في الصراع السوري، أصبحت “الفصائلية” بلاء مزمنا، بل مصدر خطر ومعاناة لأهالي المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق في شمال غربي سوريا، وذلك بسبب انتشار السلاح وتفلته والتدهور الأمني الحاصل هناك.

في حين يتضح من التحالفات الجديدة التي تشكلت مؤخرا بين فصائل في “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من أنقرة. وسط حالة مستمرة من التشرذم وعدم الانصياع لقيادة موحدة وعمل منظم. أن هناك تكرار لفشل تجربة هذا الجسم العسكري المعارض الذي لم يتمكن من إنهاء حالة “الفصائلية”. فانغمست المعارضة في معارك شرسة على النفوذ نتيجة عدم اجتماعها في جسم واحد ما أدى إلى استنزافها على مدى السنوات العشر الماضية.

“ثائرون” و”الجبهة” تكتل جديد

وأعلنت، أمس الأحد، فصائل “حركة ثائرون” و”الجبهة السورية للتحرير”، في بيان لهم، الاندماج ضمن تشكيل جديد يحمل اسم “هيئة ثائرون للتحرير”. البيان ذكر أن التشكيل/التحالف الجديد (غير مفهوم الأهداف والدوافع) يتبع “الجيش الوطني” المعارض. وأن الاندماج هو “للتأكيد على تماسك الصفوف وتوحيد الكلمة”.

وتضم “حركة ثائرون” خمسة فصائل أعلنت اندماجها، مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت، وهي: “فرقة السلطان مراد، فيلق الشام – قطاع الشمال، ثوّار الشام. وفرقة المنتصر بالله، الفرقة الأولى بمكوناتها (لواء الشمال والفرقة التاسعة واللواء 112)”.

أمّا تشكيل “الجبهة السورية للتحرير” فقد أُعلن عنه، مطلع شهر أيلول/سبتمبر الماضي. وذلك باندماج خمسة فصائل، أربعة منها خرجت من “عزم” وهي: “فرقة الحمزة، وفرقة السلطان سليمان شاه، والفرقة 20، وصقور الشمال”. إضافة إلى “فرقة المعتصم”، كما أعلنت الجبهة، مؤخرا، انضمام فصيل “فرقة القوات الخاصة” إلى صفوفها.

للقراءة أو الاستماع: ما حقيقة الاتهامات المتكررة لـ”الجيش الوطني” حول قتال عناصره خارج سوريا؟

تشكيلات الجيش الوطني بلا فائدة

ومع كل اندماج جديد، تعيد التساؤلات القديمة نفسها، حول الأهداف الحقيقية من هذه التشكيلات ومآلات هذه الاندماجات غير المبررة. في حين يعيد الشارع السوري في مناطق سيطرة المعارضة؛ الرد بصيغة مبهمة إلى متى سيستمر التشرذم والتدهور الأمني وضياع البوصلة والفصائلية. وما الحاجة لفصائل عسكرية متعددة عاملة ونشطة وتتوحد وتتشظى كل لحظة، طالما لا توجد جبهات قتال.

المحلل العسكري، عبد الله حلاوة، الذي لا يجد إجابة مقنعة عن هذه التساؤلات، يقول لـ”الحل نت”، إنه عندما بدأ القتال المسلح في سوريا، كانت المجموعات العسكرية في الأساس تشكيلات ذات مهمة وهدف محددين. فيما تطورت معظم الفصائل عبر السنوات السابقة، وظيفيا ومؤسساتيا، وحولت “التجمعات المسلحة العفوية” الأساسية إلى أنظمة معقدة.

وبيّن حلاوة، أن هذا التحول في البنية التشكيلية، من “جيش ثوري” إلى نظام حكم صغير، لم يكن شكليا وبنيويا فحسب. بل كان له أيضا تأثير على وظيفة هذه الفصائل.

ومع مرور الوقت وبصورة ما، يعتقد حلاوة، أن فصائل المعارضة السورية طورت شبكة مصالح معقدة. وحرص أصحابها على استمرار “الوضع الفصائلي” حتى يتمكنوا من الاستمرار في الاستفادة منه.

نتيجة كل هذا، يرى المحلل العسكري، أن قوات المعارضة وبسبب الحالة الفصائلية حولت المناطق التي تسيطر عليها إلى إمارات غير معلنة. تتنافس أحيانا وتقاتل أحيانا على السلطة والنفوذ.

للقراءة أو الاستماع: ريف حلب.. أكبر فصائل الجيش الوطني متورطة باختطاف طفل في مدينة الباب

التغيب عن العمل

وشكلت العوامل الداخلية محورا في الحد من دور الفصائل وساهمت في تراجعها. وتشمل النقص أو الفشل في بناء قادة أكفاء. فضلا عن النزاعات والخلافات الداخلية، التي كانت الفصائل الإسلامية هي المبادر الرئيسي إليها.

ووفقا للمحلل العسكري، العقيد عبد الرحمن حلاق، في حديث سابق لـ”الحل نت”، فإن مما زاد الطين بلة، عدم إعطاء الضباط المنشقين دور حقيقي في الفصائل العسكرية التي تتلقى دعما من “الحكومة المؤقتة” المدعومة من أنقرة. “حيث وجدوا أنفسهم تحت إمرة شيخ من الجماعات الإسلامية، لم يفهم شيئا عن الجيش. أو أشخاصا من مهن أخرى مهندسون وأطباء ومعلمون. في حين وجد الضابط أنفسهم مضطرين إلى تنفيذ أوامر غير مهنية، وأوامر كارثية من غير المتخصصين”، وفق حلاق. 

وكان قد أُعلن، في تشرين الأول/أكتوبر 2019، بمدينة شانلي أورفة جنوبي تركيا، عن تشكيل “الجيش الوطني” من قبل مجموعة من القادة العسكريين في المعارضة السورية. وذلك بقيادة وزير الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة”، ورئيس هيئة الأركان آنذاك، سليم إدريس.

ويضم “الجيش الوطني” كل من ثلاثة فيالق، إلى جانب “الجبهة الوطنية للتحرير”، التي شكلت من 11 فصيلا من المعارضة المسلحة في محافظة إدلب، في أيار/مايو 2018.

للقراءة أو الاستماع: تصفية حسابات بين فصائل “الجيش الوطني” تحت غطاء “محاسبة الفساد”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.