منار حدّاد – الحل

إذا أردتَ فتحَ حسابٍ بنكي في #سوريا، ووضع الأموال فيه لتسحبها عن طريق الصرّفات، فعليكَ أن تعلم عدّة أمورٍ قد تواجهك خلال استخدامك لها، فأنتَ ستخوض حرباً حقيقيةً خلال سحبك للنقود، وذلك لعدّة أسبابٍ يأتي في مقدمتها أن معظم هذه الصرّافات معطّلة، وما يعمل منها غالباً ما يكون فارغاً من الأموال، إضافةً إلى بُعد المسافات التي سوف تقطعها للوصول إلى الصراف، ولا ينتهي الأمر عند ذلك بل قد يمتد إلى الازدحام الكبير على الصرافات “المعجزة” وهو مصطلح بات يتداوله أهالي العاصمة عن كوّة سحب المال التي تعمل وتحتوي أموالاً من الممكن السحب منها، وليست خاضعة للتقنين الكهربائي.

70% من الصرّافات خارج الخدمة

يبلغ عدد كوات الصرّف في سوريا 450 صرّافاً، بينها 210 صرّافاً معطّلاً بشكل كامل وخارج عن الخدمة، أما الـ 240 صرّافاً الباقين، من بينها 60 صرّافاً يتعرّض لأعاطلٍ متكرّرة وشح في الشبكة الكهربائية ليبقى 150 صرّافاً فقط يعمل بشكل طبيعي، وهذه المعلومات نقلتها وسائل إعلام تابعة للنظام عن  محمد السعيد وهو مدير الدفع الالكتروني في المصرف التجاري السوري، الذي قال: “إذا أردنا تغذية الصرّافات بالوسائل البديلة كوحدات التغذية، فإن كلفتها عالية  ونحتاج إلى عدد هائل من الوحدات الكهربائية، ولو أردنا وضع مولدات، توجد لدينا مشاكل في إدارتها من حيث تأمين المحروقات وتشغيلها.

وعليه فإن غالبية الموظفين ومن يتقاضون أموالاً من البنوك يعيشون تحت رحمة 150 آلة تصريف فقط، لذلك فمن الطبيعي أن تكون الصرافات التي تعمل بجودة مزدحمة على مدار الساعة.

ووفقاً للمعلومات التي جمعها الحل السوري فإن هذه الصرّافات (المعطلة والتي تعمل) تتوزّع على 225 صرّافاً تعمل على شبكة “المصرف التجاري السوري، و 183 صرّافاً تعمل على شبكة “المصرف العقاري” و12 صرّافاً يعمل على شبكة “المصرف الزراعي التعاوني” و8 صرافات تعمل على شبكة “مصرف التسليف الشعبي” 5 صرّافات لـ “المصرف الصناعي”.

رحلة “الشنططة والتعتير”

تنقّلت ديمة  (موظفة) بين 12 كوّة تصريف داخل العاصمة حتّى تمكّنت من إيجاد الصراف الذي يعمل، تقول ديما المقيمة في العاصمة للحل السوري : “عرفت أنها الصرّافة المنشودة عندما وجدت حوالي 30 شخصاً متكدّسين على الصرّافة، فوقفت خلفهم” مضيفةً أنه وبعد انتظار 45 دقيقة وعندما بقي أمامها شخصان فقط توقّفت الصرافة عن منح الأموال لأنها فرغت من النقود، ما أثار غضبها وجعلها تعود أدراجها إلى المنزل بدون أي أموال.

تتابع ديمة أنها في اليوم الثاني توجّهت إلى المصرف وسحبت كل أموالها وأبقتهم معها، مشيرةً إلى أن عمل البنوك والصرّافات الالكترونية ينطوي على تسهيل الأمر على العملاء وليس تعقيده وجعله مستحيلاً.

على غرار ديمة فإن ما واجهه عدنان، المدرّس في إحدى المدراس الابتدائية بطرطوس كان أصعب، يقول عدنان “وصلت إلى إحدى الصرّافات ليلاً، وكانت لحسن الحظ تحتوي على أموال، إذ أنها غالباً ما تكون فارغة ليلاً”، ويضيف أنه بعد أن وضع البطاقة داخل الكوّة وأعطاها أمراً بسحب مبلغ 5 آلاف ليرة، توقّفت الصرّافة عن العمل وانطفأت الشاشة دون سابق إنذار، ليتفاجأ بانقطاع التيار الكهربائي في المنطقة وتوقّف عمل الصرّاف على إثر ذلك، ويوضحّ أنه حاول التعامل مع الموقف دون جدوى فلم يتمكّن من سحب الأموال ولا استرجاع البطاقة.

ويضيف أنه عندما راجع المصرف بعد أيام أخبروه أنهم بإمكانهم منحه بطاقة جديدة لكنهم غير مسؤولين عن إرجاع الأموال لأنه “خرجت من الكوّة بعد أن عاد التيار ومن الممكن أن يكون أحدهم قد أخذها”، وبالتأكيد لم يقتنع عدنان بهذه الرواية لكنه لم يتمكّن من فعل أي شيء.

لا يتوقّف الأمر هنا وحسب بل إن الصرّافات موجودة في مناطق محدودة داخل العاصمة، ما اضطر بالموظف محمد الزعبي إلى قطع مسافاتٍ طويلة للوصول إليها دون ضمان التيار الكهربائي وتواجد الأموال.

أحمد يقول إنه يعيش في منطقة الزاهرة القديمة قرب حي الميدان بدمشق، وأقرب كوّة صرافة إليه تبعد حوالي 3 كيلو متراً وغالباً ما تكون فارغة من الأموال ما يضطره للذهاب إلى شارع الثورة أو مساكن برزة.

النظام زاد الطين بلّة

وعلاوةً على عدم قدرة النظام على تخديم المواطنين بهذه الخدمة، إلّا أنه زاد الطين بلّة عندما قرّر أن يمنح الموظفين رواتبهم عبر الصرّافات، ما جعل طوابير الازدحام تزداد عشرات الأضعاف.

ولاء التي تعمل موظفة بجامعة دمشق قالت للحل إنها غالباً ما تستلم راتبها في التاسع أو العاشر من كل شهر وبعد عدّة محاولات مع هذه الصرّافات، ما جعلها تعيش حربا نفسيةً مع بداية كل شهر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.