يدرك نواب قوى تشرين، الفائزون في الانتخابات العراقية النيابية، التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 2021، صعوبة التجربة، التي سيخوضوها داخل مجلس النواب العراقي.

ويعتقد التشرينيون أنهم سيواجهون قرارات “مجحفة” بحق العراقيين خلال المرحلة المقبلة. أو ستُواجه قراراتهم “الإصلاحية” برفض من القوى السياسية التقليدية، التي تفرض هيمنتها على أغلب مقاعد البرلمان العراقي، منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003. مما قد يجعلهم غير قادرين على مواجهة القوى المتنفذة إلا من خلال الضغط الشعبي، الذي جاءوا من رحمه.

إلا أن كثيراً من المراقبين للشأن العراقي يرون أن لجوء قوى تشرين إلى خيار تحريك الشارع سيكون لمصلحة القوى السياسية التقليدية في العراق. لأنه سيجعلها قادرةً بدورها على إنزال أنصارها إلى الشارع. وسيغرق العراق وقتها بصراع أهلي، غير مضمون العواقب. وهو صراع ستكون الأحزاب التقليدية، التي تعوّدت على النزاعات الأهلية، الأقدر على حصد نتائجه.

فما الخيارات المطروحة أمام نواب قوى تشرين ضمن هذا الشرط الصعب؟ وهل ما يزال خيار اللجوء إلى الشارع مطروحاً بالنسبة لهم؟

الدور المحوري لنواب قوى تشرين

“منار العبيدي”، المتحدث باسم “حركة امتداد“، وهي من أبرز القوى المنبثقة عن انتفاضة تشرين، والفائزة بتسعة مقاعد في البرلمان العراقي، يقول إن «أصوات الناخبين، التي حصلت عليها الحركة، كانت كفيلة بفوزها بمقاعد أكثر في مجلس النواب العراقي. لولا سوء تخطيط قيادة الحركة. بسبب عدم امتلاكها للخبرة الكافية في التعامل مع العملية الانتخابية. لا سيما وأنها تخوض هذه التجربة للمرة الأولى».

كما يضيف، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الحركة، ونواب قوى تشرين عموماً، قادرون على لعب دور محوري داخل البرلمان العراقي، عبر رفض قوانين وتمرير أخرى، تصبّ في مصلحة المواطنين. وفي حال لم تتمكن “امتداد” من فرض إرادتها داخل البرلمان. بسبب هيمنة الأحزاب التقليدية على أغلب المقاعد. فستقوم بتحريك الشارع ضد تلك الأحزاب. كونها تملك قاعدة جماهيرية ليست بالقليلة».

«يجب فضح القوى السياسية التقليدية»

من جهته يرى المحلل السياسي “بسام القزويني” أن «نواب قوى تشرين، والقوى المستقلة، التي دخلت البرلمان العراقي الحالي، قد يكونون بداية أمل جديد للعملية الديمقراطية في العراق. لأن كثيراً من المواطنين كان ينتابهم التردد. وقد ظهر هذا في مقاطعة الانتخابات المبكرة، التي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 50% من الناخبين».

“القزويني” أضاف، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «نتائج الانتخابات، التي أسفرت عن وصول نواب قوى تشرين إلى السلطة التشريعية، أحدثت مفاجأة. ونوعاً من إعادة الحسابات. ورسماً جديداً للخارطة الذهنية لدى المواطنين. مفاده أن دخول الشخصيات المستقلة الجديدة لمجلس النواب العراقي يشير إلى إمكانية التغيير السياسي في البلاد، وتشكيل القوى الجديدة للكتلة الأكبر في البرلمان، لو أن النسبة الأكبر من الشعب لم تقاطع الانتخابات».

ويعتقد المحلل العراقي أن «الانتخابات لو أجريت في وقت لاحق فإن مؤشرات التصويت كانت ستشهد ارتفاعا نحو زيادة مساحة القوى المستقلة. والأمر الآن يتوقف على مدى نجاح هذه القوى الجديدة. ليس فقط في إحداث التغيير، بل بحماية نفسها من الوقوع في مضمار الفساد، وفخ الأحزاب التقليدية».

