تحاول السلطة الحاكمة في دمشق الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع كل من موسكو وطهران، رغم كل الضغوط المستمرة برفض التواجد الإيراني في سوريا وذلك عبر التأكيد في أي مناسبة على أنه جزء مهم من المحور الذي يضم إيران وروسيا، ليصطدم بالتنافس الروسي الإيراني ضمن العديد من الملفات الداخلية المتعلقة بالملف السوري.

لونا والشبل والولاء لإيران

وعبر مستشارتي الرئاسة في سوريا، أكد القصر الرئاسي في دمشق أن علاقة سوريا مع إيران هي “علاقة متجذرة وتاريخية”، وذلك حسبما أعلنت المستشارة الخاصة للرئيس السوري لونا الشبل.

الشبل أضافت في تصريحات لوسائل إعلام روسية يوم أمس الثلاثاء: “إيران وقفت إلى جانبنا ولن نقابل ذلك بالغدر بل بالوفاء”.

للقراءة أو الاستماع: الأسد يسيطر على قطاع الاتصالات السوري بالكامل؟

وقالت إن “الشعب السوري لن يموت لا جوعا ولا بردا، ونحاول تأمين المتطلبات الأساسية لمواصلة دوران الاقتصاد، وبقاء الدولة رغم الصعوبات”

كما تحدثت الشبل عن الدعم العسكري والاقتصادي الروسي لسوريا، لافتة إلى أن “الحليف الروسي قدّم أقصى ما يستطيع تقديمه، ولنكن منصفين، نحن طلبنا أقصى ما نريد، وموسكو قدمت ولا تزال أقصى ما تستطيع، سواء في الحرب أو في الاقتصاد”.


تصريحات الشبل سبقها حديث مماثل للمستشار السياسية للرئيس السوري بشار الأسد، بثينة شعبان، التي أشارت مؤخرا في تصريحات إلى أن “إيران كانت الدولة الأولى التي ساعدت سوريا، وأرسلت إليها مستشاريها، وإن السوريين لن ينسوا مساعدة الإيرانيين”.

ووصفت شعبان علاقة بلادها بطهران بأنها “أهم بكثير من علاقتها مع دول بعيدة”.

وأشارت شعبان إلى أن وجود قائد فيلق القدس السابق في “الحرس الثوري” الإيراني قاسم سليماني، بنفسه كان “أكبر مساعدة لنا”، وأضافت بأن إيران قدمت في مجال النفط والأدوية الكثير من المساعدات للشعب السوري وهو لن ينسى تلك المساعدات.

الصحفي السوري، عقيل حسين، يرى بأن دمشق تسعى للتأكيد من خلال تلك التصريحات على أنها جزء مهم من المحور الذي يضم ايران وروسيا، بينما هي في الواقع إحدى أدوات هذا المحور لا أكثر.

ماذا وراء هذه التصريحات؟

يقول حسين في حديثه لـ”الحل نت”: “يجب أن نلاحظ أولا بأن زيارة لونا الشبل إلى روسيا جاءت بعد يوم واحد فقط من انتشار الشرطة العسكرية الروسية في ميناء اللاذقية، الذي يفترض أن يكون من حصة إيران بعد استحواذ موسكو على ميناء طرطوس، وعليه فهذا يشير ربما إلى وجود اتفاق معين يتعلق بشيء حول هذا الميناء على وجه الخصوص، فزيارة لونا الشبل تأتي في هذا الإطار، لأنه ليس هناك تطور حقيقي آخر يمكن الربط بينه، وبين هذه الزيارة غير المعلن عنها مسبقا”.

وحول تصريحات الشبل يضيف حسين: “بما يخص التصريحات حول “الحلف المقدس” مع إيران واتهاماتها القوية لتركيا، تندرج بشكل عام في إطار التصعيد الإعلامي بين روسيا وتركيا، والذي تزايدت حدته مؤخرا”.

ويعتقد حسين أن تصريحات الشبل وقبلها بثينة شعبان المشددة على الترابط بين دمشق وطهران، تؤكد مجددا أن كل الحديث عن فك هذا الترابط “وهم يبيعه أصحاب المصالح السياسية من العرب وغير العرب للجمهور من أجل تبرير خطوات الانفتاح على حكومة دمشق”.

الأسد يستجيب للروس؟

تقارير صحفية عربية، كانت قد أفادت في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، بحدوث اجتماعات مكثفة داخل “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري الإيراني”، الذي يقوده إسماعيل قاآني، واجتماعات أخرى داخل “المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني”، لبحث زيادة التوترات بين “الحرس الثوري الإيراني”، والحكومة السورية في الآونة الأخيرة، خصوصا مسألة بقاء الحرس الثوري هناك.

وقد بينت بعض التقارير بأن الأسد قد يتجه للتنسيق مع روسيا لتحجيم النفوذ الإيراني، بعد ضغوط إسرائيلية حيال ذلك، ورغبة الأسد في استجلاب الدعم العربي.

وكانت الحكومة السورية قد طلبت مؤخرا، من طهران سحب جواد غفاري قائد “الحرس الثوري الإيراني” في دمشق.

وقال آنذاك مصدر مقرب من “الحرس الثوري الإيراني” لموقع “عربي بوست” القطري: “كان الطلب بمثابة صدمة للقيادة العليا في طهران، فالجنرال غفاري من أكفأ العسكريين الذين ساندوا سوريا في حربها منذ سنوات”.

وأضاف المصدر قائلا: “الغفاري مقرب جدا من الجنرال الراحل سليماني، وهو من أمر بتعيينه في حلب بطلب شخصي وخاص قدمه إلى آية الله خامنئي”.

لم يتوقف الأمر عند طلب الحكومة السورية سحب القائد العسكري الإيراني جواد غفاري، والذي قبلته القيادة الإيرانية على مضض، لكنه امتد حول وجود نقاش وخلاف حول التواجد الإيراني في سوريا، بعد سنوات من توسيع نفوذ طهران في البلد الذي مزقته الحرب منذ عقد من الزمن.

يقول مصدر مقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: “في الأيام الأخيرة، كانت هناك عدة اتصالات بين القيادة السورية والإيرانية، كان أغلبها يهدف إلى إيصال رسالة للقيادة في طهران، بأن النظام السوري يريد تقليل انتشار القوة العسكرية الإيرانية في دمشق”.

قد يهمك: روسيا وتفاصيل الغارات الإسرائيلية.. دعاية حربية أم إحراج لبشار الأسد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.