولوجيا الأميركية.

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، قال للصحفيين الشهر الماضي إنه بسبب العقوبات وضوابط التصدير، بحثت “فاغنر” عن شركاء في جميع أنحاء العالم لتزويدهم بالأدوات اللازمة لدعم عملياتها، لذلك ذكرت “بلومبرج” الشهر الماضي أن الإدارة الأميركية تدرس أيضا تصنيف “فاغنر” كمنظمة إرهابية.

هناك عدد قليل من المخاوف المختلفة التي يشعر بها المجتمع الدولي عندما يرى أن “فاغنر” تتوسع في مكان مثل إفريقيا والشرق الأوسط؛ فهناك تأثير كبير يتمثل في قدرة روسيا على نشر قدراتها الاستخبارية والسعي للحصول على قاعدة جديدة وفرص أخرى من شأنها أن تمنحهم إمكانية الوصول إلى مواقع مهمة استراتيجيا.

من الملاحقة للتبني

في عام 2020، أعلنت السلطات في بيلاروسيا أنها ألقت القبض على 33 مقاتلا من مجموعة “فاغنر”، المتعاقد العسكري شبه الخاص الروسي، في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس ألكسندر لوكاشينكو تحديا غير مسبوق للمعارضة قبل الانتخابات خلال ذلك العام.

تم الإبلاغ عن الاعتقالات لأول مرة في وكالة الأنباء البيلاروسية الحكومية، التي زعمت أنه تم إرسال أكثر من 200 مسلح تدعمهم روسيا إلى البلاد لزعزعة استقرارها قبل انتخابات 9 آب/أغسطس 2020. لكن العديد من الخبراء يشتبهون في أن المرتزقة كانوا يستخدمون بيلاروسيا كنقطة عبور ملائمة في طريقهم إلى السودان أو سوريا أو ليبيا وجميع البلدان التي كانوا يعملون فيها مؤخرا.

يبدو أن الاعتقال الذي تم الإعلان عنه كان محاولة من جانب لوكاشينكو، الذي حكم البلاد لأكثر من 25 عاما، لإذكاء المخاوف من التدخل الروسي في محاولة لحشد الدعم قبل الانتخابات فقط، خصوصا بعد دعم الأخير لسياسة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين في غزو لأوكرانيا منذ شباط/فبراير 2022.

عضو رئيسي في المعارضة البيلاروسية أشار مؤخرا إلى أن البلاد يمكن أن تشكل خلية من المرتزقة على غرار مجموعة “فاغنر” الروسية، مما يثير مخاوف من تعقيد جديد محتمل في الجهود الأوكرانية لمحاربة الغزو المستمر منذ ما يقرب من عام من قبل القوات الروسية.

في مقابلة مع “دويتشه فيله” الألمانية، قال ممثل الدفاع والأمن لزعيم المعارضة البيلاروسية سفياتلانا تسيخانوسكايا فاليري ساخاشيك، أن شركة الأمن البيلاروسية المدعومة من الدولة “جاردسيرفيس”، زادت بشكل ملحوظ عدد موظفيها في الأشهر الأخيرة، ويمكن أن تستعد للمشاركة في العمليات العسكرية.

التدريب والتجنيد مستمر منذ عدة أشهر، حيث تمت زيادة عدد الموظفين من قبل الضباط والرقباء والجنود الذين خدموا في قوات العمليات الخاصة والوحدات الخاصة لوكالات إنفاذ القانون في بيلاروسيا، وهي الشركة الوحيدة من نوعها في البلاد التي سمح بها الزعيم الحالي ألكسندر لوكاشينكو الحليف المقرب من بوتين بحيازة أسلحة نارية في منتصف عام 2020، وتضم موظفين مدربين تدريبا عاليا يعملون بالترادف مع الحكومة وجيشها.

الشركة واجهت تدقيقا دوليا من وزارة الخزانة الأميركية بعد دورها في قمع عدد من الاحتجاجات ضد نظام لوكاشينكو في عام 2021، حيث فرض المسؤولون الفيدراليون عقوبات على “جارد سيرفس” وعدد من الكيانات الأخرى لدورها في قمع المدنيين والفساد.

