قبل الحرب، كان النظام الصحي في سوريا مماثلا لنظام البلدان المتوسطة الدخل الأخرى. ومع ذلك، أدى الصراع الطويل إلى تدمير كبير للبنية التحتية الصحية. كما أدى الافتقار إلى الأمن والاستهداف المباشر للعاملين الصحيين والمرافق الصحية إلى نزوح جماعي للموظفين والعاملين الصحيين للعمل دون إجراءات تذكر من قبل الحكومة التي ينص دستورها على أن توفير الرعاية الصحية هو مسؤولية الدولة.

الواقع سيئ بالمجمل

أكدت رئيسة نقابة عمال الصحة في اتحاد عمال اللاذقية، غادة يونس، أن القطاع الصحي في محافظة اللاذقية سيء بشكل عام، مشيرة إلى استنفاد الكادر الصحي من أطباء إلى ممرضين، على الرغم من أن طاقم التمريض هو العامل الرئيسي في هذا المجال. 

وعلى هامش انعقاد مؤتمر نقابة الصحة السنوي، أمس الثلاثاء، قالت غادة يونس لـصحيفة “الوطن”، هل يعقل أن يكون طبيب واحد في محافظة اللاذقية ضمن المنافسة المركزية رغم حاجتنا لعدد كبير من الأطباء في ظل النقص واستنزاف الكادر البشري من الأطباء والنقص في جميع التخصصات في مستشفيات اللاذقية وخاصة تخصصات الصدرية؟

وأردفت، أن “واقع الحياة أثر على العاملين في المجال الصحي، فبعضهم ترك البلاد والبعض الآخر أحال نفسه للتقاعد بموجب المرسوم 346 الذي ينص على سنوات الخدمة”.

وشددت رئيسة نقابة عمال الصحة، على أهمية تعديل ظروف العمل للعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين حصلوا على درجات أعلى أثناء العمل، داعية إلى زيادة الأجور بما يتناسب مع العمل الكبير الذي يقوم به الجميع في هذا القطاع، حيث إن جميع الزيادات في الرواتب لم يخرج هؤلاء العمال من تحت الصفر بالنسبة للوضع المعيشي.

للقراءة أو الاستماع: استقالات متكررة ونقص في الأدوية.. قطاع الصحة متهالك في دمشق

الأطباء يبحثون عن لقمة العيش

وفي السياق ذاته، أشارت غادة يونس، إلى أن مديرية الصحة أصدرت أمرا بتصفية عدد من المرافق الصحية في التجمعات الريفية بالمحافظة، مفيدة بأن إغلاق المراكز الصحية في ريف اللاذقية لأسباب متنوعة منها الإيجارات و نقص الموظفين. إذ باتت العيادات في الأرياف بلا أطباء أو ممرضين.

وقالت إن المديرية توفر تسهيلات للتعاقد مع الأطباء في المراكز الصحية باللاذقية مع ساعات عمل مناسبة، لكن الأطباء يرفضون ذلك ويبحثون عن عمل مناسب داخل المدينة بسبب سوء الأحوال المعيشية.

وأشارت رئيسة نقابة عمال الصحة، إلى أن نقص العاملين يؤثر على المستشفيات أكثر من المستوصفات؛ لأن المستشفيات تعمل على مدار 24 ساعة في اليوم، وهذه مسألة يجب على جميع الأطراف المعنية دراستها بعناية.

للقراءة أو الاستماع: بسبب “الطهور” طفل يفقد عضوه الذكري والطبيب يتهرب من المسؤولية

تأثير الصراع على النظام الصحي السوري والموارد البشرية الصحية 

أدى الصراع في سوريا، الذي بدأ في عام 2011، إلى حالة طوارئ إنسانية معقدة. حيث نزح أكثر من 13 مليون شخص داخليا و6 ملايين لاجئ من إجمالي عدد السكان المقدر بـ 22.5 مليون. ودفع الصراع وما نتج عنه من تدمير للبنية التحتية الصحية إلى أزمة صحية عامة حادة. مما أثر بشكل أكبر على صحة السكان. 

ومع عدم كفاية المرافق والمعدات غير الكافية. وبالرغم من نص الدستور السوري على أن توفير الرعاية الصحية هو مسؤولية الدولة ويتم تنفيذ ذلك في الغالب في 14 محافظة. لكن يشير الطبيب زياد المحاميد، إلى أن التمويل الحكومي آخذ في الانخفاض. حيث خصص 2.9 بالمئة فقط من الإنفاق الحكومي للصحة. 

وأوضح المحاميد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن محاولات زيادة استقلالية مقدمي الخدمات من القطاع الخاص أدت إلى زيادة عدم المساواة في الحصول على الرعاية. مع تأثير خاص على أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية. حيث نمت الشراكات بين القطاعين العام والخاص في قطاع المستشفيات. وأصبح ما يصل إلى 20 بالمئة من المستشفيات العامة الكبرى “منظمات مستقلة” مع بعض الاستقلالية عن وزارة الصحة. 

وبيّن المحاميد أنه القطاع الخاص ركز على المناطق الحضرية الكبرى، ولا سيما دمشق وحلب. مما ترك المناطق الريفية ضعيفة الموارد. مضيفا، أن تلبية الاحتياجات الصحية الحالية والمستقبلية لهؤلاء السكان يعوقها الافتقار إلى البيانات الوبائية السليمة مثل المسوح السكانية لتحديد العبء الحالي للمرض. بدون إستراتيجيات الجمع هذه، يصعب تقييم فعالية التدخلات.

للقراءة أو الاستماع: زيارة الطبيب محرمة على فقراء سوريا.. والوصفات الشعبية تغزو الأسواق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.