بدأت مؤخراً ملامح أزمة غذائية غير مسبوقة تظهر في سوريا، بدأت بعض المنظمات الإنسانية ومراكز الدراسات وصفها بـ«المجاعة»، جراء سوء إدارة البلاد من قبل الحكومة، فضلاً عن الأزمات التي تعصف بمختلف القطاعات في البلاد لا سيما المتعلقة بمصادر المواد الغذائية أهمها القطاع الزراعي.

وحذّرت دراسة لمعهد “الشرق الأوسط” للدراسات من “مجاعة كبيرة” باتت تهدد سوريا خلال المرحلة المقبلة، ما يتطلب تحركًا عالميًا لإنقاذها، ووضع حلول لانزلاق ملايين السوريين إلى مستوى الفقر المدقع.

وأوضحت الدراسة، أن مختلف المناطق السورية بدأت تواجه أزمة فقر وجوع غير مسبوقة، بعد أسباب أبرزها تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا ولبنان، إضافة إلى انتشار فيروس كورونا وعقوبات قيصر الاقتصادية.

وحددت الدراسة ثلاثة عوامل تتمحور حولها الأزمة، أولها الجفاف الشديد وغير المسبوق الذي تعاني منه البلاد خلال الفترة الراهنة.

كذلك ركزت الدراسة على تفاقم انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد، في ثاني عوامل المجاعة المحتملة، فضلاً عن تراجع القدرة على إطعام الأهالي.

أما العامل الثالث فأكدت الدراسة أنه يتمثل بانخفاض التمويل الإنساني لسوريا بينما ارتفعت الحاجة للمساعدة إلى أعلى مستوى في أي وقت مضى.

على صلة: وزير التموين معترفاً بالفشل: لن أعد بعدم رفع سعر شيء

حلول مقترحة

ويؤكد الأكاديمي والباحث الاقتصادي في معهد “الشرق الأوسط” كرم شعار، أن الدراسة اقترحت ثلاثة مقترحات لمواجهة الأزمة القادمة في سوريا.

ويقول شعار في حديثه لـ”الحل نت”: «المقترح الأول زيادة الدعم الإنساني لأن المستوى الحالي منخفض، الثاني التأكد من أن المساعدات تصل إلى المستحقين، ذكّرنا هنا بدراسة حول نهب المساعدات الإنسانية من قبل النظام السوري، عبر الاستغلال المالي للحوالات الأممية، من خلال  فرض سعر صرف غير عادل عليها».

ويشدد شعار في حديثه على ضرورة تجديد آلية دخول المساعدات العابرة للحدود، وحول ذلك يضيف: «بالتأكيد الأفضل من تجديد تلك الآلية، هو الوصول إلى بديل مستدام، بحيث تصل المساعدات من خلال بديل لا يرتبط بالأمم المتحدة، حتى نخرج من أزمة الوقوع بفخ التجديد كل ستة أشهر، وانتزاع روسيا تنازلات لصالح النظام مقابل موافقتها على التجديد في كل مرة».

ويعتقد شعار أن أزمة الغذاء في سوريا مرتبطة بشكل كبير في سوء إدارة الأزمات الاقتصادية في البلاد، حيث فشلت الحكومة السورية بالتعامل مع الأزمات المختلفة في القطاعات الاقتصادية.

وحول ذلك يقول: «دور النظام مرتبط بسوء الإدارة، في جزء له علاقة بنهب المساعدات الإنسانية عبر عدة قنوات أهمها القناة المالية، الحكومة لا تعي أنها لا تستطيع إجبار التجار والصناعيين على التصرف كما تحب هي».

ويضيف: «سوء الإدارة الاقتصادية، الموضوع لا علاقة له بالفساد ولا بنهب المساعدات، هو فقط حماقة إدارية».

ويشهد القطاع الزراعي تراجعاً غير مسبوقاً، نتيجة السياسات الحكومية من جهة، والجفاف الذي بات أحد المشكلات الرئيسية التي يعاني منها المزارع من جهة أخرى، ما ينذر بكارثة قد تضرب أحد مصادر الغذاء الرئيسية للسوريين.

وحذّرت صحيفة البعث من تراجع محصولي القطن والشوندر ، وذلك بعدما سجلت المواسم الأخير تراجعاً غير مسبوق في المساحات المزروعة.

تراجع مخيف في كميات الإنتاج

وأكد تقرير الصحيفة أن حصة القطن من مجمل الصادرات الزراعية تراجعت إلى 2 بالمئة، بعدما كانت تتراوح بين 20 – 30 بالمئة، إذ كان القطن هي المادة الثانية من حيث المساهمة في تأمين القطع الأجنبي بعد النفط، وركيزة أساسية للصناعات النسيجية.

وانحدر محصول القطن خلال السنوات القليلة الماضية إلى نحو 15 ألف طن سنويا فقط، بعد أن كان يتجاوز 700 ألف طن قبل عام 2011.

موجة جفاف هي الأسوأ منذ عقود

وفضلاً عن ارتفاع تكاليف الزراعة ساهمت موجات الجفاف بعزوف المزارعين عن زراعة أراضيهم، إذ بدأت التغييرات المناخية تلقي بظلالها على البيئة السورية، مهددةً مصادر المياه، بعد التحذيرات والتقارير التي أكدت أن البلاد توجه أسوأ موجة جفاف في تاريخها منذ 70 عاماً، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وطال الجفاف مؤخراً سداً رئيسيّاً شمال غرب سوريا إثر تراجع مستوى الأمطار والاهتراء وتزايد اعتماد المزارعين على مياهه، وذلك للمرة الأولى منذ إنشائه قبل نحو 17 عاماً.

اقرأ أيضاً: مجدداً في دمشق.. ارتفاع سعر البنزين بقرار حكومي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.