مع ذلك، يبدو أن الأمور تتجه نحو منحى آخر في الأسابيع الأخيرة، حيث يزعم ساخاشيك أن كشوف رواتب الشركة قد تجاوزت أكثر من 1000 موظف، وجميعهم يتلقون تدريبات في العمليات القتالية من ضباط في القوات الخاصة البيلاروسية في العديد من ملاعب التدريب البيلاروسية.

توسع لإمبراطورية الشركات الأمنية؟

مجموعة “فاغنر” التي يملكها الأوليغارشي الروسي يفغيني بريغوزين، تعمل في عشرات البلدان وتعمل مع الحكومات في مشاريع عسكرية وسياسية. تتبعت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة أنشطة الجماعة في جميع أنحاء العالم، لا سيما في بلدان مثل سوريا، حيث تتمركز القوات الأميركية.

الدافع الرئيسي لنظام مينسك بحسب الخبير في الأمن الداخلي والدولي، جون دوتش، اتباع استراتيجيته “فاغنر” في إفريقيا وبقية الدول بصرف النظر تقريبا عن جوهرها. في إفريقيا إحدى أولويات السياسة الخارجية لروسيا، يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إنشاء تبعيات إفريقية على الأصول العسكرية لموسكو والوصول إلى الموارد الإفريقية، مستهدفا البلدان التي لديها حكومات هشة ولكنها غالبًا غنية بالمواد الخام المهمة، مثل النفط والذهب والماس، اليورانيوم والمنغنيز. 

تزعم شركات الأمن الخاصة الروسية مثل مجموعة “فاغنر” معالجة النزاعات العسكرية والإرهابية المحلية المعقدة التي كافحت الحكومات الإفريقية. كما أنها توفر لهذه الحكومات القدرة على القيام بعمليات مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب غير المقيدة بمسؤوليات حقوق الإنسان، على عكس الولايات المتحدة، مما يسمح للحكومات الإفريقية بأن تكون متوحشة في جهودها العسكرية كما تشاء. بدورها، بيلاروسيا الآن تسعى للحصول على مدفوعات مقابل امتيازات للموارد الطبيعية، أو عقود تجارية كبيرة، أو الوصول إلى مواقع استراتيجية، مثل القواعد الجوية أو الموانئ لمساندة موسكو بعد أن خنقتها العقوبات.

منذ عام 2006 سعى بوتين إلى إعادة بناء وجود روسيا ودورها في إفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط، الذي ضعف بشكل كبير بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991. بين عامي 2015 و2019  وقعت موسكو 19 اتفاقية تعاون عسكري مع الحكومات الإفريقية، ركز التعاون في جزء كبير منها على مبيعات الأسلحة الروسية.

الأهم من ذلك، أن توسع نفوذ روسيا قد تركز على استخدام شركات الأمن الخاصة لتقديم التدريب على مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب وتقديم المشورة للحكومات المحلية التي تكافح من أجل مواجهة التشدد. ويتم توسيع وجودهم في جميع أنحاء القارة الإفريقية على الرغم من حقيقة أنه منذ آذار/مارس 2018، حظرت روسيا الارتزاق بموجب المادة 359 من قانونها الجنائي.

موسكو تتنصل من أي قيادة وسيطرة عليهم لتبرئ نفسها من السلوك الإشكالي، مثل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإساءة معاملة المدنيين. كما أنها توفر أداة بديلة للمواجهات العسكرية مع الولايات المتحدة دون تورط القوات الروسية بشكل مباشر.

