أسباب متابعة النساء للأبراج.. ما هو تأثير المجتمع السوري؟

أسباب متابعة النساء للأبراج.. ما هو تأثير المجتمع السوري؟

في عام 1985 أجرى الفيزيائي الأمريكي، شون كارلسون، تجربة انضم إليها 28 فلكي مشهور، أراد من خلالها التأكد من صدق أخبار الفلك عبر تجربة علمية اعتمدت على دراسة شخصية 100 مشارك، تم تحديد مواعيد ميلادهم بدقة باليوم والساعة، و قام الفلكيون المشاركون بالتجربة برسم الخريطة الفلكية الخاصة بالمئة شخص موضوع الدراسة، من خلال تحديد مواقع الشمس والنجوم والكواكب لحظة ميلاد المشاركين، ثم تم أجرى اختبارات نفسية تحدد بدقة طبيعة شخصيات الأفراد المشاركين في التجربة، ووضعت نتائج الاختبارات بدون أسماء أو تواريخ أمام الفلكيين، وطُلب منهم تحديد أبراج الأشخاص وفق نتائج الاختبارات النفسية الخاصة بهم.

سُميت هذه الدراسة بـ”الفلك و​​اختبار العمى المزدوج” وقد توصلت إلى أن ادعاءات الفلكيين لم تكن سوى مصادفات أخطأت حينا، وأصابت في أحيان أخرى، فقد فشل الفلكيون في التوفيق بين نتائج الاختبارات الشخصية وتواريخ ميلاد الأشخاص المشاركين في التجربة، ورغم عدم إصابة الفلكيين إلا فيما صدف؛ فإن الناس عادة يميلون إلى تصديق الفلك والنجوم وهو ما تم تفسيره بـ “تأثير فورير” الذي يشير إلى ظاهرة نفسية توضح ميل الأفراد إلى رؤية كلام المنجمين على أنه دقيق وأنه وصف شخصياتهم التي يفترض أنها صممت خصيصا لهم، ولكن كلام المنجمين في الواقع عادة ما يكون غامضا وعاما لدرجة أنه يمكن أن ينطبق على طائفة كبيرة من الناس.

من البابليين إلى اليوم

“اعتقد البابليون أنه لمواقع النجوم تأثيرا على دماغ الطفل عندما يولد، الأمر الذي يجعل طباع وتصرفات وقرارات الأشخاص المولودين في ذات الفترة متقاربة”؛ بهذه العبارة تُبسط الباحثة الاجتماعية، رغدة جبري، الفكرة التي تقوم عليها تنبؤات بالفلك والأبراج، وتشير الباحثة إلى ضرورة التمييز بين علم فيزياء الفضاء “Astronomy”، و التنبؤ بيوميات الإنسان من برجه الفلكي “astroloji” فالمجالان كانا في الأزمنة القديمة شيء واحد، لكنهما اليوم بالتأكيد مجالين منفصلين تماما.

وتوضح الباحثة الاجتماعية أنه كون الأرقام تدخل في دلالات التنبؤات الفلكية لا يجعل منها علما، لأن شروط المعرفة العلمية من تجريب وملاحظة و بحث والتوصل إلى نتائج دقيقة غير متوفرة فيها.

وتتابع الباحثة الاجتماعية: “بين القرنين الـ17 و 19 تم اكتشاف كتابات بابلية عن الأبراج والفلك وعلاقة مواقع النجوم بحياة الإنسان، وبسبب تعطش الإنسان المستمر إلى معرفة المستقبل مازال هناك الكثير من المهتمين بأخبار النجوم في الشرق والغرب، ولو أن الأمر لا يتعدى عند البعض كونه تسلية، إلا أنه عند آخرين حقيقة”، وتوضح جبري بأن متابعي الأبراج يتأثرون بها ويسقطون كلام المتنبئين على يومياتهم.