وعن قائمة المغريات، التي يمكن أن تعرضها القوى السياسية التقليدية على نواب قوى تشرين، حذّر “القزويني” من «انجذاب التشرينيين للمغريات السياسية. لأن هذا الأمر سيقضي على العملية الديمقراطية. ويعيد الوجوه السابقة، التي رفضها الشعب، إلى الساحة مرة أخرى».

متابعاً حديثه بالقول: «يقع على عاتق نواب قوى تشرين مسؤولية فتح سجل فضائح الأحزاب التقليدية. وأن تكون معارضتهم منتجة. ولا تكرر ممارسات قوى المعارضة السابقة، التي كانت سبباً في الازمات. وهذا ما انعكس سلباً على حياة المواطنين».

متوقعاً أنه «في حال سير المستقلين بالاتجاه الصحيح فإن هذا سيكسبهم دعماً وقبولاً دولياً. لا سيما وأن الانتخابات المبكرة جاءت للخلاص من سلوك الأحزاب التقليدية، المُثقل بالفساد والاخفاق».

«الناشطون منحوا نواب قوى تشرين ستة أشهر»

“أبو زين العابدين”، الناشط البارز في حراك تشرين، يرى أن «تجربة نواب قوى تشرين في ساحات الاحتجاج تجعل الناشطين يثقون بقدرتهم على إحداث تغيير ملموس خلال الفترة القادمة. كونهم وهبوا كل ما يملكونه من أجل العراق». حسب تعبيره.

كما يضيف في حديثه لـ«الحل نت»: «جميع الناشطين يدعمون نواب قوى تشرين في معاركهم المقبلة ضد الفاسدين من المسؤولين في الدولة. وفتح الملفات التي تمسّ أمن البلاد ومواردها، من منافذ حدودية ونفط ومصافٍ. وكذلك تهريب السلع وإدخال المخدرات».

ويتوقع “أبو زين العابدين” أنّ «نواب قوى تشرين يعتزمون كذلك فتح الملفات، التي شابها الفساد في السنوات السابقة، ومن ضمنها الحرب ضد داعش، وكيف استُغل تمويلها لصالح الفاسدين. كما انهم سيرصدون ملف بيع المناصب».

وحول جبهة المعارضة، التي شكلتها قوى تشرين في البرلمان العراقي، يؤكد الناشط أن «اجتماعات النواب الجدد من المستقلين، التي كنت حاضراً بها، أكدت على عدم امكانية الحوار والتفاوض مع الأحزاب التي أساءت للعراق. ومدت يدها لدول الجوار على حساب مصلحة الوطن. فضلاً عن تورّطها في سرقة المال العام وقتل المتظاهرين».

لافتاً إلى أن «ناشطي الاحتجاجات منحوا نواب قوى تشرين نحو ستة أشهر، ليظهروا فيها نتائج خطواتهم. وقدرتهم على إحداث التغيير».  

نواب قوى تشرين ومراقبة أداء الحكومة

لم تواجه الحكومات العراقية السابقة معارضة حقيقية تراقب عملها. وتقيّم أداء المسؤولين فيها بشكل صريح. بعيداً عن المجاملات والمصالح السياسية. وفي هذا السياق يقول “أوميد محمد”، المرشح الفائز عن “حراك الجيل الجديد”، المعارض لأحزاب السلطة في إقليم كردستان العراق: «في المرحلة الحالية سنخوض تجربة حقيقية في مراقبة عمل الدولة. وذلك للتوصل لحكومة رصينة. وعمل المعارضة في كل الدول الديمقراطية هو مراقبة خطوات العمل في كل وزارات الدولة».

للقراءة أو الاستماع: قوى تشرين والتيار الصدري: هل يشهد العراق تحالفاً ضد الجهات الرافضة لنتائج الانتخابات؟

كما يتابع في حديثه لـ«الحل نت»: «في حال لم نشكّل كتلة مع الأحزاب المعارضة الأخرى، فسيكون لـ”حراك لجيل الجديد” دور كبير في القرارات التي ستصدر من البرلمان العراقي. وحراكنا يرحب بالعمل مع كل نواب قوى تشرين، وغيرهم من النواب الذين يسعون لمكافحة الفساد».  

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.