بوابات التأثير 

سعي بيلاروسيا لتشكيل شركة أمنية رديفة لـ”فاغنر”، يأتي بغية تنويع مصادر الدخل والوجود الاقتصادي لدعم موسكو، حيث اتخذت مجموعة “فاغنر” الروسية عدة نهج، أهمها تنويع عقود الحماية الأمنية إذ تحصل “فاغنر” على حصة من الذهب والماس مقابل خدماتها الأمنية في جمهورية إفريقيا الوسطى. وعلاوة على ذلك، أكد رئيس القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا “أفريكوم” ستيفن تاونسند في فبراير/شباط الماضي أن مالي تعاقدت مع “فاغنر” لتدفع لهم عشرة ملايين دولار شهريا، وخلص إلى أن مالي سوف تضطر إلى “مقايضة الموارد الطبيعية مثل الذهب والأحجار الكريمة من أجل سداد هذا المبلغ”.

أيضا عقد صفقات سياسية لحماية المسؤولين، حيث تعتمد “فاغنر” على عقد صفقات سياسية تشمل توفير الحماية الأمنية لرؤساء الدول وأعضاء الحكومة مقابل تنازلات اقتصادية تسهل حصولهم على الموارد المعدنية. على سبيل المثال، أبرمت “فاغنر” اتفاقا سياسيا مع جمهورية إفريقيا الوسطى عندما وصلت في عام 2018 لحماية الرئيس المحاصر فاوستين أرشانج تواديرا، ودربت قوات الأمن المحلية على صد هجمات المتمردين في أوائل عام 2021. 

وبالمثل، توصلت “فاغنر” الروسية إلى اتفاق سياسي مع المجلس العسكري الحاكم في مالي بعد انقلاب أيار/مايو 2021، واتفق الطرفان على أن تقدم “فاغنر” أجهزتها الأمنية وتحمي أعضاء المجلس العسكري من مؤامرات الاغتيال ومحاولات الانقلاب في مقابل امتيازات اقتصادية داخل البلاد.

العديد من التقارير أكدت أن “فاغنر” الروسية حصلت على 78 بالمئة من أسهم الشركة الوطنية في مالي، مارينا غولد، المسؤولة عن تعدين الذهب وتكريره، حيث تتنافس أربع شركات دولية مع روسيا على مناجم الذهب، وتعتبر مالي ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا بعد غانا وجنوب إفريقيا. كما عملت “فاغنر” على ترسيخ نفسها في المناطق الشمالية والوسطى من مالي. وعلى نحو مماثل، سعت إلى ترسيخ وجودها في شمال موزمبيق، فنشرت نحو 160 مقاتلا في منطقة كابو ديلغادو الغنية بالغاز.

“فاغنر” انتهكت عملية “كيمبرلي” التي يديرها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والتي تحظر الاتجار بالماس غير المشروع. والواقع أن المجموعة الروسية سيئة السمعة حريصة على إخفاء مواردها المالية، والاستثمار في تجارة الأحجار الكريمة القابلة للنقل، والتي يمكن غسلها بسهولة، وتجاوز النظام المالي الرسمي. وهكذا، استحدثت “فاغنر” العديد من الشركات لأغراض غسل الأموال، ولا سيما من تهريب الذهب والماس في وسط إفريقيا.

مؤسسة التعاون الأوروبي في مجال التحقيقات، أعدت مشروع صحفي استقصائي عبر الحدود، أكدت فيه أن “فاغنر” نشطت في قطاع الحراجة داخل جمهورية إفريقيا الوسطى. وتشير التقارير إلى أن الشركة الأمنية الروسية زادت من استثماراتها في قطاع الحراجة من خلال هذه الشركة، حيث تعمل أيضا في توريد وبيع السلع داخل البلدان الإفريقية لزيادة إيراداتها ومواردها المالية مع إخفاء أنشطتها غير القانونية. وبالإضافة إلى استيراد آلات لاستغلال الأخشاب والمعادن، تشتري “فاغنر” منتجات مثل الكحول النيجيري الرخيص من دوالا، الذي يجري بعد ذلك معالجته وتصنيعه في لوباي إنفست ويباع في وقت لاحق في جمهورية إفريقيا الوسطى.