لماذا تتابع النساء الأبراج؟

ولأن الباحثة جبري أشارت إلى أن عدد النساء المتابعات للفلك والأبراج أكثر من الرجال، سأل موقع “الحل نت”، مجموعة من السيدات السوريات عن مدى تصديقهن ومتابعتهن لتنبؤات الفلك.

صباح سبيعي أجابت أنها “لا تؤمن بالأبراج إلا أنها اعتادت سابقا قبل أن تغادر سوريا، على متابعة الأبراج الصباحية مع فنجان قهوتها، وأنها كانت تتابع تنبؤات أبراج أولادها المسافرين”. وتضيف “إذا كانت تنبؤات الأبراج إيجابية أفرح وأتفاءل بها وإن كانت سلبية، أذّكر نفسي أنها مجرد خرافة من خرافات الإنسان القديم”.

نادية الرفاعي تؤمن بأن “تنبؤات الفلك هي إحدى أشكال العلم، إلا أنها رغم ذلك تتابع الأبراج فقط من باب التسلية”. بينما تهتم الصحفية غالية الطيبي بمتابعة خريطتها الفلكية وطالعها الفلكي وتقول أن ذلك “مختلف عن الأبراج اليومية وأنه أكثر عمقا وصدقا منها”.

الرجل يتابع أيضا الأبراج لكن بشكل مختلف

في عام 1982 نُشرت دراسة في دورية “Personality and Individual Differences” ربطت بين ميل الناس إلى متابعة أخبار الفلك والأبراج، ومستوى التوتر والمشاكل التي يعانون منها في الحياة والعلاقات، وبحسب الاستشارية النفسية إسراء قطاش، فإن متابعة توقعات الأبراج السنوية هي بمثابة طقوس الاحتفال برأس السنة مثلها مثل شجرة الميلاد والزينة عند البعض.

وتشير قطاش في حديثها لـ”الحل نت” إلى أن نسبة النساء اللواتي يتابعن أخبار الفلك والأبراج هي بلا شك أعلى من نسبة الرجال، موضحة أنه قد يتابع الرجل توقعات الأبراج السنوية لمعرفة أخبار الحروب والاقتصاد، في حين تتابع النساء الأبراج لمعرفة الأمور العاطفية، بحسب رأيها.

وترجع الاستشارية النفسية السبب في ذلك إلى أن “اهتمامات نسبة كبيرة من النساء محسورة بالرجل؛ الزوج أو الحبيب، لأن المجتمع يحرم النساء من ممارسة الحياة المهنية والتعليمية بذات المساحة التي يتمتع بها الرجل مما يجعل اهتماماته متعددة وواسعة”.
وتضيف قطاش: “نسبة كبيرة من النساء تهتم بالأبراج لمحاولة معرفة المستقبل الذي يبدو مجهولا ومبهما بالنسبة لها، بخاصة أن الرجل مسيطر على شؤون حياتها ولا تملك القدرة على التخطيط باستقلالية لمستقبلها، كما أن عدم تقدير المحيط للمرأة وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات حياتها يشعرها بالعجز والحزن والإحباط، لذلك فإن الابراج وكلام العرافين قد يزيد شعورها بالاطمئنان”.

وتتابع “هذا ما يلاحظه العرافون الذين يستخدمون في كلامهم جمل تبعث على الأمل مثل؛ غدا سيحمل لك مفاجأة عاطفية أو بانتظارك خبر سار، وغيرها من العبارات التي تساعد الشخص العاجز والمحبط على المضي في الحياة المضطر على تحملها”.

ووفق الاستشارية النفسية فإن بعض النساء يتابعن الأبراج من باب الفضول والتسلية، ولكن عندما يصل الإيمان بكلام الأبراج إلى حد التصديق، فهذا يدل على شعور الشخص بأنه بحاجة إلى من يعطيه الأمل ومن يمكنّه من السيطرة على زمام حياته.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.