إن التدفق الهائل لعائلات المقاتلين الموالين لإيران إلى سوريا لم يعد ظاهرة جديدة، بعدما سمحت السلطات السورية للمقاتلين الإيرانيين بدخول البلاد والبقاء إلى أجل غير مسمى. في الوقت الذي يحاول العديد من الإيرانيين حالياً استغلال دعمهم للسلطات في دمشق والتموضع داخل المناطق المتاخمة لمنطقة السيدة زينب.

الوجوه الجديدة للريف الدمشقي

تشير التقديرات وفق تقارير متطابقة إلى أن ما يصل إلى 700 ألف إيراني وغيرهم من الجنسيات التي تقاتل مع القوات السورية دخلوا سوريا على مدى السنوات التسع الماضية. في هذا الوقت، أصبح السوريون على دراية ببعض هؤلاء المقاتلين على الأقل، لكنهم ما زالوا يتكتمون إلى حد كبير على هويتهم ونواياهم.

وفي خطوة جديدة، أكد الناشط وليد القدسي، المنحدر من مدينة سبينة بريف دمشق، لـ”الحل نت”، أنّ ما يقرب 15 عائلة من عوائل المقاتلين الموالين لإيران وصلوا إلى قرية حجيرة، جنوبي العاصمة دمشق.

وأوضح القدسي، أنّ عناصر من “الحرس الثوري” الإيراني أشرفوا على نقل عوائل من الجنسيات الإيرانية والأفغانية والعراقية. مرجحاً قدوم العوائل من مدينة تدمر.

وبرأي القدسي، أنّ هنالك هدف مزدوج لعديد من المقاتلين الإيرانيين: “هم يريدون الاستمرار في العيش في سوريا دون العودة إلى دولهم للعمل هنا برواتب عالية، ويريدون أيضا الهروب من المصاعب الاقتصادية التي تعصف بإيران بسبب العقوبات التي تفرضها الحكومات الدولية مثل الولايات المتحدة”.

اقرأ أيضا: السيدة زينب.. منطقة نفوذ إيرانية تشهد صراعاً

“القرى الإيرانية” في ريف دمشق!

ويقول القدسي، إن دراسة قرى الريف الدمشقي في فترة الحرب والنزوح. توضح لنا مدى تركيز إيران على انتهاج تغيير ديموغرافي من أجل توطين عائلات مقاتليها هنالك.

ووثق موقع “صوت العاصمة”، افتتاح الفصائل الموالية لإيران بعد سيطرتها على المنطقة، “حسينيتين” داخل أحياء بلدة حجيرة، إحداهما في شارع علي الوحش قرب جامع فاطمة، وأخرى في شارع الأكشاك، ضمن حسينية قديمة أعادت ترميمها، كانت تحوي عدداً من الطلاب الهنود والباكستانيين المقيمين في المنطقة.

وعزز هذا الحزام الإيراني، نقل عشرات العوائل من أهالي بلدتي “كفريا” و”الفوعة” في ريف إدلب خلال العامين الفائتين. بعد اتفاق المدن الأربعة عام 2015 القاضي بإخلاء البلدتين المذكورتين، إلى بلدة “حجيرة” للإقامة فيها.

ويشير القدسي، إلى أن الكثير من الناس يجدون صعوبة في تخيل جمال المشهد السوري. ويرجع ذلك إلى دمار الحرب المستمرة منذ سنوات حتى الآن، مما دفع العديد من السوريين إلى مغادرة أراضي أجدادهم من أجل البحث عن ملجأ في مكان آخر. من بينهم العديد ممن فروا من أجزاء مختلفة من سوريا ، بما في ذلك دمشق وريفها الداخلي.

وأدت الحرب والنزوح، إلى إفساح المجال أمام العوائل التي تساند الحكومة السورية في قتالها نحو إعادة توطين عوائلها في هذه المناطق.

اقرأ المزيد: صراع الميلشيات الإيرانية والفرقة الرابعة.. هل تشعل «السيدة زينب» الانقسام المناطقي في دمشق؟

عواقب الاستيطان في ضواحي دمشق على مستقبل سوريا السياسي

ويبيّن القدسي، أنّ تاريخ “الاستيطان” في دمشق له ماض طويل ومعقد، ولا يزال يلعب دورا نشطا في سياسة البلاد اليوم. وتداعيات وجود العوائل الموالية لإيران من جنسيات أجنبية سيعقد التسوية في مستقبل سوريا السياسي.

وخلال وجود عائلة الرئيس السوري، بشار الأسد، في الحكم، احتوى الصراع السوري بشكل أساسي حول مجموعتين. إحداهما أعيد توطينها من المدن إلى مناطق ريفية راكدة منذ عام 2011. والأخرى انتقلت إلى تلك المناطق نفسها منذ عام 1975 على عهد الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد. 

ويشير القدسي، إلى أنّ هاتين المجموعتين متورطتان في صراعات الدولة السورية منذ عام 1980. وإعادة توطينهم بالشكل الحالي سيؤثر على مستقبل البلاد السياسي، إذ أنّ العديد من الدول العربية لا تريد وجود العناصر الموالية لإيران داخل سوريا. وهذا سيقف عائقا أمام الحل السياسي للبلاد.

وعليه، فإن استمرار إعادة تموضع العائلات التي قاتل أفرادها مع الحكومة السورية، سيخلق معضلة مثيرة للاهتمام لا سيما لأبناء المنطقة النازحين والمهاجرين. لأنهم يجب أن يقرروا ما إذا كانوا سيبقون خارج البلاد أو يعودون إلى سوريا. فالغالبية في الوقت الحالي قرروا البقاء خارجاً تاركين وراءهم منازلهم وممتلكاتهم بسبب الحزام الإيراني على ريف دمشق.

قد يهمك: حزام عقاري حول “السيدة زينب”: هل قامت إيران بإجراء تغيير ديموغرافي شامل في مناطق جنوب دمشق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.