كذلك كثيرا ما استخدمت “فاغنر” ممارسات الميليشيات لتمويل أنشطتها في إفريقيا والشرق الأوسط، ولا سيما من خلال تشريد السكان من المناطق الغنية بالموارد والمعادن، أو ابتزاز السكان وتهديدهم بالعنف. على سبيل المثال، في 23 أغسطس/آب، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن “فاغنر” شردت السكان في المناطق الغنية بالمعادن في مالي، والواقع أن أعضاء مجموعة “فاغنر” نفذوا بالفعل عمليات اغتيال ضد تجار رفضوا التعاون.

التداعيات المحتملة والانعكاسات

إن استخدام روسيا للمرتزقة لتعزيز أغراض موسكو له تعود جذورها إلى التسعينيات عندما كانت شركات الأمن الخاصة الروسية مثل “مجموعة موران الأمنية” و”الفيلق السلافوني” بدأ تتقديم خدمات أمنية لرجال الأعمال الروس في إفريقيا. ومع ذلك، كانت نقطة التحول الرئيسية لاستخدام موسكو المنهجي للجهات الأمنية الخاصة المرتبطة بـ “الكرملين” عام 2014، عندما فرض الغرب عقوبات على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم وزعزعة استقرار دونباس. 

مجموعة “فاغنر” أسسها ضابط سابق في قوات العمليات الخاصة في مديرية المخابرات الرئيسية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة للاتحاد الروسي، ولعب دورا بارزا في عمليات أوكرانيا، حيث زود “الكرملين” معاينة قدراتها وفائدتها للمناورات في أماكن أخرى من العالم. مثل الجيش الجمهوري الأيرلندي، يُقال إن مجموعة “فاغنر” يتم تمويلها من قبل الأوليغارشي المرتبطة بـ “الكرملين” يفغيني بريجوزين.

مجموعة “فاغنر” تستند إلى السياقات الأمنية والسياسية الهشة في البلدان الإفريقية والشرق أوسطية لتعزيز وجودها الاقتصادي، بحسب “الأقاليم للتحليل الاستراتيجي”، إذ إن “فاغنر” تستهدف البلدان ذات الحكومات الهشة، ولكن لديها وفرة من المواد الخام الرئيسية، مثل النفط والذهب والماس واليورانيوم والمنغنيز. وهي تدعي التدخل من أجل التصدي للصراعات العسكرية والإرهابية المحلية المعقدة التي تكافح الحكومات الإفريقية لمكافحتها، وتزويدها بالقدرة على القيام بعمليات لمكافحة التمرد والإرهاب. وفي المقابل، يحصلون على مدفوعات وامتيازات للحصول على الموارد الطبيعية أو عقود تجارية كبيرة أو الوصول إلى مواقع إستراتيجية مثل القواعد الجوية أو الموانئ البحرية.

جذب الموقع الجغرافي الاستراتيجي لليبيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​ونفطها ومواردها الطبيعية الأخرى شركات الأمن الخاصة الروسية المرتبطة بموسكو و”الكرملين”. مع الوصول إلى ميناء واحد فقط في البحر الأبيض المتوسط​، في مدينة طرطوس السورية، لا يمكن للوجود العسكري الروسي في المنطقة أن ينافس القوة البحرية الدائمة لحلف “الناتو” في البحر الأبيض المتوسط والأسطول السادس التابع للبحرية الأميركية في نابولي، إلا من خلال إدخال نفسها في الحرب الأهلية المستمرة في ليبيا.

فمجموعة “فاغنر” نشرت وحدات في ليبيا في عام 2019 لدعم قائد الجيش الليبي خليفة حفتر خلال هجومه على العاصمة طرابلس. حيث قدمت مجموعة “فاغنر” المشورة والمساعدة والتدريب، ولجأت إلى وسائل عشوائية مثل عسكرة المناطق المدنية، وساعدت حفتر في السيطرة على بعض حقول النفط الليبية.

