منار حدّاد – الحل

إذا كان السوري الذي يعمل الخليج العربي يحمل صيتاً بأنه “مريّش” في دليلٍ إلى امتلاكه كثيراً من الأموال بسبب الرواتب العالية التي يتقاضاها العامل هناك، فإن هذه الصفة يجب إسقاطها مباشرةً عن السوريين المقيمين في المملكة العربية #السعودية، فهؤلاء اعتباراً من الآن لم يعودوا أغنياء إطلاقاً، وبات حالهم لا يختلف عن حال السوري العامل في تركيا أو في لبنان أو غيرها من الدول التي يعاني اللاجئون السوريون فيها ظروفاً اقتصادية غير مستقرّة.

القادم “أقبح بكثير”

اتخذت سلطات المملكة مؤخّراً، قراراً بتطبيق برنامج “المقابل المادّي” الذي يتم بموجبه فرض رسوم إضافية على العمالة الوافدة الزائدة عن نظيرتها في السعودية والذي دخل حيّز التنفيذ في النصف الثاني من العام الجاري.

وينص البرنامج على فرض رسوم شهرية على المرافقين والمرافقات للعمالة الأجنبية الوافدة إلى المملكة بمعدّل 100 ريال شهرياً عن كل مرافق في عام 2017، على أن يهدف البرنامج في هذا العام إلى توفير مليار ريال.

أما في عام 2018 القادم، فسيتم تطبيق رسوم على الأعداد الفائضة عن أعداد العمالة السعودية في كل قطاع، بواقع 400 ريال شهرياً عن كل عامل وافد، في حين ستدفع العمالة الأقل من أعداد العمالة السعودية 300 ريال شهرياً، وسيدفع كل مرافق 200 ريال شهرياً، بعد أن كان 100 ريال في عام 2017، ومن المتوقع أن يتم تحصيل 24 مليار ريال في 2018.

وسيزداد الأمر سوءاً بالنسبة للعاملين الوافدين مع دخول عام 2019، حيث ستتم زيادة المقابل المالي للعمالة الوافدة في القطاعات ذات الأعداد الأعلى من السعوديين إلى 600 ريال شهرياً، وفي القطاعات ذات الأعداد الأقل من السعوديين إلى 500 ريال شهرياً، على أن يرتفع مقابل كل مرافق إلى 300 ريال شهرياً، ومن المتوقع تحصيل 44 مليار ريال.

ويأتي ذلك في إطار ما بات معروفاً بـ “رؤية 2030” التي وضعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتي تسعى إلى إقامة اقتصاد سعودي لا يعتمد على النفط إطلاقاً وإنّما على موارد أخرى.

السوري متضرّر

في ظل التخوّف من هذه الضرائب الباهظة ولا سيما مع الأعوام القادمة، وتوقّع ازدياد الضريبة بعد 2019، فإن الكثير من العمّال بمن فيهم السوريون باتوا من أكثر المتضرّرين، فمن جهة لا يستطيعون البقاء في ظل هذا الواقع الاقتصادي السيء، ومن جهةٍ أخرى لا يستطيعون العودة، وهو ما دفع جهات دولية ووسائل إعلام كبرى إلى انتقاد القرار السعودي والدعوة لاستثناء السوريين واليمنيين من القرار، غير أن ذلك لم يحدث إطلاقاً.

وافق عامل مواطن سوري واحد من أصل ستة عمّال تواصل “موقع الحل” معهم للحديث عن انعكاس هذا القرار على حياتهم بشكلٍ مباشر.

ليث أحد السوريين العاملين في السعودية قال إنه إذا بقي فيها حتّى عام 2019 فإنه يتوقّع أن يبدأ بالاستدانة فوق راتبه الأساسي الذي يتقاضاه، ليتمكّن من العيش وشراء الأساسيات الضرورية لحياته في المملكة.

وأوضح ليث أن راتبه الحالي يبلغ 3500 دولار، وتعيش معه زوجته وطفلاه، أي أنَّ مجمل عدد المرافقين ثلاثة أشخاص، وبالتالي هو مضطر لدفع 300 ريال شهرياً عن مرافقيه أي بمعدّل 10% من راتبه.

وأضاف ليث أنه بحلول 2019 سوف يدفع ما بين ضرائب المرافقين وما بين ضريبته كعامل زاد عدده عن العمّال الأساسيين في المملكة، ما يُقارب نصف راتبه.

ليث تابع خلال حديثه للحل السوري أنَّ نصف راتبه الحالي بالتأكيد لن يكفيه لتحقيق معيشته ومعيشة عائلته بما في ذلك تدريس الأطفال باهظ الثمن الذي يٌعتبر أحد المصاريف المُرهقة في المملكة، لافتاً إلى أن هذه الضريبة التي فُرضت ليست الوحيدة، بل هناك ضرائب سنوية على رسوم تجديد الكفالة والإقامة وعلى السيارة إذا كان العامل لديه سيارة والكثير من المصاريف الأخرى.

اللجوء هو الحل

على مدى السنوات الماضية، كان معظم السوريين ينتقدون أبناء جلدتهم الذين يتخلّون عن إقامات عملهم في الخليج العربي، ويقومون باللجوء إلى الدول الأوروبية، وذلك بحجّة أنهم يتمتّعون بوضعٍ اقتصادي واجتماعي مستقر، ولكن اليوم لن يُلام إطلاقاً السوري في السعودية الذي يقوم بهذه الخطوة، لأن الرخاء الاقتصادي لم يعد موجوداً الآن، وعلى هذا الأساس يسعى ليث اليوم أن يحصل على لجوء في إحدى الدول الأوروبية، وقال “لن أتراجع في حال سنحت لي الفرصة، فأنا في نهاية المطاف مواطن سوري مزّقت بلاده الحرب ولا يستطيع العودة إليه ويبحث عن وطنٍ بديل، ولو عاش حقبة من حياته برخاء اقتصادي جراء عمله في السعودية”.

وختم حديثه بانتقاد السعودية التي أنفقت مليارات الدولارات خلال زيارة واحدة للرئيس الأمريكي دونالد #ترامب، في حين أنها كرّست حنكتها الاقتصادية على العمال البسطاء، وفق قوله.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.