داخل جناح الأورام في مستشفى الأطفال بدمشق، يعاني الأطباء من نقص حاد في الأدوية المتخصصة لعلاج مرضى السرطان الصغار؛ ليس فقط بسبب الفوضى العامة ولكن أيضا بسبب نقص الدعم الحكومي في سوريا، حيث يلقي مسؤولو الصحة في الحكومة باللوم على العقوبات الغربية في تقييد واردات الأدوية بشدة، رغم أن الإمدادات الطبية معفاة إلى حد كبير من الإجراءات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لا أدوية لمرضى السرطان!

كشف مدير مستشفى “البيروني”، الدكتور إيهاب النقري، يوم الأربعاء، إن ندرة أدوية السرطان زادت بشكل مطرد إلى نحو 65 بالمئة بسبب نقص الإمدادات.

وبحسب النقري، فإن شركة “فارماكس” تقدم حاليا عددا قليلا من أدوية السرطان ضمن العقود الموقعة في العام الماضي، مبينا أن البديل متاح إذا سمح به الطبيب المختص أو يضطر المريض لتأمين أدويته بنفسه، أو عن طريق اللجوء إلى الجمعيات الخيرية، بسبب ارتفاع تكاليف هذا النوع من الأدوية.

وفي السياق ذاته، اعترف شادي جوهرة، مدير المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، لـصحيفة “الوطن” المحلية، بأن العديد من علاجات السرطان ستكون متاحة خلال الشهر القادم نتيجة مناقصات عقدتها المؤسسة، التي صادقت على 204 علامة تجارية دوائية في عام 2021، بما في ذلك أدوية السرطان، دون توضيح عن سبب نقصها في الوقت الحالي.

وقال الجوهرة، إن أدوية السرطان تشكل حوالي 50 إلى 60 في المئة من جميع طلبات الأدوية، وأن توريد الأدوية يستغرق وقتا، بدءا من العقود والتمويل وفتح الاعتمادات أو الدفع لاحقا واستيراد المستحضرات.

للقراءة أو الاستماع: مشفى الأمراض السرطانية بلا زمر دوائية.. والإصابات ترتفع ١٠ في المئة

انخفاض الرعاية لمرضى الأورام

دفعت عشر سنوات من الصراع الخدمات الصحية السورية، التي كانت في يوم من الأيام واحدة من أفضل الخدمات الصحية في الشرق الأوسط، إلى الانهيار، إذ إن أقل من نصف مستشفيات البلاد تعمل بشكل كامل كما انخفض عدد الأطباء بشكل حاد.

وأوضح طبيب الأورام، عبد الرحمن المسالمة، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه قبل الصراع، كانت سوريا تنتج 90 بالمئة من الأدوية التي تحتاجها، لكن الأدوية المضادة للسرطان كانت من بين الأدوية التي تعتمد فيها تقليديا على الواردات. 

ذكر المسالمة، أن واردات الأدوية تضررت بسبب التخفيضات الكبيرة في ميزانية الصحة الحكومية منذ عام 2011 بالإضافة إلى انخفاض قيمة الليرة السورية، مما جعل بعض الأدوية باهظة الثمن. 

وبيّن طبيب الأورام، أنه يزور مستشفى دمشق نحو 200 طفل كل أسبوع أكثر من 70 بالمئة منهم من خارج العاصمة. كما يوجد بالمستشفى 36 سريرا فقط، 17 منها مخصصة للأطفال المصابين بالسرطان.

وكشف المسالمة، أنه نتج عن اجتماع عقد مؤخرا للمهنيين الصحيين السوريين قائمة تضم 168 منتجا “مطلوب بشكل عاجل” في الأشهر الـ 12 المقبلة، بما في ذلك 92 دواء أساسيا و33 دواء للسرطان. 

 ومما يعقد الوضع أن سوريا لا تملك المال لاستيراد الأدوية. وتسعى وكالات الأمم المتحدة للحصول على مساعدات بنحو 1.4 مليار دولار للحصول على الأدوية والمعدات الطبية.

للقراءة أو الاستماع: “أكتوبر الوردي”.. ليس توعية بالمرض فقط بل بأسلوب الحياة

عدد مرضى السرطان في سوريا

لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد مرضى السرطان في سوريا. ما يثير تساؤلات حول مدى وعي وزارة الصحة بتوفر أو نقص أدوية السرطان في سوريا.

اهتم “السجل الوطني السوري للسرطان”، الذي تأسس عام 2001، بتوثيق عدد مرضى السرطان. لكن رئيس قسم الباثولوجيا في كلية الطب جامعة تشرين، الدكتور زهير الشهابي، قال في الـ11 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إن السجل لم يتم تحديثه منذ اندلاع الحرب في سوريا.

وتتناقل الصحف المحلية شكاوى المرضى وذويهم باستمرار. والتي بدأت تناقش النقص الحاد في الأدوية بكافة أنواعها في العديد من المستشفيات العامة. بالتزامن مع تعليق الوزارة عملها مع عدد من الصيدليات المحيطة بالمستشفيات العامة بدمشق في منتصف عام 2019.

في عام 2013، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن مرض السرطان يأتي في المرتبة الثالثة بين 10 أسباب رئيسية للوفاة في سوريا. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الحالات وسط الأزمة الطبية المستمرة، حيث خرجت عدة مستشفيات عن الخدمة وأخرى تعرضت لأضرار جزئية.

وقدمت “منظمة الصحة العالمية” العلاج إلى 16500 مريض بالسرطان في سوريا، بدعم دولي. وفقا لتقرير صدر في 17 نيسان/أبريل 2017، وبحسب التقرير، يحتاج حوالي 25.000 مريض بالسرطان في سوريا إلى العلاج كل عام. من بينهم 2500 طفل دون سن 15، يعانون من سرطان الدم وسرطان الغدد الليمفاوية.

للقراءة أو الاستماع: سيدات سوريات يروين تجربتهن مع سرطان الثدي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.