غالبا ما يتم تهريب الأحجار الكريمة إلى الأسواق الخارجية عبر البلدان المجاورة، وخاصة الكاميرون وتشاد والسودان، ثم يتم تهريبها إلى الخارج. وتشير المصادر إلى أن البضائع تمر عبر ميناء دوالا من قبل الشركة العالمية للوجستيات، التي أسسها أنور مدجيدو في إفريقيا الوسطى ويديرها بشكل غير رسمي رجل يدعى نيكولاي، ووفقا للتقارير، تتعامل الشركة مع عبور البضائع والحاويات عبر ميناء دوالا، وبعد ذلك يتم شحن السلع إلى الخارج وخاصة إلى روسيا عبر نفس الميناء.

الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن “فاغنر” قد صدرت ما يقرب من 1000 قيراط من الماس في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 2019 وكانون الثاني/يناير 2021، وبيع 12 مليون دولار من الماس في أنتويرب، بلجيكا. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان” في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، استوردت بلجيكا نحو 1.2 مليار يورو من الماس الروسي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022. ويبدو أن لهذا الاقتصاد غير الرسمي أهمية كبيرة بالنسبة لصناعة الماس في بلجيكا. ووفقا للجنة، فإن حظر دخول الماس إلى البلد سيؤدي إلى خسارة حوالي 10 آلاف وظيفة في الصناعة البلجيكية. ومع ذلك، تشير بعض التقديرات إلى أن المبيعات من جمهورية إفريقيا الوسطى تمثل أقل من 1 بالمئة من إجمالي واردات “أنتويرب” من الماس.

خلاصة واستنتاجات

انتشار “فاغنر” في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، فتح الباب أمام شركاء بوتين لتكرار نفس التجربة، ومن المتوقع أن تؤدي جهود الشركات الأمنية الجديدة على غرار “فاغنر” لتعزيز وجود حلفاء روسيا الاقتصادي في هذه المناطق بشكل عام، مستهدفين الدول الهشة من الناحية السياسية والأمنية لكنها غنية بالموارد.

المغزى الرئيسي من إعادة تدوير “فاغنر” بشركات أمنية جديدة والانخراط في الأنشطة العسكرية يأتي لتمويل أنشطة “الكرملين” خصوصا بعد ظهور ضرر العقوبات التي فرضت عليه من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للعب دور في تحقيق أهداف السياسة الخارجية الروسية بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية والجيوسياسية والعسكرية لموسكو. 

مع ذلك، فإن التوسع الاقتصادي لـ”فاغنر” وأخواتها يواجه العديد من التحديات من الدول الغربية، أهمها سياسة العقوبات التي تتبناها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بهدف زيادة تكاليف ومخاطر استخدام موسكو للمجموعة لزيادة نفوذها على القارة.

توسيع حملة العقوبات المتعددة الأطراف ضد “فاغنر” أدى للضغط المستمر على قدرتها على العمل. ومع ذلك ، يبدو أن خطوة بيلاروسيا في إنشاء شركة أمنية تأتي لتوسيع الهياكل المالية لـ”فاغنر” المعقدة والغامضة بشكل متعمد. وهي تعتمد في الغالب على شركات الواجهة لإخفاء عملياتها وأصولها. حيث تضم المجموعة شبكة فضفاضة وسرية من الشركات والوسطاء الماليين الذين لهم صلات مع بريغوزين والدولة الروسية. يؤدي هذا الهيكل الفضفاض إلى إضعاف فعالية العقوبات وغيرها من سياسات الاستهداف المالي، والتي يمكن للشركات العسكرية الخاصة تجنبها عن طريق تغيير هيكلها وكذلك إعادة توجيه أنشطتها المالية والتعتيم عليها. 

التحرك لتصنيف “فاغنر” ككيان إرهابي سيكون له تأثير كبير، ويقلل من تكلفة التعامل معها ومع الشركات التي قد تكون رديفة لها. وتتوقع أن تدفع الدول والشركات والمؤسسات إلى إعادة النظر في علاقاتها مع الشركات الأمنية سيئة السمعة والتعامل معها كمنظمة إرهابية. علاوة على ذلك، ستضمن العديد من الفوائد الأخرى وأهمها تقييد وصولها إلى الموانئ والموارد الطبيعية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.