تتراجع قيمة الليرة السورية منذ فترة طويلة في دوامة هبوط لا قعر لها، ولهذا لجأت بعض العائلات السورية إلى تحديد مهر الزواج في سوريا لبناتهم بالليرة الذهبية نظرا لاستقرار سعر المعدن الأصفر، وضمان عدم  انخفاض القيمة أكثر. وهذا أدى إلى تساؤل العديد من السوريين حول ماهية هذه الظاهرة بالضبط. وما هي انعكاساتها على المجتمع والاقتصاد السوري عموما.

تعديل المهر أربع مرات خلال خمس سنوات

كشف القاضي الشرعي الأول بدمشق، مازن القطيفاني، أن المحاكم السورية شهدت خلال السنوات السابقة ظاهرة في تعديل مهر الزواج في سوريا بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية، إذ أوضح بحادثة، أن «زوجين يحملان شهادة دكتوراه قاما بتعديل المهر للمرة الرابعة خلال خمس سنوات». حيث وصل التعديل الأخير إلى 500 ليرة ذهبية معجل و500 ليرة ذهبية.

وخلال حديث القطيفاني، لجريدة “البعث”، بيّن أن التعديل لا علاقة له بمستوى التحصيل الدراسي أو الاجتماعي للزوجين، إنما بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية. إذ إن الحادثة المسجلة تعتبر أعلى قيمة لمهر تمّ تعديله.

وكانت أكثر الحالات التي عدلت مهر الزواج في سوريا بالليرة الذهبية، هي الزيجات التي تكون لخارج القطر. إذ اعتمد الأهالي على قرار عام 2019 والذي يتضمن تعديل بعض مواد قوانين الأحوال الشخصية، ولا سيما تلك المتعلقة بالسماح بتعديل المهر لقوته الشرائية حين التسجيل.

ووفقا للقانون، فإن الزوج يدفع المهر بالقيمة المسجلة نفسها. أي أنه كان يعادل 3 غرامات ذهب حين التسجيل، يُلزم الزوج بدفع ثلاثة غرامات ذهب حين المطالبة، طبقا لحديث القطيفاني.

اقرأ أيضا: الذهب .. ملاذ السوريين الآمن خلال الأزمات الاقتصادية

أزواج من جنسيات غير سورية

وذكر القاضي الشرعي، أن خمسة بالمئة فقط من العائلات تتفق فيما بينها على تسجيل المهر بالذهب. أما حالات الزواج خارج البلاد فمعظمها مسجلة بالذهب وغالبيتها لبنانية أو عراقية أو أردنية أو مصرية.

وعلل القطيفاني ذلك، بأنه زادت نسبة العائلات من سوريا في الخارج، ما أدى إلى زيادة الانكشاف على السوريين وزيادة الاهتمام بالزواج من فتاة سورية الأمر الذي أدى أيضا لتعديل المهر في سوريا. 

وحول شروط تعديل المهر، قال القطيفاني: «أننا إذا ما كنا نريد تخفيض قيمة المهر، فينبغي وجود ولي للزوجة “أب، أخ، عم” لأن تخفيض المهر مشروط بموافقة الولي لوجوده أثناء عقد الزواج»، وإذ كانت السيدة مطلقة أو أرملة يكفي فقط وجود الزوجين.

اقرأ المزيد: لماذا يفضل السوريون شراء الذهب في أصعب فترات الأزمة الاقتصادية؟

مهر الزواج في سوريا بالذهب “مفهوم دخيل”

إلى ذلك، انتقد المحامي منيب اليوسفي، مفهوم تحديد تكاليف الزواج في سوريا من حيث تقدير المهر بالليرة الذهبية، معتبرا إياه أنه «أحد المفاهيم الدخيلة على مجتمعنا»، ومشيرا في الوقت ذاته إلى أنه انتقاصا من الليرة.

وأوضح اليوسفي في حديثه لذات الصحيفة، أن المهر قد يكون أثاثا منزليا على سبيل المثال. وفرض شروط على الزوج، تثقل كاهله، يتسبب بعزوف الشباب عن الزواج، فضلاً عن التكاليف الباهظة من مسكن ومصاريف أخرى.

ومن جهته، علق مالك محل الزريقات للذهب، على قضية تكلفة الزواج في سوريا من حيث المهر، قائلا: المهر في سوريا جزء أساسي من حياة الكثير من الناس. يختلف المهر في الحجم من دولة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى. ومن المتعارف عليه في سوريا يمكن أن يتخذ المهر شكل المال والمجوهرات والثروة الحيوانية والأرض وحتى الممتلكات. ومع ذلك، بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي والاضطرابات السياسية في السنوات القليلة الماضية في سوريا، كان لارتفاع تكلفة المعيشة تأثير كبير على المهر الذي يطلبه العديد من الأزواج الآن كهدية زفاف.

وأوضح محمد زريقات، لـ”الحل نت”، أن تضرر اقتصاد البلاد بشدة، وعانى الاقتصاد السوري منذ بداية الصراع من تغيرات جذرية أدت إلى تدهور الليرة السورية. فضلا عن ذلك، أدى تصاعد الحرب إلى تدمير النسيج الاجتماعي والبنية التحتية في سوريا. وألحقت أضرارا واسعة النطاق وشردت ملايين المدنيين داخل سوريا وخارجها. ونتيجته هو الغلاء في طلب مهور الزواج في سوريا لضمان حقوق الفتاة.

وكانت القيمة الوسطية لمهور الزواج في سوريا قبل الحرب حوالي 5000 دولار. والآن تبلغ قيمتها حوالي 12 مليون ليرة سورية،  بسبب تدهور الليرة السورية بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والعقوبات الاقتصادية.

قد يهمك: استقرار نسبي لأسعار الذهب في سوريا عند ١٧٧ ألف ليرة للغرام

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.