فوكس نيوز: العلاقة بين إيران والقاعدة “زواج مصالح”

فوكس نيوز: العلاقة بين إيران والقاعدة “زواج مصالح”

نشرت شبكة فوكس نيوز الأمريكية تقريراً تتحدث فيه عن طبيعة العلاقات المخفية بين #إيران والقاعدة ونقاط التشابه والاختلاف بين الطرفين. مشيرة إلى تعاون وطيد بينهما يخدم من خلاله كل منهما مصلحة الطرف الآخر، مستندة إلى تقارير وتصريحات متواترة.

فقد أفادت تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية عن الإرهاب بأن إيران تواصل إيقاع الخراب في الشرق الأوسط من خلال سماحها للقاعدة بالحفاظ على “شبكة تواصل” ضمن حدود الجمهورية الإسلامية. حيث يعزز التقرير الذي نُشر هذا الأسبوع التقييمات التي نُشرت في السنوات الماضية والتي تشير إلى أن إيران لا تعمل فقط على تمكين القاعدة من إجراء عمليات شاملة ضمن حدودها، إنما أيضاً رفضت تقديم كبار أعضاء القاعدة المستقرين في إيران للمحاكمة ورفضت تحديد هوية الأعضاء بشكلٍ علني. فظاهرياً يبدو أن إيران التي يحكمها الملالي الشيعة لن يكون لديها حافز للشراكة مع تنظيم القاعدة بقيادته السنية, لكن المحللين غير متفاجئين بنتائج التقرير.

وبحسب توم جوسلين، وهو زميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD ومحرر في مجلة Long War، فقد كان هذا معروفاً ضمن مجتمع الاستخبارات الأمريكية لسنوات. فبالرغم من التعارض بين إيران والقاعدة في سوريا واليمن، فقد سمح النظام الإيراني بإبقاء “خط التواصل الرئيسي” هذا بالوجود منذ فترة تسبق موت أسامة بن لادن. وباستخدام لغة مشابهة لتقارير وبيانات وزارة الخارجية الأمريكية، أشارت صحيفة Long War إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية اتهمت طهران منذ العام 2009 بتوفيرها تسهيلات للقاعدة بإنشاء شبكة تواصل ضمن إيران، والتي يُسمح من خلالها للأموال والمقاتلين بالوصول إلى جنوب آسيا وسوريا.

كما نشرت الأمم المتحدة أيضاً تقريراً في أواخر شهر تموز الماضي أشارت فيه إلى ” بروز قادة القاعدة في إيران بشكلٍ جلي” وأنهم كانوا يعملون على إضعاف سلطة الجماعة الثائرة السنية المدعومين من تركيا “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على محافظة إدلب السورية، آخر جيوب المعارضة في البلاد المنكوبة بالحرب الأهلية. وبحسب التقرير، فرضت وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على قيادة القاعدة، متهمة إياهم بالاختباء في إيران كجزء من “صفقة سريّة” بين الحكومة الإيرانية والقاعدة. وفي تموز من عام 2016، اتهمت وزارة الخزانة الأمريكية ثلاثة من كبار أعضاء القاعدة المتواجدين في إيران “بنقل الأموال ونشطاء التنظيم” بغرض القيام بأعمال التخريب في جنوب آسيا والشرق الأوسط.

كيف يستفيد الجانبان من مثل هذه الصفقة؟

يوضّح جوسلين ذلك بأن إيران تسمح للقاعدة بنقل الأفراد والأموال والاتصالات من وإلى جنوب آسيا، حيث تربط “شبكة التواصل” الأساسية القيادات العليا للقاعدة في أفغانستان وباكستان مع مقاتلي التنظيم في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وأنه من وجهة نظر إيرانية، فإن إيران بذلك تؤمّن نفسها ضدّ أي هجوم محتمل للقاعدة داخل إيران، حيث أن أي محاولة للهجوم تقود الإيرانيين إلى إغلاق شبكة التواصل تلك.

وتبين شبكة فوكس نيوز كيف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة لعام 2015 المثيرة للجدل والمعروفة باسم صفقة إيران – اتهم إيران بدعمها للوكلاء والميليشيات الإرهابية، مثل القاعدة، على نطاق واسع لسنوات. كما وصف تقرير الإرهاب السنوي إيران بأنها “الدولة الراعية للإرهاب” مسلطاً الضوء على أن المجموعات التي تدعمها إيران حافظت على قدرتها على تهديد المصالح الأمريكية وحلفائها. كما أكد محللون أن العلاقات بين الشريكين الغير محتملين ليست بجديدة. فبحسب مصدر أمني استخباراتي أمريكي، فإن الأمر يتعلق بالأمن والمال، فالقاعدة بحاجة إلى ملاذ آمن، وبالمقابل يحصل الإيرانيون على حصّتهم من عمليات تهريب الأموال والمخدرات المستمرّة لأعوام. كما أنه في التسعينيات من القرن الماضي قام مسئولون سودانيون بتسهيل اللقاءات بين بن أسامة بن لادن وإيران. وأن ذلك التحالف تحوّل إلى طهران لتدريب العناصر الإرهابية بشكلٍ نظامي على الأرض الإيرانية.

ويشير التقرير إلى أنه بعد استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان في العام 1996 وانتقال بن لادن إلى هناك، قامت إيران بتسهيل عبور الإرهابيين، حيث لم يختم مسؤولي الحدود الإيرانيين جوازات سفر إرهابيي القاعدة خلال تحركاتهم عبر الحدود.
وبالرغم من هذه الارتباطات الوثيقة، يؤكد خبراء آخرين بأن العلاقات بين إيران والقاعدة أكثر ضبابية مما تبدو عليه. وتؤكد أريانا طباطبي، وهي أستاذة العلوم السياسية في مؤسسة راند، أن العلاقات بين القاعدة وإيران تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث تم توثيقها منذ فترة طويلة من قبل باحثين داخل الحكومة الأمريكية وخارجها. ولكن تنظر كل من إيران والقاعدة إلى بعضهما البعض بنظرة سلبية جداً. فباختصار، العلاقة هي زواج مصلحة، حيث يسمح لإيران بضمان بعض النوايا الحسنة من قيادة القاعدة التي تساعد على ردع هجماتهم على الأراضي والمصالح والإيرانية وكذلك شعبهم، بينما تمدّ هي القاعدة بوسائل نقل المال والنشطاء في كافة أنحاء المنطقة.

من جهة أخرى, يبين التقرير أنه ليس هناك دليل على وجود تعاون بين طهران والقاعدة على تنفيذ هجمات 11 أيلول، بحسب دراسة أصدرتها مؤسسة نيو أمريكا في وقت سابق من هذا الشهر، مقرها في واشنطن، مستندة إلى تحليل الوثائق المسترجعة من مجمع أسامة بن لادن في العام 2011. بل على العكس فإن إيران كانت أثناء هذا الوقت غير مرتاحة من وجود القاعدة ضمن حدودها, وأنه بعد غزو الولايات المتحدة للجارة العراق في العام 2003، اتخذت إيران إجراءات احتجاز بحق أعضاء التنظيم وحرمتهم من مغادرة البلاد. لذا، يشير التقرير إلى أن صلب العلاقات الحالية بين الطرفين لا يزال خاضع للنقاش.

وتختم فوكس نيوز تقريرها بالإشارة إلى ما ورد على لسان جيم فيليبس، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة التراث، والذي يرى أن لدى إيران فهم تكتيكي ناشىء بالقاعدة التي تعتبرها عدوّا لأعدائها، لكن في الوقت نفسه لا تأتمنها كحليف لها. لكنها يمكن أن تكون حاضنة عندما يتعلق الأمر بالجماعات الإرهابية. وبالرغم من أن كل من إيران والقاعدة تريان نفسيهما كزعماء متنافسون على قيام ثورة إسلامية عالمية، إلا أنهما تشتركان بمجموعة من الأعداء المشتركين كالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية ومصر والأردن. ومما لا شك فيه أن إيران تنظر إلى القاعدة بمثابة قوة مفيدة لتقويض الحكومات العربية المنحازة للولايات المتحدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة